انتقادات واسعة للشق الاقتصادي من خطة السلام الأميركية

White House senior advisor Jared Kushner smiles while listening to U.S. President Donald Trump talk as the president meets with Israel's Prime Minister Benjamin Netanyahu at the White House in Washington, U.S., March 25, 2019. REUTERS/Carlos Barria TPX IMAGES OF THE DAY
خطة البيت الأبيض الاقتصادية تشمل وثيقتين الأولى عن "السلام من أجل الرخاء" والثانية تركز على المشروعات والبرامج الاقتصادية (رويترز)

محمد المنشاوي-واشنطن

"لن أعطي طلابي الجامعيين أكثر من درجة "سي" (درجة رديئة) لو قدموا لي ذلك التصور كمشروع بحثي"، بهذه الكلمات علق السفير الأميركي السابق لدى مصر وإسرائيل دان كروتزر على محتوى الشق الاقتصادي من خطة السلام الأميركية.

وعبرت كلمات كروتزر عن انتقادات واسعة امتدت للكثير من المعلقين والخبراء المتخصصين في صراع الشرق الأوسط.

وعشية عقد ورشة عمل البحرين يومي 25 و26 من الشهر الجاري، كشف البيت الأبيض عن خطته الاقتصادية في وثيقتين، الأولى هي "السلام من أجل الرخاء" في الشرق الأوسط، والموصوفة برؤية جديدة من أجل الشعب الفلسطيني.

والثانية ركزت على محاور المشروعات والبرامج الاقتصادية والاجتماعية وبرامج الإصلاح الحكومي.

الجزيرة نت تعرض هنا لأكثر الانتقادات قوة تجاه محتوى التقريرين اللذين عرضهما البيت الأبيض، وتعرض تصوره للجانب الاقتصادي من الخطة، ويتضمن قائمة واسعة من المشروعات المستقبلية.

ترى رئيسة مؤسسة سلام الشرق الأوسط لارا فريدمان أن الوثيقتين لم تذكرا كلمة "احتلال" على الإطلاق، ولم تذكرا "إسرائيل" إلا ست مرات كدولة مجاورة فقط، ولم تتحدثا إطلاقا عن "فلسطين"، مشيرة إلى أن الوثائق ذكرت فقط الضفة الغربية وقطاع غزة والفلسطينيين.

أما المسؤول السابق عن ملف سلام الشرق الأوسط آرون ديفد ميلر فقد علق على الخطة بالقول "لو لم يقم ترامب خلال العامين الماضيين بالضغط السياسي والاقتصادي على الفلسطينيين وقتل آمالهم في دولة فلسطينية لكان يمكن أن يكون هناك بعض المنطق لهذه الخطة".

يمكن تقسيم انتقادات المحللين إلى أربعة أجزاء:

1- طريقة العرض: تضمنت الوثائق المقترحة صورا تثير الفضول، حيث جاءت كلها من فيديو أنتجته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو أس أي آي دي) تعرض من خلاله مشروعات مختلفة داخل الأراضي الفلسطينية قامت إدارة ترامب لاحقا بقطع المساعدات المالية عنها والقضاء عليها. 

واستشهد البعض بصورة شخص يدعى "باسم"، وقد رفضت إدارة ترامب منحه فيزا دخول للولايات المتحدة، وتستخدم الوثيقة صوره كنموذج مستقبلي واعد.

وتتضمن الخطة كذلك صورة خالد جونيدي أحد ملاك مزارع الزيتون ممن تم وقف تقديم مساعدات لمشروعه.

وقد قتلت سياسات إدارة ترامب بوقفها كل المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية، إضافة إلى وقف دعم برامج التنمية داخل الأراضي الفلسطينية عمليا ربط قطاع الأعمال الخاص من أجل إيجاد بيئة مشجعة لخلق السلام، وهو ما تدعيه الوثيقة وتنادي به.

 2- الإطار العام: دأبت إدارة ترامب على تكرار أنها تملك تصورا جديدا فيه أفكار لم يتم التطرق إليها من قبل.

وقد فشل من قبل وزير الخارجية الأميركي جون كيرى في جمع أربعة مليارات دولار لخطة اقتصادية طموحة بسبب تعقيدات الوضع السياسي.

وفي الوقت الذي لا تستطيع إدارة ترامب حتى ضمان مشاركة كبار رجال الأعمال الفلسطينيين لا يتم توضيح كيفية جمع خمسين مليار دولار المقترحة.

وما تقترحه إدارة ترامب ليس جديدا، فقد سبق أن تم طرحه من قبل وفشل بسبب تعقيدات الوضع السياسي.

3- جوهر المقترحات الاقتصادية: يرى الكثير من خبراء واشنطن أن الخطة المطروحة هي تجميع وخلطة لأفكار عامة كثيرا تجمع ما تطرحها تقارير دورية للبنك الدولي وتقارير كبرى شركات الاستشارات الإدارية والاقتصادية، مثل شركة ماكينزي.

لكن الطرح الاقتصادي لإدارة ترامب تجاهل ما أجمعت عليه الخطط السابقة من ضرورة منح السلطة السيطرة على المنطقة "سي" في الضفة الغربية وضمان حرية حركة الأشخاص والبضائع، وهذا تم تجاهله أو تأجيله للشق السياسي.

كما أن الخطط المماثلة تشترط حلولا سياسية مسبقة لتسهيل التطبيقات الاقتصادية.

وفي جانب التفاصيل، تم انتقاد تخصيص الخطة مبالغ كبيرة لخدمات محل تساؤل، فمثلا تذكر تخصيص 100 مليون دولار للجهات الاستشارية دون التطرق إلى كيفية اختيارها أو لطبيعة مهامها.

4- التطبيق: لا يمكن تطبيق أي من بنود الخطة في ظل مقاطعة السلطة الفلسطينية إدارة ترامب، ومن جانب آخر لا يمكن لإدارة ترامب منح مخصصات مالية لهذه الخطة قبل تأسيس علاقات دبلوماسية مع الجانب الفلسطيني، أو تأسيس صندوق حكومي مالي جديد، وهذا يتطلب موافقة الكونغرس.

وأجمعت الكثير من الآراء على أن وثائق الخطة الاقتصادية سراب يمكن من خلاله إلقاء اللوم على الفلسطينيين لعدم استغلالهم الفرصة المتاحة أمامهم، في حين أن المطروح هو خطط لا يمكن تطبيقها في ظل الأوضاع السياسية الحالية.

المصدر : الجزيرة