هل قتلت لقاحات كورونا أكثر من 100 رياضي؟

هل قتلت لقاحات كورونا أكثر من 100 رياضي؟ وما هي أسباب الموت المفاجئ للرياضيين؟ وما العلاقة بين موتهم وبلع اللسان؟ الإجابات في هذا التقرير الشامل.

عادت نظرية المؤامرة، القائلة إن الرياضيين ينهارون أو يموتون بعد تلقي لقاح كورونا، إلى الظهور هذا الأسبوع، بعد أن قدم صوتان بارزان الفكرة المضللة هذه، وهنا نقدم الحقيقة.

وكانت هذه المزاعم قد انتشرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. والآن عادت للظهور مجددا.

وفي تقرير في صحيفة نيويورك تايمز NYtimes الأميركية، كتب ستيوارت إيه طومسون أن السيناتور رون جونسون، وهو جمهوري من ولاية ويسكونسن، قد نشر الأكاذيب في ظهوره في بودكاست قائلا "لقد سمعنا قصة بعد قصة.. أعني، كل هؤلاء الرياضيين ماتوا في الملعب، لكن من المفترض أن نتجاهل ذلك".

كما تم تقديم ادعاء مماثل من قبل جون ستوكتون، وهو لاعب كرة سلة، والذي قال يوم الأحد: "أكثر من 100 رياضي محترف" قد لقوا حتفهم بعد تلقي اللقاح. ولم يقدم أي دليل على هذا الادعاء.

هل اللقاحات قاتلة؟

الجواب المختصر والمباشر لا، لا يوجد دليل على هذ المزاعم أو أن لقاحات كوفيد-19 مسؤولة عن وفيات الرياضيين.

ويقول مسؤولو الصحة إن الروابط بين اللقاحات ووفيات الرياضيين لا أساس لها، ولا يوجد دليل يشير إلى أن اللقاح يتسبب في مزيد من الوفيات أو الإصابات بين الرياضيين، وفقا لتقرير نيويورك تايمز التي أضافت أن الاتحادات لم تبلغ عن أي ارتفاع في مثل هذه الحالات.

وقال ممثل عن الرابطة الوطنية لكرة القدم إنه لا توجد وفيات مرتبطة باللقاح أو دخول المستشفى بين ما يقرب من 3 آلاف لاعب في دوري كرة القدم، حيث تم تطعيم 95% من لاعبي الدوري.

ووصفت القصص حول الرياضيين المحترفين، الذين يموتون خلال مباريات كرة القدم ومباريات السلة بعد تلقي اللقاح، بأنها نظرية مؤامرة متكررة منذ بدء إعطاء لقاحات كوفيد-19.

وشارك الآلاف من مستخدمي وسائل التواصل منشورات تقدم ادعاء محددا حول عدد الوفيات الأشهر الستة من العام الماضي حتى نوفمبر/تشرين الثاني لدى الرياضيين، قائلة إن 108 لاعبين شباب وأصحاء توفوا في 6 أشهر، وربطت حالات هذه الوفيات بتلقي هؤلاء الرياضيين للقاحات كورونا، وفق تقص للحقائق أجرته رويترز وقتها.

تم الزعم بأن الوفيات تشمل لاعبي كرة قدم مسجلين لدى الفيفا، ورياضات أخرى مثل كرة القدم الأميركية والرماية وألعاب القوى وكرة الريشة والبيسبول وغيرها.

وقدمت رويترز الادعاءات إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي رد بأن "الفيفا ليس على علم بارتفاع عدد حالات توقيف القلب كما هو مذكور في بريدك الإلكتروني، ولم يتم الإبلاغ عن أي حالات فيما يتعلق بتلقي الأفراد لقاح كوفيد-19".

وأضاف الفيفا "بشكل عام، الفيفا على اتصال منتظم مع مراكز بحث وخبراء بارزين لإجراء أبحاث حول مجموعة متنوعة من الموضوعات الطبية".

بدوره، قال متحدث باسم الاتحاد العالمي لألعاب القوى (World Athletics) عبر البريد الإلكتروني بأنه لم يشهد أي دليل يدعم "مزاعم زيادة معدل وفيات الرياضيين العامين الماضيين".

