هل تعيش البكتيريا في أدمغتنا؟

تعليم - 13 حقيقة عن الدماغ
لطالما كان يُنظر إلى الدماغ على أنه مكان معقم (مواقع التواصل)

يبدو أن العلماء وجدوا بكتيريا تعيش داخل أدمغتنا دون أن تضر بصحتنا. ويعد هذا الاكتشاف أحدث دليل على أن البكتيريا موجودة في كل مكان داخل أجسامنا وخارجها.

وقد تطرقت الكاتبة رايتشيل رتنر في تقريرها المنشور على موقع "لايف ساينس"، إلى دراسة طبية قُدمت خلال الاجتماع العلمي "علم الأعصاب 2018″، حلل فيها الباحثون صورا عالية الدقة لعينات من نسيج دماغ بشري تحتوي على علامات تدل على وجود بكتيريا.

وذكرت الكاتبة أن الباحثين بجامعة ألاباما في برمنغهام أكدوا أن هذه النتائج أولية وتحتاج إلى المزيد من العمل لاستبعاد فرضية أن تكون عينات المخ التي وقعت دراستها قد تلوثت بطريقة ما بعد الموت. وإذا ثبتت صحة هذه النتائج، سيتغير منظور العلماء حول الدماغ الذي يُعتقد أن تعرضه للبكتيريا علامة على الإصابة بمرض.

ويقول الدكتور أميش أدلجا الباحث بمركز جونز هوبكنز للأمن الصحي في مدينة بالتيمور -الذي لم يشارك في هذا البحث- إنه "لطالما كان يُنظر إلى الدماغ على أنه مكان معقم. وستدحض الدراسات التي تثبت وجود بكتيريا غير ضارة في الدماغ هذا المعتقد السائد".

وأوردت الكاتبة أن الباحثين توصلوا إلى هذه النتيجة المدهشة بالصدفة، فقد كانوا يبحثون في الاختلاف الممكن بين أدمغة الأشخاص المصابين بالفصام وأولئك السليمين باستخدام تقنية تصوير تفصيلية تدعى المجهر الإلكتروني. ومن خلال دراسة هذه الصور الدقيقة لاحظوا وجود أجسام على شكل عصا.

وقالت الكاتبة الرئيسية للدراسة روزاليندا روبرتس -وهي خبيرة في علم الأعصاب وأستاذة بقسم الطب النفسي وعلم النفس الحيوي في جامعة ألاباما- إنها في البداية صرفت النظر عن هذه الأجسام لأنها كانت بصدد البحث عن شيء آخر. وفي النهاية، استشار الباحثون بعض الزملاء حول هذه الأجسام واكتشفوا أنها كانت بكتيريا بالفعل.

وفي الدراسة الجديدة، حلل الباحثون عينات من 34 تحليلا للأدمغة البشرية بعد الوفاة ووجدوا بكتيريا في جميع العينات. لكن الأهم من ذلك أن الباحثين لم يجدوا أي علامات على وجود التهاب أو مرض بكتيري في عينات أنسجة الدماغ التي فحصوها.

دراسات سابقة ذكرت أن البكتيريا في الأمعاء قد تؤثر على الدماغ بشكل غير مباشر

أجزاء مفضلة
وحسب ما ورد في خلاصة الدراسة، يبدو أن البكتيريا تفضل أجزاء معينة من الدماغ، حيث تميل إلى التكتل في مناطق تعرف باسم "قرن آمون" و"القشرة الأمام الجبهية" و"المادة السوداء". وفي أحيان كثيرة عُثر على البكتيريا في الخلايا النجمية التي تقع قرب الحاجز الدموي الدماغي.

ووفقا لمجلة "ساينس"، فإن الباحثين عندما رتبوا المواد الجينية المتأتية من البكتيريا، وجدوا أن معظم البكتيريا التي تعيش في الدماغ كانت من النوع الموجود عادة في الأمعاء البشرية، والمعروف باسم "متينات الجدار" و"المتقلبات" و"العصوانيات".

وذكرت الكاتبة أن الباحثين حللوا أدمغة الفئران التي تم حفظها بعد الموت مباشرة، في محاولة منهم لاستبعاد فرضية تلوث عينات الدماغ. وقد وجد العلماء أيضا "بكتيريا بكميات وفيرة" في أدمغة الفئران، وكانت في مواقع مشابهة لتلك الموجودة في أدمغة الإنسان. ولكن عندما حلل الباحثون الفئران التي خضعت لتحوير جيني يجعل أجسامها خالية من الجراثيم، لم يجدوا أي بكتيريا في أدمغتها.

ومع ذلك، أشار أدلجا إلى أنه من الضروري إعادة العمل على هذه النتائج للتأكد من أن هذه البكتيريا ليست ناتجة عن تلوث. واستنادا إلى الخطوات التي اتخذها الباحثون حتى الآن، أشار إلى أنه يشك في أن ما توصل إليه العلماء "نتيجة حقيقية".

وأكدت الكاتبة أن هذه النتائج تطرح إمكانية احتواء الدماغ -مثل الأمعاء البشرية- على "ميكروبيوم". وقد ذكرت الدراسات السابقة أن البكتيريا في الأمعاء قد تؤثر على الدماغ بشكل غير مباشر، وذلك عبر إنتاج المواد الكيميائية أو البروتينات التي تشق طريقها إلى الدماغ. لكن النتائج الجديدة تشير إلى وجود تأثير مباشر.

من جهته، قال أدلجا "إذا تأكدت النتائج الجديدة فستفتح خطا جديدا من البحث العلمي لتحديد ما تفعله البكتيريا في الدماغ، وما الدور الذي تلعبه في الوصل بين القناة الهضمية والدماغ".

وذكرت الكاتبة أن الدراسة الجديدة لم تكن أول دراسة تشير إلى أن الدماغ -العضو "المعقم"- يحتوي على ميكروبيوم، فقد ذكرت دراسات حديثة أن قناتي فالوب والمبيض والخصية تحتوي كذلك على ميكروبيوم خاص بها.

المصدر : مواقع إلكترونية