ابتزاز إسرائيل.. أسرى مقابل مفاوضات

أسرى الداخل الفلسطيني الذين ستشملهم الدفعة الرابعة
أسرى الداخل الفلسطيني الذين تصر إسرائيل على إبقائهم وراء القضبان (الجزيرة)
undefined

وديع عواودة-حيفا

تشترط إسرائيل لإطلاق سراح الدفعة الرابعة من تفاهمات إطلاق الأسرى تمديد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بعام إضافي وتواصل إعلان رفضها الإفراج عن أسرى الداخل، وهذا ما يعتبره مراقبون محاولة ابتزاز ومناورة.

وكان يفترض نهاية الشهر الجاري الإفراج عن ثلاثين من الأسرى القدامى طبقا لاتفاق أميركي فلسطيني إسرائيلي العام الماضي قضى بالإفراج عن 104 أسرى اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو عام 1994، وأتاح استئناف المفاوضات.

وتبرر إسرائيل رسميا موقفها هذا بالقول إن الجانب الأميركي لم ينجح في بلورة اتفاق إطار نتيجة رفض الفلسطينيين الذين سيوقفون المفاوضات ويتوجهون للأمم المتحدة.

ويوضح مصدر سياسي إسرائيلي كبير لصحيفة يديعوت أحرونوت اليوم أن إسرائيل لن تفرج عن الأسرى القدامى المتبقين دون الحصول على ضمانات أميركية بتمديد المفاوضات لمدة عام إضافي.

‪الطيبي: عباس أطلع أوباما على محاولات إسرائيل التملص من الاتفاق‬  (رويترز-أرشيف)
‪الطيبي: عباس أطلع أوباما على محاولات إسرائيل التملص من الاتفاق‬  (رويترز-أرشيف)

رسوم الجدية
ويدعي المصدر الذي حجبت هويته أنه من غير المعقول أن تطلق إسرائيل "مخربين" وبعد أسبوعين يتوجه الرئيس محمود عباس للمحافل الدولية، و"إذا أراد عباس أسرى فليدفع رسوم جديته".

كما تواصل إسرائيل الإعلان على لسان ساستها رفضها الإفراج عن أسرى الداخل القدامى (وعددهم 14) رغم الاتفاق على كونهم جزءا من الاتفاق المذكور.

وذهب داني دانون نائب وزير الدفاع لحد التهديد بالاستقالة من منصبه في حال أفرجت إسرائيل عن دفعة جديدة من الأسرى. وقال في تصريح للإذاعة الإسرائيلية إن الإفراج عن "القتلة" يقوي عباس ويضعف إسرائيل، قائلا إن "ذلك كان ينبغي أن يكون في إطار مفاوضات وهذه غير موجودة".

أزمة جديدة
وتصر إسرائيل على القول إنها لم تلتزم بالإفراج عن أسرى يحملون جنسيتها، وإن وزير الخارجية الأميركي جون كيري وعد الجانب الفلسطيني بذلك على مسؤوليته هو دون التزام منها.

وتقول الصحيفة إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سيصطدم بمعارضة شديدة من قبل وزرائه إن طُرح موضوع أسرى الداخل، وترجح أن يؤدي ذلك لأزمة شديدة مع السلطة الفلسطينية.

لكنّ مراقبين محليين يؤكدون عكس ذلك ويتهمون إسرائيل بالتهرب من الاتفاقات وبمحاولة ابتزاز السلطة الفلسطينية. ويؤكد النائب أحمد الطيبي للجزيرة نت أن الاتفاق مع إسرائيل تم على أساس إطلاق الأسرى مقابل عدم الذهاب للأمم المتحدة، ولا علاقة له بالمفاوضات.

ويوضح الطيبي أن الرئيس عباس أطلع الرئيس الأميركي باراك أوباما على محاولات إسرائيل التملص من اتفاقها، لافتا إلى أن الأخير أكد وجود اتفاق على إطلاق كل الأسرى القدامى، ويتابع "لكن واشنطن للأسف تحاول البحث عن حلول ترضي إسرائيل".

ويؤكد الطيبي أن الرئيس عباس شدد على أن السلطة لن تقبل بأقل من الإفراج عن كل الأسرى القدامى بما في ذلك أسرى الداخل.

غدعون ليفي: إسرائيل حرمت أسرى الداخل من حقوقهم وعاملتهم كفلسطينيين، لكنها اليوم تتذرع بأنهم إسرائيليون لإبقائهم وراء القضبان

جوناثان بولارد
ويعتبر رئيس "كتلة السلام" آدم كيلر أن خلف المواقف الإسرائيلية المعلنة هذه تختبئ حسابات ومزايدات داخل الائتلاف الحاكم المتميز بتناقضات مواقف مكوناته.

وردا على سؤال للجزيرة نت يرجح كلير أن إسرائيل تناور وتمارس ضغوطا على الولايات المتحدة أيضا طمعا بخلق أزمة مفتعلة تمهد لإفراجها عن جاسوسها جوناثان بولارد.

ويتابع "بخلاف موقفها المعلن بأنها ترفض الإفراج عن أسرى مواطنين فيها لاعتباره شأنا مبدئيا داخليا، فقد سبق وأفرجت عن أسرى الداخل بصفقات تبادل أسرى سابقة".

بيد أن المعلق السياسي غدعون ليفي يرجح أن تمتنع إسرائيل عن الإفراج عن أسرى الداخل "بسبب الروح الشريرة لقادتها وشهوة الانتقام والتضليل القومي".

ويوضح ليفي للجزيرة نت أن إسرائيل طالما حرمت أسرى الداخل من حقوقهم كبقية الأسرى وعاملتهم كفلسطينيين، لكنها اليوم تتذرع بأنهم إسرائيليون كي لا يفرج عنهم بعد ثلاثين عاما في عتمة السجون.

ويفسر ليفي موقف إسرائيل ذلك بتوجهاتها وسياساتها العنصرية ضد الفلسطينيين وعدم مساواة مواطنيها العرب، ويتابع "لو كان العدل في إسرائيل قائما لأفرجت عن هؤلاء بدون أي صفقة لأنهم  أمضوا محكومياتهم بعدما قتلوا إسرائيليين في إطار الكفاح القومي لشعبهم".

كما يتفق ليفي مع الطيبي وكلير على أن إسرائيل تريد جولة جديدة من المفاوضات لكسب الوقت فقط، مرجحا أن توافق السلطة الفلسطينية على استئنافها بعد الإفراج عن كل الأسرى القدامى.

المصدر : الجزيرة