حسين مسالمة.. أسير فلسطيني تحرر بعد 19 عاما إلى المستشفيات ثم مقبرة الشهداء

يوجد ما لا يقل عن 550 حالة من الأمراض المزمنة بين الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهم بحاجة إلى التحويل العاجل للمشافي لتلقي العلاج.

الشهيد الأسير الفلسطيني المحرر حسين مسالمة
مسالمة أفرج عنه إلى المستشفى لسوء حالته الصحية بعد إصابته بسرطان الدم (مواقع التواصل)

بيت لحم- "بعد نحو 19 عاما أسيرا لدى الاحتلال تحرر مريضا إلى المستشفيات وعاد إلى بيته شهيدا"، بهذه الكلمات لخصت والدة الشهيد الفلسطيني والأسير المحرر حسين مسالمة حياة نجلها، الذي شُيع جثمانه شهيدا عن عمر ناهز 39 عاما، نتيجة الإهمال الطبي في معتقلات الاحتلال، إلى مقبرة الشهداء في بلدة ارطاس (جنوب بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة) أمس الخميس.

وتقول والدته إن حسين أوصاها بأنه "إذا استشهد ألا تبكي عليه". وعندما وصل إلى بيته لأول مرة بعد تحرره -ولكنه كان شهيدا- عمت الزغاريد أرجاء المنزل، واختلطت ببكاء قريباته، قبل تقبيل والدته له القبلة الأخيرة، ونقله من منزله في بلدة الخضر (جنوب بيت لحم) إلى مقبرة الشهداء.

تحررٌ في المستشفيات

منذ أن تحرر مسالمة من الأسر في مارس/آذار الماضي وهو مريض في المستشفى، انتقل قبلها من سجن النقب الصحراوي (جنوبي فلسطين المحتلة) إلى سجن الرملة ومستشفى سوروكا، وبعد تحرره نُقل إلى مستشفى هداسا بالقدس المحتلة، ولم يدخل الضفة الغربية سوى إلى المستشفى الاستشاري برام الله، واستشهد فيه وعاد إلى منزله في بيت لحم شهيدا.

وقالت مؤسسات حقوقية تعنى بشؤون الأسرى إن مسالمة تعرض للتعذيب خلال فترة التحقيق والمحاكمة عندما اعتقل عام 2002، وحكم عليه بالسجن 20 عاما، وأدى تدهور حالته على نحو خطير إلى الإفراج عنه في مارس/آذار الماضي، قبل انتهاء محكوميته بنحو عام، ولكن أفرج عنه إلى المستشفى لسوء حالته الصحية، بعد أن تبين أنه مصاب بسرطان الدم "اللوكيميا".

ملف ساخن

حَمَدَ والد حسين الله على ما أسماها نعمة الشهادة، ووصف شعوره بأنه فرح بهذه النهاية لابنه الذي أمضى سنوات شبابه متنقلا بين معتقلات الاحتلال، وأُسِرَ في سبيل وطنه والدفاع عنه، ولكنه ناشد كل المسؤولين الفلسطينيين أن يسعوا إلى إنهاء اعتقال الأسرى جميعا، خاصة المرضى الذين لا يتلقون العلاج في مستشفيات الاحتلال.

واعتبر الوكيل المساعد في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد العال العناني أن مسالمة شهيد فلسطيني نتيجة الإهمال الطبي، ولم تفرج سلطة الاحتلال عنه سوى بعد تأكدها من أنه دخل مرحلة صحية حرجة جدا، وقبيل عدة أشهر فقط من موعد الإفراج عنه وانتهاء محكوميته.

ويقول العناني للجزيرة نت إن ملف الأسرى المرضى هو الملف الساخن بامتياز، لأنه يوجد ما لا يقل عن 550 حالة من الأمراض المزمنة، التي بحاجة إلى التحويل العاجل للمشافي لتلقي العلاج، ولكنهم يخضعون لسياسة الإهمال الطبي المتعمد، ومنهم 13 أسيرا موجودون بشكل دائم في ما تسمى عيادة سجن الرملة، أو ما يسميها الأسرى "مدفن الأحياء"؛ التي تفتقد إلى الحد الأدنى من مقومات العلاج الطبي اللازم لمثل هذه الحالات الصعبة.

مرضى السرطان ومبتورو الأطراف

يعدد العناني أنواع أخطر الأمراض التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، ومنها الفشل الكلوي، والأمراض الخبيثة كالسرطان. كما يتواجد بين الأسرى ناهض الأقرع وخالد الشاويش، وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة ومبتوري الأطراف.

والمشكلة في تفاقم الحالة الصحية للأسرى -وفق العناني- هو اكتشاف المرض في وقت متأخر، وبعد استفحاله في جسد الأسير؛ لذلك يصعب العلاج، خاصة أن معظمهم من المحكومين بالمؤبدات أو الأحكام العالية، وهو ما يؤدي لاحقا إلى استشهادهم، وقصة الأسير حسين مسالمة -الذي تفاجأ الجميع بسوء حالته- دليل على ذلك.

وكل ذلك يشير -حسب العناني- إلى خطورة ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مع ارتفاع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 226 شهيدا؛ جراء إطلاق الرصاص عليهم داخل المعتقلات أو تحت التعذيب أو نتيجة الضرب المبرح والاعتداءات، ومن بينهم 71 شهيدا كانوا ضحايا الإهمال الطبي.

المصدر : الجزيرة