سجناء سياسيون في الجزائر ينتظرون العفو

هشام موفق-الجزائر

احتضن مقر حزب جبهة القوى الاشتراكية في العاصمة الجزائرية أمس السبت ندوة صحفية لـ"تنسيقية عائلات السجناء السياسيين" في الجزائر للتعريف بقضيتهم ومعاناتهم أملا في الإفراج عنهم.

وأغلب هؤلاء السجناء كانوا منخرطين أو متعاطفين مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وجرى اعتقالهم عقب توقيف المسار الانتخابي يناير/كانون الثاني 1992.

وقال منسق "عائلات السجناء السياسيين" مصطفى غزال إنه يوجد أكثر من 160 سجينا سياسيا تم اعتقالهم بين عامي 1992 و1993، منهم من حوكم بمحاكم عسكرية، وآخرون بمحاكم مدنية.

وأضاف أنه "لم يطلق سراح أي من السجناء المحكومين بالمحاكم العسكرية، ولم يستفيدوا من العفو الرئاسي أو من التخفيف، وكذلك الحال لبعض المحكومين بمحاكم مدنية، لم يستفيدوا أيضا من "ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" الذي صوّت لصالحه 97% من الشعب الجزائري في 29 سبتمبر/أيلول 2005.

‪جانب من المتحدثين في الندوة‬ جانب من المتحدثين في الندوة
‪جانب من المتحدثين في الندوة‬ جانب من المتحدثين في الندوة

المسؤولية
وبالرغم من الجدل الذي ما زال يحدثه الميثاق في بعض مواده، فإن حقوقيين وعائلات المعتقلين يلومون السلطة لـ"عدم ترقيته ليشمل شرائح كانت محرومة من الاستفادة منه". وطالبوا المعنيين من السلطات بالإفراج عن ذويهم، ومراعاة ظروفهم الصحية، وفترة محكوميتهم التي تجاوزت العقدين.

وتتحدث أم السجين زنازلي أحمد عن ابنها القابع بالسجن منذ 21 سنة، والذي قضت المحكمة بتنفيذ حكم الإعدام بحقه، قائلة "أُلقي القبض على ابني وصديق له، وأُطلق سراحه منذ ثماني سنوات، وتركوا ابني في السجن".

وتبكي أم أحمد -وهي مريضة بالسكري وضغط الدم- حال ابنها وزوجته "التي ما زالت تنتظره منذ عقدين"، وهي التي تأخذ منحة من الدولة قدرها ثلاثة آلاف دينار (ثلاثين دولارا) في الشهر.

أما الشاب عبد القادر، فهو الابن الوحيد لقرفوف الحبيب، المحكوم عليه بالإعدام منذ عام 1992، حيث كان طفلا لم يتجاوز العامين، بعد حين صدر الحكم بإعدام والده ومنذ ذاك الوقت والابن يكتفي بمشاهدة والده في سجن باتنة (شرقي البلاد) دون أن يتمكن من ملامسته.

يقول عبد القادر للجزيرة نت "والدي استُثني من الاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بخلاف ثمانية من رفاقه الذين لهم نفس الحكم معه". يتحدث عبد القادر عن والده بتأثر خاصة أنه يعاني من مشكلات صحية، زادت من معاناته في سنوات السجن الطويلة.
 
ولا تختلف حال بن توتة جعفر كثيرا، فقد قدم إلى العاصمة أيضا ليسلط الضوء على قضية أخيه السجين عبد الحليم، والمحكوم عليه بالإعدام سنة 1992، قبل أن يصدر حكم آخر عام 1995 بالبراءة، لكن دون أن يُفرج عنه. 

‪أمهات وزوجات المعتقلين يطالبن بإطلاقهم‬  أمهات وزوجات المعتقلين يطالبن بإطلاقهم
‪أمهات وزوجات المعتقلين يطالبن بإطلاقهم‬  أمهات وزوجات المعتقلين يطالبن بإطلاقهم

نفي
وعلى الرغم من ذلك، ينفي فاروق قسنطيني رئيس "اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان" التابعة لرئاسة الجمهورية وجود سجناء سياسيين أو سجناء رأي في الجزائر. وقال للجزيرة نت "لا علم لي بوجود هذا النوع من المساجين، وأستبعد بكل قوة أن يكون هذا موجودا في جزائر اليوم".

وردا على سؤال بشأن حالات من حكم لهم بالبراءة ولم تنفّذ، قال إن "أي مدير مؤسسة عقابية إن لم يطبق حكما بالبراءة على مسجون لديه فإنه سيعاقب بجنحة، وهل تعتقد أن هناك مسؤولا يخاطر بذلك؟ أعتقد أن هذا مستبعد جدا، إن لم يكن مستحيلا؟"

ويرى قسنطيني أن هؤلاء "يتحركون بخلفيات سياسية، ويريدون زرع البلبلة، وإن كان من يقولون إنهم سجناء رأي فليعطونا أسماءهم، ونحن سنسوي وضعيتهم". مضيفا "إن كان هؤلاء المساجين ما زالوا محبوسين فلأنهم ارتكبوا مخالفات يعاقب عليها القانون".

المصدر : الجزيرة