حميد عبيد.. عراقي تكالبت عليه الإعاقة والنزوح

المعاق حميد حمد عبيد في أسوار خيمته
المعاق حميد حمد عبيد في أسوار خيمته بمخيم بحركة في إقليم كردستان العراق (الجزيرة)

عماد الشمري- أربيل

"تتعاقب المتاعب في حياتي حتى صارت جزءا منها، لكن رحلة النزوح هي الأسوأ دون منازع".

هكذا بدأ حميد حمد عبيد سرد قصته لأصعب حقبة قضاها وما زالت تلاحقه، بين النزوح والإعاقة.

ويقول إنه حين دخل تنظيم الدولة الإسلامية واستولى على الموصل سنة 2016 وسقطت ناحية البعاج كما سقطت كل نواحي وأقضية نينوى قرر هو وأسرته الرحيل إلى خارج المحافظة "لكن رغم إعاقتي وجلوسي على كرسيي المتحرك منعني المسلحون وهددوني بالتعزير إن فعلت".

ويتابع عبيد أنه حاول مرارا الخروج من وطأة المسلحين، خاصة بعد أن ساءت حالته المادية.

ويكشف عن أنه معاق بسبب صعقة كهربائية "رمتني من سطح البيت لترديني مشلولا بعد أن كسرت الفقرة السادسة لتخدش النخاع الشوكي وكنت حينها متزوجا ولي ابن وبنت".

ويقول إنه لم يستسلم لأوامر تنظيم الدولة "فتواصلت بالخفاء مع أقارب لي في الكويت استطاعوا إيصال مبلغ 2700 دولار أتممته لاحقا عن طريق مناشدات لأجمع 4800 دولار، وأتفقت بعدها مع أحد المهربين لإخراجي من المدينة عن طريق حاجز صليبي من الجهة الغربية لنينوى، لنتمكن أنا وزوجتي وأطفالي بعد تكرار المحاولة ثلاث مرات من دخول مخيم الهول في الأراضي السورية".

ويضيف أنه مكث هناك مدة شهرين قضى معظمها بالمراجعة لدائرة الهجرة والجوازات في القامشلي السورية ليحصل على كتاب العودة للأراضي العراقية، حيث توجه إلى دمشق ومنها جوا إلى مطار بغداد ليتوجه نحو أربيل عاصمة إقليم كردستان ويستقر فيها.

وفي أربيل بقي داخل المدينة مستأجرا بيتا متواضعا لمدة 18 شهرا "كنا نسدد إيجاره من عمل زوجتي التي أنهكت نفسها بالعمل في أحد حقول تعبئة التبن لتستلم مقابل تعبئة الكيس الكبير مبلغ 250 دينارا عراقيا، ويصل العدد أحيانا إلى 15 كيسا مبلغها 3750 دينارا أي ما يعادل ثلاثة دولارات، أما طعامنا فكان صدقات من الجيران والمعارف وبعض ما يصل من المنظمات الإغاثية".

سجاد جمعة ويس: حالة عبيد من الحالات الخاصة التي افتقدت تماما الرعاية الحكومية (الجزيرة)
سجاد جمعة ويس: حالة عبيد من الحالات الخاصة التي افتقدت تماما الرعاية الحكومية (الجزيرة)

وتتمدد المأساة
بعد سنة ونصف من معاناة أم قيس زوجة عبيد من العمل في التبن قرروا الذهاب إلى المخيم بسبب العجز عن دفع الإيجار، وتقول للجزيرة نت إنها ما عادت تحتمل المشقة وانحناء الظهر وعجزت عن إيجاد عمل بديل، حيث يممت العائلة شطر مخيم بحركة في أربيل "فرضينا به مرغمين بسبب صعوبة العيش دون راتب أو معيل".

عودة للعناء
لكن دخول المخيم لم يقضِ على مصاعب حياة العائلة، فالمنظمات الإنسانية تختفي تدريجيا، ومأساة عبيد وشلله باقيان دون تحسن، لهذا اضطرت الزوجة للعمل من جديد، فأخذت تخرج صباحا من المخيم مع مجموعة نساء للعمل في إحدى المزارع لجني الخضار مقابل 10 آلاف دينار، أي قرابة ثمانية دولارات، في حين تعمل ليلا طبيبة لزوجها من خلال إعانته على التمارين الرياضية وبعض أنواع التدليك لتكون في دوامة عمل يعجز الرجال الأصحاء عن مقاومته.

حميد يتجول في مخيم بحركة على كرسيه المتحرك (الجزيرة نت)
حميد يتجول في مخيم بحركة على كرسيه المتحرك (الجزيرة نت)

معاناة أخرى
ويقول عبيد إن عمل زوجته وعنايتها به دفعاه رغم الإعاقة إلى القيام بالواجبات المنزلية كطهي الطعام للأطفال وبعض الأشغال المهمة بدلا عنها، وقد تعرض مرات عديدة للحرق بالماء الساخن أو الشاي أثناء إعداد وجبة الإفطار أو الغداء بسبب عدم القدرة على الوقوف.

ويقول مدير مخيم بحركة بدر الدين إن حالة حميد تحتاج المتابعة أكثر من غيرها، وإن الجهود لحل مشكلته أو علاجه عن طريق وزارة الصحة ومنظمات حقوق الإنسان ودور الرعاية الاجتماعية وبرلمانيي محافظة نينوى باءت بالفشل.

من جانبه، يقول مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في كركوك سجاد جمعة ويس إن حالة عبيد من الحالات الخاصة التي افتقدت تماما الرعاية الحكومية، ويقول "ما زاد الطين بلة حتى في الجانب الإغاثي هو اختفاء معظم المنظمات الإنسانية بذريعة انتهاء العقود وعدم تجديدها أو تفضيل دعم العائدين للمناطق المحررة متناسين حال ما يقارب المليون نازح ما زالوا تحت وطأة الجوع والأمراض".

المصدر : الجزيرة