" دراما هوليودية" من مليلية إلى ألمانيا

باول وجاكوب أثناء التصوير بالمغرب
جاكوب وبول أثناء التصوير قبل خوض مغامرة ركوب البحر سرا (دويتشه فيله)

يحكي الفيلم الوثائقي "عندما جاء بول عبر البحر" القصة الحقيقية للمهاجر الكاميروني بول ورحلته المحفوفة بالمخاطر إلى ألمانيا. ويقوم بول ومخرج الفيلم جاكوب بريوس حاليا بجولة في جميع أنحاء ألمانيا للترويج له، ويجرون مقابلات في المدارس والجامعات بعد عرضه في مهرجان "أشتونغ برلين" يوم 19 أبريل/نيسان الماضي.

التقى بول وجاكوب للمرة الأولى في مخيم للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء يقع بقلب الغابة المغربية القريبة من مليلية. كان بول ينتظر مع المهاجرين الآخرين للحصول على فرصة لتسلق السياج الذي يفصل جيب مليلية الخاضع للسيطرة الإسبانية عن البر المغربي، بينما كان جاكوب بريوس (41 عاما) هناك لإعداد فيلم وثائقي عن وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس).

الجميع متشككون
كان جاكوب قد عرف بوجود المخيم من المهاجرين الأفارقة في الرباط والدار البيضاء، وعندما ذهب إلى هناك وبدأ التصوير، كان الجميع متشككين كما يذكر بول. ويتابع "لم نكن نعرف لماذا يقوم بالتصوير، لكن بعد ذلك طرحنا الأسئلة ووجدت أن هذا كله في مصلحتنا".

اختار جاكوب بول بطلاً لفيلمه، وكان الأخير قد غادر الكاميرون قبل أربع سنوات دون إبلاغ أي شخص سوى والدته.. أراد أن يهرب من البؤس والبطالة، فاختار الطريق "الكلاسيكي" عبر نيجيريا رغم التهديد الذي تشكله منظمة بوكو حرام، ثم عبر النيجر والجزائر للوصول إلى الغابة المغربية قرب مليلية.

استغرق الأمر ثمانية أشهر، خسر خلالها كل ما يملك من نقود. يقول بول "لم يكن لدي أي موارد، ولا أحد يدعمني، على عكس الآخرين في المخيم الذين لديهم اتصالات مع أقارب وأصدقاء في أوروبا". وربما هذا ما دفع بول للعودة إلى الجزائر، والعمل في البناءلمدة ثلاث سنوات، ليدخر ما يمكنه من مال.

عندما التقى جاكوب ببول، كان قد مضى على مغادرته للكاميرون أربع سنوات كاملة. وفي المخيم، ساعد بول جاكوب على التواصل مع المهاجرين الآخرين. وبعد ثلاثة أشهر من وجوده في المخيم، استيقظ جاكوب فلم يجد بول.. لقد استقل أحد القوارب للوصول إلى أوروبا.

في ذلك اليوم وصل خبر عن غرق المراكب التي غادرت في الصباح، فتوجه جاكوب مباشرةً إلى إسبانيا على أمل أن يكون بول من بين الناجين. عندها حدثت المعجزة، حيث شاهد جاكوب بول بين الناجين على شاشة التلفزيون في نشرة الأخبار.

باول ورفاقه المهاجرون في المخيم القريب من مليليةدويتشه فيله)
باول ورفاقه المهاجرون في المخيم القريب من مليليةدويتشه فيله)

يتساءل جاكوب تعليقا على شعوره في ذلك اليوم: لكن هل كان يتطلب الأمر كل هذه المأساة لنستيقظ ونتنبّه لمعاناة اللاجئين؟ ويضيف "لم أجد إجابة على هذا السؤال حتى هذا اليوم.. أحيانا أشعر أننا بحاجة إلى هذه الدراما الهوليودية ليتنبه الناس إلى معاناة المهاجرين.. لا أعرف كيف يمكن أن يتفاعل الناس إذا كان بإمكان المهاجرين أن يقودوا طائرة ويأتوا إلى أوروبا بطريقة نظامية".

الجزء الأهم
بعد وصول بول إلى إسبانيا، أخذ فيلم جاكوب عن مغامرة بول منعطفا جديدا، فجاكوب يريد أن يغادرها إلى إحدى الدول الأوروبية، وبات عليه أن يقرر هل سيبقى محايداً وراء الكاميرا يطرح الأسئلة فقط أو يتدخل.

يقول جاكوب "هذا هو الجزء الأهم من الفيلم، على الرغم من أنه لم يكن مخططا له منذ البداية.. آمل أن يلهم هذا الجزء الآخرين للتفكير في ذلك أيضا، فكثيرا ما نكون مراقبين لما يحدث، لكن ينبغي أن نسأل أنفسنا: كيف يمكننا المشاركة؟ وإذا أردنا أن نشارك فإلى أي مدى نحن مستعدون للتنفيذ؟".

بول كان يعرف العناء الذي عليه خوضه للوصول إلى ألمانيا، وهو اليوم يجلس أمام الشاشة الكبيرة لمشاهدة هذا الجزء من حياته بقلب متعب، ويعلق على الموضوع "لم تكن هذه هي الطريقة التي أردت أن أصل أوروبا عبرها، ولا ينبغي لأي شخص أن يتكبد كل هذا العناء ويتحمل كل هذه المخاطر لذلك.. أنا فعلت ذلك، وأشكر لله أني ما زلت على قيد الحياة، لكن العديدين غيري لم يحالفهم الحظ، وهذا ما لا ينبغي أن يحدث".

المصدر : دويتشه فيله