أصوات التعذيب بسوريا تقضّ مضجع يوسف العظمة

صوة لسجن صيدنايا
منظمة العفو الدولية وصفت سجن صيدنايا بأنه مسلخ بشري (الجزيرة)
معن الخضر-غازي عنتاب
 
"على بعد أمتار من المكان الذي يرقد فيه الرجل الذي يفتخر السوريون على اختلافهم اليوم باستبساله مع ثلة من رفاقه في الدفاع عن دمشق، أقام النظام السوري مكانا لقتل السوريين دفاعا عن كرسي حكمه".
 
يقول الصحفي السوري مظهر السعدو هذه الكلمات وهو يتحسر على إقامة النظام السوري سجنا في منطقة ميسلون، حيث دفن وزير الدفاع السوري السابق يوسف العظمة.
 
السجن الجديد المعروف بسجن ميسلون غدا "مسلخا" جديدا لقتل معارضي الرئيس بشار الأسد، وفق ما رواه السعدو من مشاهدات وروايات نقلها إليه سجناء أثناء اعتقاله من قبل النظام السوري عام 2014 بتهمة مناصرة الثورة السورية.
ولا تقف "المسالخ" عند ذلك الحد في سوريا اليوم، فهناك "المسلخ البشري" وهو الاسم الذي أطلقته منظمة العفو الدولية على سجن صيدنايا، حيث أمضى محمد الجرادي أربع سنوات بين الحياة والموت.
لم ينقذ الجرادي من البقاء في السجن السيئ الصيت إلا مئة ألف دولار دفعها أهله رشوة لقاضي المحكمة العسكرية عبر وسيط، ليتم تحويله من سجن صيدنايا إلى سجن عدرا المركزي في ريف دمشق.
الموت جوعا وعطشا
يروي محمد من حيث يقيم في مدينة أورفه جنوب تركيا، متابعا علاجه من أمراض ألمت به في السجن كالسل وإصابات في عموده الفقري، أن فترة سجنه التي امتدت منذ 2014 إلى 2018 كانت كابوسا مؤلما، حيث توفي العشرات من رفاقه في الزنزانة عطشا أو جوعا أو تعذيبا أو بقرار قضائي، فالموت يجب أن يكون ضيفا يوميا على المعتقلين هناك، مشيرا إلى أن نسبة الموت الأسبوعية في الزنزانة التي تحتوي حوالي ثلاثين معتقلا يجب ألا تقل عن إنسان واحد.
 
ويقول إن السجانين سحبوا أحد الأشخاص فجأة من الزنزانة وغاب ثلاثة أيام، ظننا حينها أنهم قتلوه أو نقلوه إلى معتقل آخر، لكنهم أعادوه فجأة إلى الزنزانة ليروي مشاهدته لعشرات الجثث في أحد غرف سجن صيدنايا، ويقول إن "الصدفة" هي ما أبقاه على قيد الحياة، ويقول إن السجانين عندما رأوا أنه ما زال يتنفس "أعادوه لنا ليروي هذه القصة".
 
ولا يكتفي النظام بانتهاكاته ضد الأحياء من المعتقلين بل امتد الأمر إلى الأموات منهم، فقد شكل ظهور عشرات وثائق الوفاة التي أصدرها النظام لمعتقلين في سجونه صدمة للعائلات التي كانت تنتظر أحباءها.
 
تقول ياسمينة بنشي إنها علمت بوفاة أخيها المعتقل في سجن صيدنايا منذ بداية الثورة السورية بمحض الصدفة، أثناء محاولة أحد أقاربها استخراج ورقة رسمية.
وتقول إنها أجبرت على الإقرار بوفاة شقيها نتيجة أزمة قلبية، وتضيف "اضطررت لأن أصدق أنه مات، لأن الانتظار أصعب كثيرا من الموت".
 
وتتحسر ياسمينة على فراق أخيها في ظروف غامضة واضطرارها للإقرار بوفاته ضمن ظروف طبيعية، دون أن تجد جهة تحاسب قتلة أشرف الذي لم يكن يبلغ العشرين من عمره حين اعتقاله.
المصدر : الجزيرة