وأضاف متحدث آخر باسم الهيئة الحاكمة الوطنية لدوري الرجبي بإنجلترا "لا توجد مؤشرات على الإطلاق من اللاعبين على أن أيا من لقاحات كوفيد-19 كان لها أي آثار سلبية كبيرة على صحة اللاعب أو رفاهيته، فضلا عن أي إشارة إلى وجود أي صلة بوفاة اللاعبين".

وقالت أيضا الرابطة الوطنية الأسترالية للرجبي إنها لم تشهد "أي وفيات تتعلق بلقاحات كوفيد-19 أو كوفيد-19".

وقالت منظمة كاردياك ريسك إن ذا يونغ Cardiac Risk in the Young (CRY) الخيرية البريطانية التي تمول الأبحاث الطبية وتدعم أسر الشباب المصابين بأمراض القلب لرويترز "من المهم أن نفهم أن الموت القلبي المفاجئ للشباب (في كل من الرياضيين وعامة السكان) ليست ظاهرة جديدة بشكل مأساوي".

وأشارت رويترز إلى البيانات التي نشرت عام 2008، أظهرت أن 12 شابا "يتمتعون بصحة جيدة على ما يبدو" (تبلغ أعمارهم 35 عاما أو أقل) يموتون في المملكة المتحدة كل أسبوع بسبب أمراض قلبية لم يتم تشخيصها سابقا.

ما أسباب الموت المفاجئ للرياضيين؟

ووفقا لتقرير في موقع فيت بيبول (Fit People) عن الموت المفاجئ للرياضيين، فإن هذا الموت يعتمد على أسباب وعوامل مختلفة، مثل العمر والرياضة التي يمارسونها.

ويشير الموقع إلى أن الموت المفاجئ للرياضيين خلال مباراة أو تدريب يكون في العادة أمرا بارزا ويملأ الصفحات الأولى من الصحف، ومع ذلك فإنه نادر الحدوث.

وأوضح التقرير أن الموت المفاجئ هو ذلك الذي يحدث عندما يتوقف قلب الشخص بطريقة غير متوقعة ومفاجئة، ويحدث هذا عادة للأصحاء الذين يتمتعون بصحة جيدة، وهذا يشمل الرياضيين.

عادة ما يفقد ضحايا الموت المفاجئ وعيهم الكامل، ولا يستجيبون لأي منبهات، ويبقون أعينهم مفتوحتين أو مغمضتين. ويتحول لون بشرتهم إلى البنفسجي والأزرق، حيث يتوقفون عن التنفس.

وأشار التقرير إلى أن جهاز إزالة الرجفان (Defibrillation) يساعد على إنقاذ العديد ممن توقف قلبهم مؤقتا نتيجة الموت المفاجئ. ولكن، يجب القيام بذلك بمجرد بدء الأعراض الأولى، إلى أن تجعل الصدمة الكهربائية للقلب العضلةَ تعمل من جديد، ويستعيد إيقاعه الطبيعي.

وفي حالة عدم توفر جهاز إزالة رجفان القلب، هناك خيار آخر يتمثل في إجراء الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) لإطالة الوقت حتى يتوفر الجهاز.

أمراض القلب والأوعية الدموية

وقال التقرير إنه ووفقا لدراسة نشرت بالمجلة الإسبانية لأمراض القلب (Revista Española de Cardiología) عام 2002، فإن أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الأكثر شيوعا للوفاة المفاجئة للرياضيين. ولكن، هذا ينطبق أيضا على الذين لا يمارسون نشاطا بدنيا منتظما.

وتعد التشوهات الخلقية في الشرايين التاجية واعتلال عضلة القلب الأكثر شيوعا لدى الرياضيين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما. ويعد تصلب الشرايين التاجية الأكثر شيوعا لدى أولئك الذين تزيد أعمارهم على 35 عاما. وفي كل حالة تقريبا، يمكن أن يحدث عدم انتظام ضربات القلب بالقلب الطبيعي من الناحية الهيكلية.

