الحماية الدستورية الملاذ الأخير لمعتقلي السودان

أسر تحتج أمام مقر الأمن على اعتقال أبنائها أرشيفية الجزيرة نت
أسر تحتج أمام مقر الأمن على اعتقال أبنائها (الجزيرة نت-أرشيف)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

لجأت أسر معتقلين سياسيين بالسودان إلى المحكمة الدستورية لرفع دعوى حماية دستورية ضد السلطات الأمنية، بعدما تجاوزت مدة اعتقالهم شهرا تعذرت خلاله زيارة بعضهم أو معرفة ظروف احتجازهم، كما طالبت جهات محلية ودولية بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين.

وتعتقل السلطات الأمنية السودانية أكثر من أربعين شخصا بينهم قيادات في أحزاب سياسية معارضة وناشطون سياسيون، دون أن يكشف عن مكان اعتقالهم حتى الآن، وذلك على خلفية احتجاجات شعبية رافضة لقرارات حكومية برفع أسعار المحروقات ورفع الدعم عن الدواء وسلع أخرى.

وكشفت أسر المعتقلين عن تقديم دعوى حماية حق دستوري ضد السلطات الأمنية لدى المحكمة الدستورية، بعد أن شكت الأسر من سوء أوضاع المعتقلين وحرمان المرضى منهم من الأدوية الحيوية.

وأعلن علي حسين عضو الفريق القانوني الذي تقدم بالدعوى نيابة عن أسر المعتقلين، أن الدعوى استندت إلى أربع مواد أساسية من الدستور السوداني، إضافة إلى الحقوق المدنية والسياسية في العهدين الدوليين.

وبرأي حسين فإن تجاوز مدة الاعتقال شهرا كاملا دون بارقة بالإفراج عن المعتقلين، دفع نحو رفع دعوى حق دستوري "خاصة في ظل إخفاء ظروف ومكان احتجازهم وعدم السماح بإيصال الأدوية والمساعدات الحيوية لهم".

أماني مالك زوجة المعتقل إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق (الجزيرة نت)
أماني مالك زوجة المعتقل إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق (الجزيرة نت)

ممارسة الحقوق الطبيعية
ووفق ما جاء في حيثيات الدعوى، فإن الأسر تطالب بإطلاق سراح المعتقلين لممارسة حقوقهم الطبيعية، أو تقديمهم لمحاكمات عادلة وعلنية.

أماني مالك زوجة المعتقل إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق، كشفت عن أن المعتقلين يعانون أوضاعا صحية متردية، مشيرة إلى أنها منعت من إدخال أدوية حيوية لزوجها منها أدوية لضغط الدم والسكري اللذين يعاني منهما، "مما أدى إلى تفاقم حالته المرضية".

وقالت إن الشيخ يعاني أمراضا مزمنة "وقد كان مقررا له الخضوع لعملية جراحية دقيقة في السابع من الشهر الحالي خارج البلاد".

وعبّرت أماني -في حديث للجزيرة نت– عن قلق أسر أكثر من 18 معتقلا على ظروف احتجازهم، بعد منع زيارتهم وعدم تحديد مكان احتجازهم، كاشفة أن المعتقلين خالد عمر يوسف وعبد الله شمس الكون -وهما من قادة حزب المؤتمر السوداني- فقدا فرصة الجلوس لامتحانات جامعية بعد حرمانهم من الكتب أو الخروج لأدائها.

ودفع اعتقال السياسيين والناشطين الحقوقيين حكومات غربية لمطالبة الحكومة السودانية بإطلاق سراحهم أو تقديمهم لمحاكمة عادلة.

وتوقع القانوني أحمد علي عبد الرحمن أن تسارع المحكمة الدستورية إلى النظر في الدعوى، "خاصة أن ملابسات وأسباب الاعتقال واضحة لدى الرأي العام". وقال -في حديث للجزيرة نت- إن غالب الاعتقالات جاءت على خلفية رفض القرارات الاقتصادية الأخيرة المعروفة بقرارات رفع الدعم عن السلع.

وأضاف أن المعتقلين ينتمون لأحزاب سياسية مسجلة ومسموح لها بالعمل وفقا للقانون الذي ينظم العمل السياسي الحزبي بالسودان، "مما يترك عدة تساؤلات حول قانونية الاعتقال".

ويرى في تعليقه للجزيرة نت أنه لا يحق منع الأحزاب من ممارسة نشاطها السياسي المعارض، طالما التزمت السلمية ولم تناد بالعنف أو تمارسه، "لكن ما جناه المعتقلون هو أنهم أعلنوا رفضهم للقرارات، مع حثهم الناس على ذلك وفي إطار حرية التعبير التي يكفلها الدستور القائم في البلاد".

ويرى الخبير القانوني شيخ الدين شدو من جهته أن اللجوء للمحكمة الدستورية "فكرة مقبولة من حيث القانون"، ويعتقد أن الاعتقال المتطاول من دون سقف زمني يقدح في تنفيذ الدولة للقانون وحماية حقوق الإنسان. ويشير إلى أن الاعتقال التحفظي يجافي مبدأ القانون الذي أقرته الدولة ووقعت على مبادئه مع المجتمع الدولي.

المصدر : الجزيرة