ورش البطاريات في غزة تهدد صحة سكانها
وبدوره أدى انتشار الاعتماد على البطاريات إلى انتشار العشرات من ورش إعادة تدوير البطاريات التالفة في القطاع، بينما تدفع الحاجة عشرات الفنيين والعمال إلى ممارسة المهنة رغم خطورتها في ظل معدلات الفقر والبطالة القياسية في القطاع.
وبحسب إحصائيات محلية فإن عدد البطاريات التي دخلت قطاع غزة للاستخدام المتنوع تجاوز 80 ألف بطارية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة فقط، عدا عن دخول أكثر من 150 طنا من مستلزمات تجديد البطاريات في نفس الفترة، وهو ما يعني تزايد عمليات إعادة تدوير البطاريات رغم مخاطر ذلك.
وينقسم العمل في البطاريات إلى بطاريات جديدة يتم تجميعها من مواد خام مستوردة، وأخرى قديمة يجري تجديدها وتباع بأسعار أقل.
واشتكى مختصون من أنه رغم رصد إصابات امتدت لتطال العمال وأبناءهم والمحيطين من السكان بالورش، إلا أن تلك الورش ظلت تعمل من دون رقابة رسمية.
التجمعات السكانية
ويقول مدير دائرة النفايات الصلبة والخطرة في سلطة جودة البيئة محمد مصلح لوكالة الأنباء الألمانية، إن الأخطر في عمل ورش تدوير البطاريات هو قربها من التجمعات السكنية، مما يجعل السكان عرضة لتسرب الغازات السامة منها، فضلا عن مخاطرها البيئية على التربة ومخزون المياه الجوفية.
ويوضح مصلح أن تسرب رصاص البطاريات أو إلقاء تلك البطاريات في مكبات النفايات الصلبة ومن ثم تحللها؛ يهدد التربة ومياه الخزان الجوفي ويضر بالواقع البيئي العام.
وبحسب مصلح فإنه خلال الأعوام الثلاثة الماضية أجرى أطباء أعصاب ومختصون في علوم البيئة في غزة دراسة حول أخطار عملية صهر الرصاص الناتج عن تدوير البطاريات.
وأثبتت الدراسة إصابة المئات من الأطفال بتسمم الرصاص الذي يتسبب في عدد من الأمراض الخطيرة مثل الفشل الكلوي والعجز الذهني.
أما أبناء العاملين في صهر الرصاص داخل ورش تدوير البطاريات فتبين أنهم جميعهم أصيبوا بالمرض وتم تحويلهم للعلاج الفوري، بحسب مصلح الذي ينبه إلى أن خطر البطاريات لا يقتصر على الرصاص فقط، بل إن بعضها يحوي مادة الزئبق.
ويبرز كذلك أن التخلص من البطاريات في مكب النفايات يؤدي إلى تسرب محتوياتها إلى المياه الجوفية، بحيث إن غراما واحدا من الزئبق يمكن أن يلوث مليون لتر من المياه الجوفية.
ويصاب العاملون في تدوير البطاريات بمرض تسمم الرصاص -المادة الرئيسية المكونة للبطارية- الذي يعرف بأنه من أنواع التسمم المعدني الناجم عن تراكم الرصاص في الجسم عبر التنفس أو الابتلاع، ويعتبر الدماغ أكثر الأعضاء حساسية وتضرراً منه.
التسمم
وتشمل أعراض التسمم آلاما في البطن، والإمساك والصداع والتهيج ومشاكل الذاكرة، وقد تصل حد التشنجات والتخلف العقلي والعقم بحسب رئيس قسم الأعصاب في بأحد مستشفيات غزة محمد أبو ندى.
ويقول أبو ندى لوكالة الأنباء الألمانية إن تسمم الرصاص يؤدي إلى فشل كلوي عند الأطفال، بالإضافة إلى فقر الدم. كما يؤدي إلى التشنجات وقصر القامة عند بعض الأطفال، إلى جانب التخلف العقلي.
ويضيف أن كل العاملين في مجال تدوير البطاريات مصابون بنسب متفرقة من التلوث بالرصاص في أجسادهم، مشددا على الحاجة الماسة إلى تطبيق شروط السلامة على الورش ذات المجال، خاصة أنها جميعها في مناطق مأهولة بالسكان ويمكن أن يرتادها الأطفال.