القضاء الإسرائيلي سند الجنود ضد دعاوى الفلسطينيين

جانب من الدمار الذي حل في حي الشجاعية شرق غزة
إسرائيل دمرت أحياء مدنية على رؤوس ساكنيها خلال عدوانها الأخير على غزة (الجزيرة)

محمد محسن وتد-أم الفحم

"في انتظار العدالة" فيلم وثائقي أنتجه مركز الميزان لحقوق الإنسان يحاكي واقع آلاف العائلات الفلسطينية التي تحولت لضحايا وتكبدت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات جراء العدوان العسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ويوثق الفيلم معاناة المواطن ناصر أبو سعيد الذي دمر منزله بالكامل وقتلت زوجته في مارس/آذار 2014، وذلك جراء قصف سلاح الطيران الحربي الإسرائيلي الحدود الفاصلة مع قطاع غزة.

ويعيش أبو سعيد مشردا وما زال ينتظر منذ ثمانية أشهر استصدار التراخيص والسماح له بدخول إسرائيل للمثول أمام المحكمة للتداول في قضية التعويضات التي رفعها ضد الجيش.

المعاناة ذاتها تتواصل لدى عائلة صالحة، إذ شكل شهر يناير/كانون الثاني من العام 2009 محطة فارقة في حياة فايز صالحة بعد قصف منزله بصواريخ طائرة حربية إسرائيلية، مما أدى لمقتل زوجته وشيقتها وأربعة من أطفاله.

لكن مأساة المواطن أبو صالحة لم تتوقف عند حد التشرد بل تعمقت بعد أن قضت محكمة إسرائيلية مؤخرا برد دعوى التعويضات التي رفعها ضد الجيش وتغريمه بمبلغ ستة آلاف دولار أميركي كأتعاب للمحكمة.

‪زقوت: محاكم إسرائيل دأبت على تحصين مرتكبي جرائم الحرب‬ (الجزيرة نت)
‪زقوت: محاكم إسرائيل دأبت على تحصين مرتكبي جرائم الحرب‬ (الجزيرة نت)

إسقاط الدعاوى
واعترف المدعي العام الإسرائيلي خلال الالتماس الذي تقدمت به مؤسسات حقوقية فلسطينية بأن تل أبيب تمنع دخول أهالي غزة للمثول أمام المحاكم الإسرائيلية بهدف إسقاط دعاوى التعويضات ضد الجيش.

وحمّل منسق وحدة البحث الميداني بمركز "الميزان" سمير زقوت المجتمع الدولي مسؤولية تعديلات القوانين التي تقوم بها إسرائيل للتهرب من التبعات الجنائية والمدنية للخسائر التي يُلحقها جيش الاحتلال بالفلسطينيين.

وتفرض إسرائيل حصارا خانقا على قطاع غزة منذ عام 2006. وفي ظل هذه العراقيل أبدى زقوت مخاوفه حيال إغلاق المسار القضائي أمام الضحايا الفلسطينيين بردعهم ومعاقبتهم بفرض الغرامات الباهظة لمجرد تحريك دعاوى.

ولفت للجزيرة نت إلى أن مسارات التقاضي باتت شبه معدومة، كون القضاء الإسرائيلي دأب على تحصين المؤسسة العسكرية والأمنية وتوفير الحماية للأفراد والجنود ممن ارتكبوا جرائم حرب.

ويعتقد أن الحل الأمثل لمواجهة تجاوز التشريعات الإسرائيلية وضمان محاكمة قوات الاحتلال عن جرائمها بحق المدنيين في غزة، هو انضمام دولة فلسطين إلى ميثاق روما.

ودعا زقوت الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتوقيع على المواثيق الدولية ليتسنى تحريك دعاوى تعويضات ضد تل أبيب أمام المحكمة الجنائية الدولية بحسب ما تنص عليه اتفاقية جنيف الرابعة.

زهر: القانون الإسرائيلي بات يخول المحاكم صلاحيات رد الدعاوى دون نظرها أو السماع لإفادات الشهود

القضاء الدولي
وتتفق مع هذا الطرح المحامية بمركز عدالة الحقوقي سوسن زهر إذ تؤكد أن الوضع القضائي القائم بإسرائيل بكل ما يتعلق بالتعامل مع دعاوى التعويضات للفلسطينيين بمثابة حالة عبثية لتبقى الخيارات الوحيدة منحصرة بآليات القضاء الدولي، والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة.

وكان مركز عدالة لحقوقي قدم التماسا للمحكمة العليا لتحديد معايير دخول أهل غزة لإسرائيل لرفع دعاوى أمام قضائها. وبينت زهر للجزيرة نت أن المشرع الإسرائيلي فرض شروطا تعجيزية على مقدمي دعاوى التعويضات بإمهالهم عامين فقط من تاريخ حصول الحادث.

وقالت إن القانون يلزم مقدمي دعاوى التعويضات ضد الجيش بإيداع كفالات ومبالغ مالية باهظة. وأِشارت إلى شطب القضايا دون منح أصحابها حق الطعن أو الاستئناف.

وبموجب التعديلات أكدت زهر أنه "تم إعادة تعريف العمليات الحربية وشطب البند الذي يحصرها في وجود خطر داهم على حياة الجنود أثناء التوغل الميداني، ليشمل كافة نشاط مختلف وحدات الجيش".

وأشارت إلى أن القانون الإسرائيلي بات يخول المحاكم صلاحيات رد الدعاوى دون نظرها أو السماع لإفادات الشهود، اعتمادا على سريان بند بإعفاء الدولة من المسؤولية عن العمليات الحربية.

المصدر : الجزيرة