"فنتازيا" مصرية.. رضيعة تُخفى قسريا

عبد الله مضر وزوجته وطفلته عالية الصورة مأخوذة من المصدر (عمة الطفلة)
الطفلة عالية في حضن والديها عبد الله مضر وزوجته قبل إخفاء الجميع (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

لم يجل بخاطر أحد من أفراد عائلة مضر أن يقعوا تحت وطأة كارثة إخفاء قسري طالت أربعة من أفرادها، إحداهم رضيعة في شهرها الـ14.

وقد نالت عالية بذلك لقب "أصغر" مخفاة قسريا بمصر.

وتقول مريم مضر -في إشارة إلى حادثة إخفاء شقيقها عبد الله وزوجته فاطمة ضياء الدين وطفلتهما عالية وشقيق الزوجة عمر- "ما حدث لا يمكن وصفه، ننتظر معجزة تخرجنا من هذه الكارثة التي حلت بنا"، وقد تجاوزت فترة إخفائهم الأسبوع.

بدأ الأمر -بحسب تدوينة لمريم في موقع فيسبوك– بانقطاع الاتصال بأخيها عبد الله وأسرته الصغيرة أثناء وجودهم في محطة القطار بالجيزة وهم في طريقهم إلى أسيوط بصعيد مصر، ليتأكدوا لاحقا من اختفائهم بعد وصول القطار الذي كان من المفترض أن يستقلوه.

وبحسب مصدر قريب من العائلة طلب عدم الكشف عن هويته، فإن مؤشرات مختلفة أكدت وجود الأسرة بحوزة جهات أمنية، منها اقتحام قوات الأمن منزلهم فجر اليوم التالي (الأحد) والعبث بمحتوياته بحسب إفادات شهود عيان من الجيران، وعدم التجاوب مع الطلبات التي قدمت للوقوف على حالهم ومعرفة مكان وجودهم.

ولا مبرر حقيقيا -بحسب المصدر العائلي- يدفع لاحتجاز عبد الله وأسرته سوى "التردي غير المفهوم" الذي وصل إليه الحال في مصر، فهو يعمل مصور منتجات وليس له أي نشاط سياسي منذ زواجه الذي مرّ عليه عامان، وما يشغله هو العمل على تأمين حياة كريمة لأسرته الصغيرة.

ومع تتابع الأيام دون ورود أي معلومات تكشف مصير الطفلة الرضيعة وأسرتها، يزداد قلق الأهل والأصحاب، خاصة والدي عبد الله (جدي عالية)، إذ يستشعر الأب "محمد مضر" -النائب السابق في برلمان 2012- أن ما لحق بولده وأسرته يأتي في إطار النكاية به وعقابه على أدواره السابقة قبل الانقلاب العسكري.

وقد استدعى إخفاء الرضيعة "عالية" تفاعلا واسعا من قبل النشطاء والحقوقيين، ليعبر بعضهم عن ذلك بأن "أضراس" النظام المصري طحنت براءة الطفلة قبل أن تبرز أسنانها، مسجلا بذلك سبقا جديدا في سجل انتهاكاته المتزايدة لحقوق الإنسان.

‪حوادث الإخفاء القسري المتكررة تثير غضبا واسعا في مصر‬ (الجزيرة)
‪حوادث الإخفاء القسري المتكررة تثير غضبا واسعا في مصر‬ (الجزيرة)

تضامن واسع
وفي هذا السياق، يوضح الباحث الحقوقي أحمد العطار أن عبد الله مضر أخذ بجريرة كونه من عائلة معارضة للانقلاب العسكري، وأن والده النائب السابق في مجلس الشعب كان له نشاط بارز، ومن الوارد أن تكون السلطات تلاحقه بعد أن ضمت اسمه إلى إحدى القضايا.

وأرجع العطار في حديث للجزيرة نت استمرار احتجاز زوجة عبد الله ورضيعته "عالية" إلى ما بات معتادا -بحسب رأيه- كسياسة للأمن الوطني في الضغط على المعتقلين من خلال أسرهم، لإجبارهم على الاعتراف بما هم متهمون به بتهديدهم بإلحاق الأذى الجسدي والمعنوي بأفراد الأسرة.

وتتسع دائرة التضامن والدعم من قبل حقوقيين ونشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث دُشنت أكثر من حملة للتدوين والمطالبة بالكشف عن أماكنهم، بينما حظيت وسوم (‫#عالية_فين، و#FreeAlya، و#عائلة_مضر‬، و #آل_مضر_فين) بتفاعل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي ومشاركة رموز سياسية وحقوقية.‬‬

‬وأصدرت جهات حقوقية دولية ومحلية بيانات لمطالبة السلطات المصرية بالتحقيق في البلاغات المطالبة بالكشف عن مصير أسرة مضر، أبرزها المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان، والمنظمة المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة "عدالة" للحقوق والحريات؛ فيما دعت مؤسسة الكرامة الأممَ المتحدة لمطالبة السلطات المصرية بالكشف الفوري عن مكان احتجاز الأسرة.

وفي الوقت الذي يبحث فيه العالم كيفية حماية الرضع من الصدمات النفسية المترتبة على حالات كالتعرض لإضاءة شديدة لحظة الولادة، وغيرها من أحوال تستلزم حرص الأهل والمحيط؛ تتعرض الطفلة عالية لأبشع ظرف يمكن أن يؤثر على نفسيتها لأمد طويل كما ترى الخبيرة النفسية والاجتماعية سحر طلعت.

وتؤكد الخبيرة النفسية والاجتماعية أن هذه الحالة سيتجاوز تأثيرها إلى كل من وصله خبرها، مرجحة أن هدف النظام من مثل هذه الحالات "الفجة" هو إفقاد المجتمع أي أمل في التغيير، ودفعهم في اتجاه العنف الذي يبررون من خلاله عنفهم المقابل ويستمدون "شرعية البقاء".

المصدر : الجزيرة