لندن كما لم ترها من قبل.. جولة في سوق "شبرد بوش" الشعبي

إذا كانت زياراتك إلى لندن تقتصر على أعرق أحيائها ومتاحفها، وإن كانت جميع معلوماتك عنها أنها مدينة الروايات الإنجليزية القديمة، فعليك اكتشافها من جديد؛ فتلك المدينة العجوز تمتلك شوارع وأسواقا شعبية تحمل ملامح شرقية أكثر مما تتخيل، وأبرز تلك الأسواق ستراها في شارع "شبرد بوش".

أقدم أسواق لندن
بقليل من البحث عن تاريخ الشارع العتيق، ستكتشف أنه أقدم أسواق العاصمة البريطانية لندن وأشهرها، حيث تجتمع فيه ثقافات شرقية مختلفة تحت سقف واحد، تراها في ألوان الفاكهة المبهجة للباعة العرب، والأقمشة الزاهية للبنغاليين، وتشمها في رائحة التوابل الهندية.

يقع هذا السوق في الناحية الغربية من لندن في شارع "شبرد بوش" الشهير، ويعود تاريخ السوق إلى أوائل القرن العشرين الميلادي وتحديدا عام 1914.

وعلى خلاف ما يوحي به الطابع الشعبي للسوق، فإنه يخضع بصرامة لقوانين البلدية هناك، حيث يتم تحديد ساعات العمل والعطلات فيه، فهو يفتح أبوابه على مدار ستة أيام في الأسبوع من الساعة التاسعة صباحا، ويغلق في السادسة مساء، وعطلته الأسبوعية يوم الأحد.

يشتهر سوق شبرد بوش بتركيبة فريدة من المحلات والمنتجات التي لن تجدها بسهولة في مدن أوروبا، فهناك متاجر الخضراوات والفاكهة العربية، التي يتنافس أصحابها في عرض بضاعتهم واجتذاب الزوار إليها.

مطاعم الفول والفلافل
كما يشتهر السوق بأنه الأفضل في مطاعم الأكلات الشعبية الشرقية، ولعل الفول والفلافل أبرزها، يأتي السياح والعرب إلى السوق خصيصا من أجل رغيف الخبز العربي وداخله الفلافل الساخنة وعليها مزيج المقبلات حسب الطلب.

ورغم وجود ما يقرب من ثلاثة مطاعم للفول والفلافل، فإن أشهرها مطعم "فلافل هات"، الذي يتشارك فيه رجلان أحدهما مصري والآخر سوداني، ولا تفارقهما الابتسامة في وجوه الزبائن.

المطعم في مجمله بسيط ويحافظ على بعض المظاهر العربية، مثل وضع طاولات الطعام مرتفعة، إلى جانب كثير من الطقوس والمظاهر التي تشعر الزائر أو المغترب العربي بأجواء بلاده.

ولأن الطعام هو عنوان ثقافة البلاد والتعريف بها، ستجد هناك المطاعم الهندية والعربية والصينية وغيرها.

ويمكنك شراء الأسماك، وهو أمر نادر الوجود في جميع أنحاء لندن، وكذلك اللحوم الحلال، والمواد الغذائية التي لا غنى عنها لأي مطبخ شرقي. 

المفاصلة واجبة

على جانبي الشارع العتيق، ستجد جميع احتياجاتك من أغطية الفراش والأدوات المنزلية، التي يصعب الحصول عليها من المحلات العادية.

أما عن المطبخ ومستلزماته، فما عليك إلا التريث في الاختيار؛ فأمامك العديد من الخامات والأنواع التي تشبه تماما التصميمات العربية للمفارش ومستلزمات الضيافة العربية، من أطقم الشاي والقهوة والصواني والسجاجيد ذات الطابع الشرقي، وتضاف عليها بعض الزخارف والرسوم الخاصة بمعالم لندن الشهيرة في بعض الأحيان.

التفاوض على الأسعار عند الشراء أمر بديهي، يضعه البائع في الحسبان، ولا يتنازل الزبائن عنه، صفقات صغيرة تحدث كل عدة دقائق، يخرج بعدها الزبائن فرحين بالسلع النادرة التي تذكرهم برائحة بلادهم مع الشعور بالانتصار عند شراء احتياجاتهم بأسعار زهيدة، في حين يهنأ البائع بأرباحه اليومية.

للنساء النصيب الأكبر
ولأن السيدات هن الأشهر في ارتياد السوق، فإن كل ما يجتذبهن من سلع ستجده الأكثر عرضا في المتاجر، مثل أغطية الرأس متنوعة الخامات والأشكال وملابس المحجبات والأقمشة السادة والمزركشة ومستلزمات الحياكة، والفضة والإكسسوارات، وبين كل قطعة ملابس ستجد حنينا إلى الوطن الأصلي.

وحتى تكتمل الصورة الشرقية، يشتهر السوق بتنظيم نشاط ثقافي وترفيهي كل فترة، في مكان يعرف "بأولد يارد لاندري"، وهي ساحة بها مقاعد خشبية كالمسرح الصيفي، تتسع لثلاثمئة مشاهد وشاشة عرض كبيرة، حيث تُقدم العروض الموسيقية والفنية وورش العمل.

وعلى موقع السوق الإلكتروني، تجد هذه الكلمات "نحن نحب عملاءنا، يأتون من جميع أنحاء العالم، ولقد كنا محظوظين بما فيه الكفاية لبناء بعض العلاقات الرائعة مع بعض الناس العظماء، هم حقا ما يجعلنا نكمل هنا".