أحكام الإعدام بمصر.. إرعاب أم إلهاء؟

أصدر القضاء المصري أحكام إعدام واجبة النفاذ على 26 معارض للسلطة. تصوير زميل مصور صحفي. مسموح باستخدام الصورة
القضاء المصري أصدر أحكام إعدام واجبة النفاذ على عشرات المعارضين للسلطة (ناشطون)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

"هات صاعق كهربي وأنا أخليك تعترف بأنك قتلت السادات"، هكذا رد الطالب الجامعي محمود الأحمدي المحكوم عليه بالإعدام -في قضية مقتل النائب العام هشام بركات– على القاضي عندما واجهه باعترافاته المثبتة في التحقيقات، في إشارة من الطالب إلى التعذيب الذي تعرض له للاعتراف بالجريمة.

وينتظر الأحمدي مع ثلاثين شابا غيره رأي مفتي الجمهورية بعدما أصدرت محكمة جنايات القاهرة مطلع الأسبوع الجاري حكما بإعدامهم.

وقتل النائب العام هشام بركات في يونيو/حزيران 2015 في حادث تفجير استهدف سيارته أمام محل سكنه بحي مصر الجديدة بالقاهرة، وكانت قوات الأمن المصرية قتلت في السابق تسعة أشخاص واتهمتهم بالضلوع في القضية.

وأيدت محكمة النقض المصرية أمس الاثنين حكما بإعدام سبعة شباب بعد أن أدانتهم في قضية مقتل ثلاثة طلاب بالكلية الحربية في محافظة كفر الشيخ شمالي البلاد.

ويبدو أن يونيو/حزيران هو شهر الإعدامات، فمطلع الشهر صدر حكم نهائي بإعدام سبعة شباب في قضية مقتل رقيب شرطة بمدينة المنصورة شمالي البلاد.

وبذلك تكون قد صدرت أحكام إعدام "واجبة النفاذ" بحق 26 شابا، بإضافة المحكوم عليهم بالإعدام نهائيا في قضية ملعب بورسعيد وعددهم 11 متهما، والداعية الإسلامي فضل المولى المدان بقتل سائق.

وتزامن توالي صدور أحكام الإعدامات مع مناقشة ثم تمرير البرلمان المصري اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية التي بموجبها تدخل جزيرتا تيران وصنافير الواقعتان بمدخل خليج العقبة ضمن الأراضي السعودية، وهو ما تلته دعوات للاحتجاج الشعبي.

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية إلى وقف فوري لعمليات الإعدام الوشيكة، وطالبت في بيان لها بإحالة قضايا المحكوم عليهم إلى كبار القضاة في محكمة الاستئناف العليا بمصر.

ومنذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013 نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام بحق سبعة أشخاص أدانهم القضاء في قضيتين، هما قضية عرب شركس التي اتهم فيها ستة شباب وأعدموا في مايو/أيار 2015، وقضية خزان الإسكندرية التي أعدم فيها الشاب محمود رمضان في مارس/آذار 2015.

‪أغلب المتهمين يشكون من تعرضهم للتعذيب الشديد‬ (ناشطون)
‪أغلب المتهمين يشكون من تعرضهم للتعذيب الشديد‬ (ناشطون)

ترهيب المعارضة
بدوره، قال الدكتور أحمد عبد الباسط أحد المحكوم عليه بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا باسم "خلية القاهرة" إن النظام يمارس الترهيب ضد المعارضة بإصدار أحكام إعدام جماعية على المعتقلين.

وأوضح أن أحكام الإعدام تصدر قبل أو بعد أحداث سياسية كبيرة بهدف بث الرعب في نفوس المواطنين حال تفكيرهم في الاعتراض على سياسات السلطة. وتابع أن "التصديق على حكم الإعدام في قضية مقتل رقيب الشرطة صدر قبل تمرير اتفاقية تيران وصنافير، والحكم بالإعدام في قضية مقتل النائب العام صدر بعد تمرير البرلمان للاتفاقية".

وعن أهمية تقارير المنظمات الحقوقية كالعفو الدولية عن أحكام الإعدام أشار عبد الباسط إلى دورها الضاغط على الأنظمة القمعية، وأن "هذه التقارير تضغط على الحكومة لتعيد النظر في هذه الأحكام، وهذا مع حدث مع قضية أحداث العدوة التي حكم فيها على 529 شخصا بالإعدام، ومع الضغط الحقوقي تم نقض الحكم وصدرت البراءة بحق عدد من المتهمين".

من جهته، قال إبراهيم متولي المحامي الحقوقي ومنسق رابطة أسر المختفين قسريا إن النظام المصري ينتقم من خصومه السياسيين ويحاول القضاء على الأصوات المعارضة، وفي سبيل ذلك لا مانع من إخفاء المعارضين قسريا أو قتلهم سواء بالرصاص المباشر أو بإصدار أحكام قضائية مسيسة.

غير أن أحكام الإعدام المتوالية مؤخرا ليست على سبيل الصدفة أو الانتقام من المعارضة، حسب رأيه.

وأشار إلى تزامن توقيت تلك الأحكام مع تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وقال إن "النظام يتعمد خلق أحداث مؤثرة ومتلاحقة لإشغال الرأي العام عن سياساته الداخلية والخارجية".

ووصف الكاتب الصحفي أبو بكر خلاف القضاء المصري بالمسيس، معتبرا أحكام الإعدام الأخيرة رسالة إرهاب لكل معارضي السلطة مفادها أنهم سيلقون نفس المصير إذا ما استمروا في طريق المعارضة.

المصدر : الجزيرة