الإنعاش القلبي الرئوي

كخطوة أولى، من المهم إجراء فحص طبي قبل المنافسة أو المشاركة في أي رياضة. بهذه الطريقة، سيكون الأخصائي قادرا على اكتشاف بعض التشوهات التي يمكن أن تتسبب في النهاية بحدوث حادثة مميتة.

ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أنه من الممكن منع حالات الموت المفاجئ للرياضيين بنسبة 100%. وما يمكننا القيام به هو التأكد من أن المزيد من الناس يعرفون كيفية إدارة الإنعاش القلبي الرئوي خاصة الأماكن التي لا يوجد فيها جهاز تنظيم ضربات القلب، والذي يجب أن يكون في الواقع إلزاميا في أي مكان يمارس فيه الأشخاص الرياضة من أي نوع وأي مستوى.

وبشكل عام، فإن الطريقة الأكثر فاعلية لتقليل خطر تعرض الشخص للموت المفاجئ هي، للمفارقة، ممارسة الرياضة وخاصة في سن مبكرة، لأن ذلك من شأنه التحكم في عوامل الخطر القلبية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والكوليسترول والسمنة.

 بلع اللسان

تم تسجيل حالات موت يبتلع فيها الرياضي لسانه، وذلك وفقا لشهود العيان المحيطين به. وما يحدث في الواقع عند من "يبتلع لسانه" أن عضلة اللسان ترتخي فيرتد إلى الخلف نحو الحلق، مما يسبب إغلاق مجرى التنفس، وهذا لا يحدث في الوضع الطبيعي للإنسان، ولكنه قد ينتج عن إصابات معينة تؤدي لفقدان الوعي، مثل:

  • التعرض لإصابة بالدماغ أثناء اللعب، كالسقوط على الأرض أو الاصطدام بالعارضة أو لاعب آخر.
  • الإصابة بمشاكل في عضلة القلب كالرجفان أو النوبة القلبية.
  • قد يؤدي اختلال مستوى الأملاح والسكر في الدم إلى حدوث تشنجات لدى الرياضي وفقدانه الوعي، مما قد يقود إلى ابتلاع اللسان.

لماذا هو خطير؟

  • ارتداد اللسان إلى الحلق يؤدي إلى إغلاق المجاري التنفسية، وبالتالي اختناق المصاب وعدم قدرته على التنفس.
  • بلع اللسان مؤشر على إصابة عادة ما تكون خطيرة، مثل النوبة القلبية أو ارتجاج الدماغ أو التشنجات.

لذلك فإن التعامل مع بلع اللسان يتطلب فتح المجاري التنفسية بسرعة، وذلك للسماح للمصاب بالتنفس ووصول الأكسجين إلى الرئتين، ومن ثم إرساله إلى غرفة الطوارئ بالمستشفى مباشرة للتعامل مع الإصابة الأصلية التي تسببت في بلع اللسان، ونعني هنا ارتداد اللسان للخلف وإغلاقه للحلق.

ما الإسعافات الأولية؟

  • تمديد الشخص على الأرض.
  • يقوم المسعف برفق ومن دون عنف بإمالة رأس المصاب إلى الخلف والذقن إلى الأعلى لإعادة فتح المجاري التنفسية.
  • بعد ذلك يقوم المسعف بإمالة المصاب قليلا إلى أحد جانبيه مع الحفاظ على وضعية الرأس السابقة، مما يسمح للعاب بالنزول إلى خارج الفم وعدم الدخول في الحلق.
  • في حال فشل الإجراء السابق في إزاحة اللسان قد يتطلب الأمر إجراء مناورة "دفع الفك" "Jaw thrust، أو إدخال أنبوب القصبة الهوائية (الأنبوب الرغامي) مما يتطلب وجود فريق إسعاف بالموقع مدرب على التعامل مع الإصابات والطوارئ الرياضية.

ويجب تذكر أن انقطاع النفس قد يكون له أسباب أخرى مثل الاختناق بالطعام أو جسم غريب، أو حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية، ولذلك يجب تقييم الوضع من المسعفين وعمل اللازم مثل إجراء الإنعاش القلبي ونقل المصاب إلى غرفة الطوارئ بأسرع ما يمكن.

المصدر : الجزيرة + وكالات + رويترز + مواقع إلكترونية + نيويورك تايمز