إصلاح الملابس القديمة ضرورة لاكتمال فرحة العيد في غزة
علا موسى-غزة
داخل الأسواق الشعبية في غزة ينشط الخياطون في موسم عيد الفطر هذا العام على غير العادة، فالناس يقبلون عليهم لإصلاح ملابس أطفالهم وملابسهم وحتى أحذيتهم القديمة، إذ رغم علمهم بأنه سيكون عيدا حزينا على الغزيين، فإن رغبة أطفالهم في اللعب واللهو أجبرتهم على ذلك.
ظروف الغزيين الصعبة أحيت مهنة الخياطين في غزة هذا العام رغم الركود الكبير في مهنتهم باقي العام، إذ تلجأ معظم الأسر الفقيرة إلى انتقاء الملابس الجيدة التي تحتاج إلى إصلاح أو تقصير ليبدو مظهرها جيدا على أطفالهم.
تصليح ثياب الأطفال
أبو عبد الله ديب يعمل خياطا في حي النصر غربي مدينة غزة، ويلاحظ الإقبال الكبير للناس عليه منذ منتصف شهر رمضان ولغاية اللحظة، بل أحضر عاملين لمساندته في عمله. كما يلاحظ أن غالبية الثياب التي تحتاج إلى إصلاح هي ثياب الأطفال، ولا تكلف الأسرة كثيرا، فهي ما بين شيكلين إلى خمسة (0.6 إلى 1.5 دولار).
يقول ديب "حاليا في غزة الملابس رخيصة، وهناك بضائع منذ عامين لم تُبع في المحلات والمخازن التجارية.. الفقر يظهر على وجوه الناس، والسيدات يحضرن لإصلاح الملابس وعلى وجوههن البؤس.. ما باليد حيلة أمامهن، وفي أوقات كثيرة لا يملكن حتى ثمن الخياطة، ولا أستطيع أن أجبرهن على الدفع".
18 ساعة عمل
لا يخفي ديب أن الخياطين في غزة يعملون في العشر الأواخر من رمضان قرابة 18 ساعة يوميا، لكن الكثيرين منهم لا يجبرون الناس على دفع مبلغ معين، بل حسب قدرتهم المادية.
من جهة أخرى يشتكي أصحاب المحلات التجارية والباعة من قلة البيع -مقارنة مع السنوات السابقة- خلال أجواء تحضيرات عيد الفطر المبارك، فهذا العام ارتفعت نسبة الفقر في غزة، ولم تحل أزمة رواتب الموظفين العمومين الذين يشكلون العجلة الأساسية للاقتصاد الغزي، وعددهم 100 ألف موظف يتبعون حكومة غزة وحكومة السلطة الفلسطينية في رام الله.
الاستدانة لتأمين ثمن الخياطة!
وبداخل سوق الزاوية الذي يعتبر أهم الأسواق الغزية، يعمل محمد الطناني (50 عاما) خياطا على ماكينتين لخياطة الملابس والحقائب وأخرى للأحذية، وهو يلاحظ هذا الموسم الإقبال غير العادي عليهم، إلى جانب أن منهم من يستدين لتأمين ثمن الخياطة.
يقول الطناني "نصلح حتى الحقائب النسائية الجلدية والملابس.. الظروف قاسية على الغزيين والفقر قتلهم.. بعضهم يؤجل دفع المقابل المادي للخياطة، وأنا أنظرهم لأنني في باقي العام سأعمل لأيام قليلة، وأنا أيضا فقير.. في غير موسم الأعياد أعمل في يومية قرابة 20 شيكلا (6 دولارات)".
وعود الأمهات الغزيات
تحاول الأمهات الغزيات اللواتي يتوجهن إلى الخياطين لإصلاح ملابس أطفالهن تخفيفا عنهم لعدم حصولهم على ملابس جديدة، وهو ما فعلته سماهر أبو قشطة (38 عاما) من حي الشيخ رضوان وسط مدينة غزة، فهي أم لأربعة أطفال ووالدهم عاطل عن العمل منذ ثلاثة أعوام.
شعرت سماهر بالحرج أمام أطفالها، لكنها اضطرت لأن تخبرهم أن هذا العيد لن تحضر لهم ملابس لأن والدهم ينتظر مبلغا ماليا قبل عيد الأضحى القادم، وعندها ستشتري لهم ملابس وأحذية جديدة وألعابا.
أطفال بلا فرحة العيد
أما الحداد أحمد أبو شوقة (40 عاما) فاضطر للاستدانة من أحد أشقائه ليصلح عددا من سراويل وأحذية أبنائه الثلاثة، وهو يعيش ظروفا اقتصادية صعبة بعدما أصبح عاطلا عن العمل منذ ثلاثة أعوام ونصف، إلى جانب قطع المساعدات المالية من وزارة الشؤون الاجتماعية عنه قبل ثلاثة أشهر.
يقول أبو شوقة "لا أحد يشعر بالفقير في غزة.. السياسيون في غزة والضفة لم يحافظوا علينا، ونحن لا نريد التسول، نريد أن نعمل ونعود بما نعمله لأطفالنا.. ما ذنب أبنائي حتى لا يحتفلوا بالعيد هذا العام.. ليسوا أبناء مسؤولين للأسف".
دخل الغزي دولاران يوميا
من جهته يشير رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار جمال الخضري إلى أن سكان قطاع غزة استقبلوا شهر رمضان هذا العام ونسبة كبيرة من عائلاتهم حرمت من الموائد الرمضانية والطعام الجيد، وأن 85% من الأهالي يعيشون تحت خط الفقر، إذ يبلغ معدل الدخل اليومي للفرد الغزي دولارين فقط.