أن تكون مريضا في السجون الإسرائيلية

فلسطين رام الله 15 أيار 2017 والدة الأسير حابس بيوض اللاجئة من الرملة تحيي النكبة في ظل إضراب الأسرى المستمر منذ شهر
الفلسطينيون يصفون عيادة سجن الرملة بالمقبرة (الجزيرة نت-أرشيف)

مرميون على أسرَّة المرض في سجن "مستشفى الرملة" بإسرائيل، تقيد أطرافهم بالسلاسل، لا يقوون على الحركة وحدهم، وبالكاد يستطيعون التنفس. بتلك الكلمات وصف المعتقل الفلسطيني السابق إياس الرفاعي (34 عاما) مستشفى الرملة الإسرائيلي المخصص لعلاج المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وقال الرفاعي الذي تحرر بعد 11 عاما من الاعتقال، عانى فيها أوضاعا صحية صعبة إن الوضع في الرملة "مأساوي جدا، كل مريض بحاجة للمساعدة ولا يوجد من يساعدهم". يتنهد قليلا قبل أن يقول "الرملة هو عبارة عن مقبرة حقيقية".

وأفرج عن "الرفاعي" في 13 أغسطس/آب الماضي بعد قضائه 11 عاما بالسجن بتهمة مشاركته بهجمات ضد أهداف إسرائيلية.

سنوات "تجمدت" فيها حياته خلف قضبان السجن، ليخرج بعدها وكأنه ولد من جديد، بعد رحلة معاناة كادت تقتله إثر الإهمال الطبي في السجون، كما يقول.

ويصل عدد المعتقلين الفلسطينيين المرضى في السجون الإسرائيلية لنحو 100 معتقل مصابين بأمراض خطيرة ومزمنة في السجون الإسرائيلية، منهم نحو 30 يواجهون خطرا حقيقيا يهدد حياتهم، حسب نادي الأسير الفلسطيني.

مواقف
وعن رحلة العلاج داخل السجون، يصف المحرر الرفاعي بعض اللحظات التي كان يعيشها أثناء مرضه بأنها أقرب للموت. يقول "مررت بمواقف أيقنت أني مفارق الحياة".

يقف على شرفة منزله، ويقول "مشتاق للحياة بكل تفاصيلها، كل شيء تغير، لكني أشعر وكأنني ذلك الشاب الذي كان بالأمس هنا".

ورغم فرحة الحرية ووجوده وسط ذويه في بلدة كفر عين شمال غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، يروي قصة معاناته مع المرض "شعرت في شهر رمضان من العام 2014 بإرهاق وتعب شديدين، إثر عزلي في زنازين سجن النقب الصحراوي شمالي إسرائيل".

ولم تشفع طلبات "الرفاعي" المتكررة على مدى ثلاثة أشهر بعد إخراجه من العزل الانفرادي للأطباء لإجراء فحوص طبية، مكتفين بتقديم المسكنات فقط، فخسر نحو 30 كيلوغراما من وزنه في تلك الفترة.

ويشير إلى أن حالته الصحية ساءت، مما أدى إلى إصابته بانهيار وغيبوبة متقطعة استدعت نقله لمستشفى "سوروكا" الإسرائيلي.

ورغم الحالة الطارئة للرفاعي، نقل للمستشفى بمركبة نقل عسكرية مقيّد اليدين والرجلين، لمدة أربع ساعات.

وأظهرت الفحوص الطبية للمريض، حسب قوله، وجود التهابات حادة في الأمعاء، تستدعي إجراء عملية جراحية عاجلة، لكن تقدم الالتهاب حال دون ذلك.

قال لي الطبيب حينها: اشكر الله أنك ما تزال على قيد الحياة. وقد استئصلت كتل من داخل الأمعاء وقص جزء منها بسبب تعفنها

يكمل حديثه قائلا "مكثت ثمانية أيام في مستشفى سوروكا ثم نقلت لإكمال العلاج في مستشفى سجن الرملة".

لم يمض "الرفاعي" طويلا في مستشفى سجن الرملة بسبب الاكتظاظ، مما دفع إلى نقله للسجن من جديد، حيث ساء وضعه الصحي كثيرا، مما استدعى نقله لمستشفى "سوروكا" مرة أخرى.

وقال "تنقلت خلال سنة كاملة بين المستشفى والسجن حتى تقرر إجراء عملية جراحية في الأمعاء".

يشير إلى بطنه قائلا "عندما استيقظت وجدت بطني مفتوحا، جزء من الأمعاء خارج البطن، مع وجود أنابيب كثيرة"، وقال لي الطبيب حينها: اشكر الله أنك ما تزال على قيد الحياة". ويضيف "استئصلت كتل من داخل الأمعاء وقص جزء منها بسبب تعفنها".

جراحة أخرى
لم تنته معاناة "الرفاعي"، فقد أعيد لمستشفى سجن الرملة، ومن هناك لسجنه، وتردد على العيادات الطبية، وأجريت له عملية أخرى بعد أشهر.

مرض المعتقل السابق لم ينته بعد، حسب قوله، إذ تتطلب حالته الاستمرار بالعلاج في المستشفيات الفلسطينية، مشيرا إلى أنه لا يستطيع حتى اليوم تناول الطعام بشكل طبيعي، وهناك جزء من الكتل لا تزال داخل أمعائه، وقد عبر عن مخاوفه من تطورها.

واتهم المحرر الفلسطيني مصلحة السجون الإسرائيلية "بقتل المعتقلين نفسيا وجسديا".

واعتقل "الرفاعي" عام 2006 بتهمة "الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي"، وصدر بحقه حكم بالسجن (11 عاما).

ويبلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نحو 6400، منهم (62) سيدة، بينهن (10) قاصرات، ونحو (300) طفل، ونحو (450) معتقلا إداريا، إضافة إلى (12) نائبا من المجلس التشريعي (البرلمان)، حسب إحصاءات فلسطينية رسمية.

المصدر : وكالة الأناضول