محكمة مصرية تثير جدلا بشأن اختصاصها

محكمة عابدين للامور المستعجلة
مقر محكمة عابدين للأمور المستعجلة التي رفضت النظر بدعوى اعتبار إسرائيل دولة إرهابية لعدم الاختصاص (الجزيرة)

عمر الزواوي-القاهرة

جدد حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعدم اختصاصها في نظر دعوى قضائية تطالب باعتبار إسرائيل منظمة إرهابية، وتأجيلها نظر دعوى أخرى تطالب باعتبار قطر دولة داعمة للإرهاب، الجدل القانوني والسياسي بشأن اختصاصاتها وطبيعة الدعاوى التي يجب أن تقضي فيها.

وقضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في عابدين بعدم اختصاصها ولائيا في نظر دعوى قضائية تطالب بحظر أنشطة إسرائيل وغلق مقارها في القاهرة وإدراجها ضمن المنظمات الإرهابية.

ووفقا لمصادر قضائية، فإن المحكمة أقرت بأنه ليس من حقها تناول موضوع القضية، وهو ما يثير علامات استفهام كثيرة بشأن حكمها السابق بإدراج حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) كمنظمة إرهابية قبل شهر ونصف على الرغم من التشابه بين الدعوتين القضائيتين.

وأصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة خلال الأشهر الستة الماضية أربعة أحكام مثيرة للجدل في منازعات إدارية بحتة، مما أعاد إلى الأذهان تناقض الأحكام القضائية بين محاكم الأمور المستعجلة ومجلس الدولة والذي كان معتادا قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011.

فوضى قضائية
يقول عضو هيئة قضايا الدولة المستشار نور الدين علي إن القانون لا يتيح للقضاء المصري إدراج أي دولة أو منظمة دولية كمنظمة إرهابية، لأن كل دولة تتمتع مع مصر بحق المساواة في السيادة التي تكفلها مواثيق ومعاهدات الأمم المتحدة، ومن ثم فإن "محكمة الأمور المستعجلة لا يحق لها إدراج إسرائيل ولا غيرها كمنظمة إرهابية".

ويضيف علي للجزيرة نت أن "تصنيف الدول والمنظمات الدولية كمنظمات إرهابية يكون بقرار من مجلس الأمن الدولي بعد ثبوت تهديدها للأمن والسلم الدوليين بالأدلة والقرائن".

وبحسب خبراء في القانون، فإن القضايا الخاصة بالقرارات الإدارية يجب أن تصدر في مواجهة الجهات الحكومية لتكون مكلفة من قبل المحكمة بتنفيذ أحكامها، وهذا لم يتوافر في معظم الدعاوى التي أصدرت محكمة الأمور المستعجلة أحكاما فيها، الأمر الذي يعد سببا إضافيا لعدم اختصاصها بنظر الدعوى.

شحاتة: فوضى في استغلال أحكام القضاء لأهداف سياسية (الجزيرة)
شحاتة: فوضى في استغلال أحكام القضاء لأهداف سياسية (الجزيرة)

من جانبه، يرى مدير مركز النزاهة والشفافية شحاتة محمد شحاتة أن هناك فوضى في استخدام أحكام محكمة الأمور المستعجلة لتحقيق أهداف سياسية بدءا من حكم حظر جماعة الإخوان المسلمين وانتهاء بهذا الحكم، وهي جميعها من اختصاص القضاء الإداري ومجلس الدولة.

ويضيف شحاته للجزيرة نت أنه من المستغرب استجابة القضاء المستعجل لبعض الدعاوى التي لا تحمل شق الاستعجال، "لأن القانون حدد على سبيل الحصر الحالات التي يجب أن تنظر بشكل مستعجل وليس من بينها إدراج الدول والمنظمات الدولية كمنظمات إرهابية".

تسييس القضاء
ويثير حكم محكمة الأمور المستعجلة برفض دعوى إدراج إسرائيل كمنظمة إرهابية جدلا بشأن اعتدائها على اختصاصات محاكم مجلس الدولة، لا سيما الدعاوى التي تتعلق ببعض الأمور السياسية، حيث أصدرت العديد من الأحكام في منازعات ذات طبيعة إدارية يقول قضاة مجلس الدولة إنهم مختصون فيها.

وفي سبتمبر/أيلول 2013 أصدرت المحكمة حكما بحظر نشاط جمعية الإخوان المسلمين والمؤسسات والشركات المنبثقة عنها، ثم أصدرت في يناير/كانون الثاني الماضي حكما بإلغاء حكم أول درجة برفع اسم الرئيس المخلوع حسني مبارك من المباني الحكومية والمدارس والشوارع.

وفي نهاية فبراير/شباط الماضي أصدرت المحكمة حكما بعودة الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية إلى الجامعات بالمخالفة لثلاثة أحكام سابقة بشأن الحرس الجامعي صدرت من مجلس الدولة.

ويؤكد يسري العزباوي المحلل السياسي والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإسترتيجية أنه رغم تأكيد معظم القضاة على استقلال القضاء فإن الشواهد الفعلية تشير إلى تسييسه واختلاط الأوراق السياسية مع القانونية لدى كثير من القضاة.

ويضيف العزباوي للجزيرة نت أن حالة الانقسام السياسي والمجتمعي انصرفت إلى ساحة القضاء، حيث يجري استخدام الأحكام القضائية في قضايا سياسية من قبل الفصائل والأحزاب المتصارعة، وهو ما يتسبب في تشويه صورة القضاء والتشكيك في نزاهته واستقلاله.

المصدر : الجزيرة