آفاق تعاون سياسي واقتصادي واسعة بين المغرب وتركيا

العلاقات المغربية التركية بين السياسة والاقتصاد.. ترجيح كفة التعاون
سعد الدين العثماني ومولود جاويش أوغلو في لقاء بالرباط (مواقع التواصل)
مريم التايدي-الرباط

اختار الشاب المغربي المستشار في المجال الرقمي والذكاء الاقتصادي رشيد جنكاري إطلاق مشروعه الاستشاري "جنكاري للاستشارات" من إسطنبول عبر إدارة منصة رقمية تعمل على تشبيك الخدمات بين المغرب وتركيا في اتجاه أفريقيا.

وتمثل "جنكاري للاستشارات" واحدة من المشاريع الشابة والواعدة التي تعمل على توفير قاعدة بيانات ومعلومات للراغبين في التعرف على البنية الاقتصادية والتجارية للبلدين وتسمح بتوفير المعلومات والاستشارات التي تساعد المستثمرين والراغبين بالحصول على الخدمات أو تقديمها في اتخاذ القرار المناسب.

واختار جنكاري الإقامة بإسطنبول التركية لما تمتاز به من دينامية خدماتية بينما يمتاز المغرب بموقع إستراتيجي في علاقته مع أفريقيا، الأمر الذي جعل من منصته رابطا للمعلومات يخدم التعاون الثلاثي عبر هدف ربط ثلاثة أسواق هي تركيا القوة الاقتصادية العالمية الثالثة عشرة والمغرب الذي يمثل المحور الأفريقي الأساسي للديناميكيات المتعددة القطاعات في القارة وبلدان أفريقيا الناطقة بالفرنسية.

ويعتبر مراقبون المغرب وتركيا دولتين تاريخيتين مهمتين تملكان كل الفرص لتكونا طرفين متعاونين، فهل آن الأوان ليدفع البلدان بعجلة الاستثمار بدل الاعتماد على التجارة؟

تحديات كبرى
يقول الخبير في العلاقات الدولية أحمد نورالدين للجزيرة نت، إن للمغرب وتركيا طموحات اقتصادية كبيرة ذات أبعاد إقليمية، وتجمعهما علاقات بعمق تاريخي تعززت في العقدين الأخيرين باتفاقات دبلوماسية وتجارية.

‪خبير في العلاقات الدولية: تحديات كبيرة تواجه العلاقات المغربية التركية‬ )
‪خبير في العلاقات الدولية: تحديات كبيرة تواجه العلاقات المغربية التركية‬ )

ويضيف أن البلدين يواجههما تحدي تزايد التهديدات على أمنهما القومي بسبب انهيار الدول والفوضى التي تعم مجالهما الحيوي وتنامي الحركات الانفصالية، مشيرا إلى مخاطر دخول بعض القوى الإقليمية والدولية التي ترى في التعاون بين البلدين تهديدا لمصالحها الاقتصادية أو الإستراتيجية.

ويرى الباحث المغربي المختص في الشأن التركي إدريس بوانو في حديث مع الجزيرة نت أن البلدين يتوقان إلى علاقات متميزة وشراكة إستراتيجية، مناديا بضرورة تعجيل عقد منتدى اقتصادي وسياسي يكون بمثابة منصة لتقوية العلاقات بين البلدين وتحقيق التوازن بين التفاهم الحاصل على مستوى وجهات النظر في القضايا الإقليمية والعلاقات الاقتصادية بما يسمح بتكافؤ العلاقات بين الطرفين.

التجارة البينية
بدأ تنفيذ اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا في 2006 بعد أن وقعت في 2004، ويعتبر انطلاق تنفيذ الاتفاقية تأريخا جديدا للعلاقات المغربية التركية في العقد الأخير، وبلغت المبادلات التجارية منذ بداية توقيع اتفاقيات التبادل الحر بين المغرب وتركيا 27 مليار درهم (2.8 مليار دولار) سنة 2018، مقابل 6.6 مليارات درهم (0.684 مليار دولار) فقط سنة 2016.



وارتفع العجز التجاري للمغرب مع تركيا بشكل كبير لينتقل من 4.4 مليارات درهم (0.456 مليار دولار) سنة 2006 إلى 16 مليار درهم (1.66 مليار دولار) سنة 2018، مما جعل صوت المطالبة بمراجعة اتفاقية التبادل الحر مع تركيا يرتفع بالمغرب.

ويرجع الأمر بحسب أحمد نور الدين إلى تشابه بعض القطاعات الإنتاجية، مثل صناعات النسيج والجلد والبناء والأشغال العمومية وشبكات التوزيع بالتقسيط الذي يمكن تعديله إذا فتحت تركيا أبوابها للصناعات الصيدلانية المغربية مثلاً أو للبنوك والتأمينات وغيرها.

ويعتبر إدريس بوانو أن التحول الذي يشهده الاقتصاد العالمي دفع عددا من الدول لإعادة ترتيب سياستها الاقتصادية بما يناسب بلدانها، وأن المغرب مطالب بإحداث تقييم دوري لاتفاقاته الاقتصادية مع مختلف أطراف التبادل الحر-ليس فقط تركيا- وتطوير بضاعته بما يكفل تنافسيتها في السوق واستفادته من الاتفاقيات المبرمة.

التوجه نحو الاستثمار
ويرى خبراء أن مجالات واسعة للتعاون بين المغرب وتركيا واردة في الصناعات الميكانيكية والكهربائية وقواعد التعاون التكنولوجي، وأن البلدين مدعوان لتطوير الاستثمار عبر إحداث منصات استثمارية مشتركة ترفع من حجم الإنتاج المغربي وتجويده، ليكون مؤهلا للتصدير والتسويق من المغرب نحو أوروبا وأميركا وأفريقيا.

ويؤكد بوانو أن البيئة المغربية -ببنيتها التحتية وكفاءات كوادرها- مؤهلة لاحتضان الاستثمار التركي وتسويقه في أفريقيا باعتبارها سوقا مستقبلية، ويعتقد أن المغرب وتركيا مؤهلان أكثر من غيرهما لإنتاج منصات استثمارية وعدم التعويل على التجارة البينية.



ويدعو أحمد نور الدين الجانبين لإزالة الألغام من طريق المستقبل والتعامل بواقعية لإيجاد معادلة مربحة للطرفين على المدى المتوسط والبعيد، قائلا "المهم أن ننظر بعين إستراتيجية وليس بحسابات ضيقة آنية قد يستغلها المتربصون".

مباحثات رسمية
أجرى رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني مباحثات بالرباط مع مولود جاويش أوغلو وزير الشؤون الخارجية بجمهورية تركيا الذي زار المغرب، في إطار تخليد المملكة للذكرى الخمسين لإنشاء منظمة التعاون الإسلامي.

وحسب بلاغ لرئاسة الحكومة، تمحورت المباحثات حول سبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، وأكد خلالها الجانبان الرغبة المشتركة في تعزيز وتوسيع آفاق التعاون الثنائي والعمل على تطوير الاستثمارات والمبادلات التجارية بشكل يخدم مصالح البلدين.



Naceur Rouaies

وجدد رئيس الدبلوماسية التركية موقف بلاده الثابت بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة وتشبثها باستقرار المغرب الذي يلعب دورا مهما في العالم الإسلامي والقارة الأفريقية وفي منطقة المتوسط، وأعرب عن تطلع بلاده لتعزيز التعاون مع المغرب في اتجاه القارة الأفريقية.

ونشر مولود جاويش أوغلو عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، "التقينا مع أخي ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب، وناقشنا خلال اللقاء الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين".

المصدر : الجزيرة