توقعات بتدفق ودائع جديدة على المصارف بقطر

Cars drive past the building of Qatar Central Bank in Doha, Qatar, June 6, 2017. REUTERS/Naseem Zeitoon
أشاد اقتصاديون بما وصفوه بالسياسة الحكيمة لبنك قطر المركزي التي منحت ثقة أكبر للمستثمرين (رويترز-رشيف)

محمد أفزاز

توقع اقتصاديون أن تتدفق ودائع جديدة على النظام المصرفي القطري خلال الفترة المقبلة مع بدء انحسار تداعيات الحصار على قطر، وعودة الثقة لدى المستثمرين الأجانب في قوة الاقتصاد القطري.

يأتي هذا في وقت أظهرت بيانات من مصرف قطر المركزي أن خروج الودائع من النظام المصرفي القطري تباطأ في سبتمبر/أيلول الماضي.

فقد انخفضت ودائع العملاء الأجانب لدى البنوك في قطر بنحو 6.2 مليارات ريال (1.7 مليار دولار) خلال الشهر الماضي، مقارنة مع شهر أغسطس/آب المنصرم لتصل إلى 142.8 مليار ريال.

وهذا الانخفاض أقل من الهبوط المسجل في أغسطس/آب المنصرم، والبالغ 8.2 مليارات ريال، وفي يوليو/تموز ويونيو/حزيران عندما بلغ 13.4 مليار ريال و14 مليار ريال على الترتيب، وفق ما أورده تقرير لوكالة رويترز.

وتنسجم هذه المعطيات مع ما أعلنته وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية قبل أكثر من أسبوع من أن حدة الضغوط التي تواجه البنوك القطرية بسبب الحصار بدأت تخف.

 فيتش بينت في مذكرة بحثية أن موجة انسحاب الودائع الأجنبية التي أثارها الحصار بدأت تتراجع، تزامنا مع تحسن نظرة المستثمرين الدوليين للدوحة.

‪بنك قطر الوطني أكبر المصارف بالمنطقة حقق أرباحا تاريخية اقتربت من ثلاثة مليارات‬ (رويترز-أرشيف)
‪بنك قطر الوطني أكبر المصارف بالمنطقة حقق أرباحا تاريخية اقتربت من ثلاثة مليارات‬ (رويترز-أرشيف)

عودة رؤوس الأموال
ويعتقد المحلل المالي نضال خولي بأن ما سماه بمرحلة "الصدمة الأولى" للحصار المفروض على قطر وتأثيراتها على سحب الودائع من البنوك قد انتهت، وأن الفترة المقبلة ستشهد عودة رؤوس الأموال إلى السوق القطرية بحثا عن فرص استثمارية ذات عوائد مجزية.

ويقول للجزيرة نت "مع انحسار تداعيات الحصار المفروض على قطر وتراجع تأثيره على نفسية المستثمرين فإننا نتوقع حدوث حركة نزوح عكسية للودائع باتجاه البنوك القطرية".

ويضيف "الصدمة الأولى انتهت، ونحن نعيش حاليا مرحلة توازن، سيعقبها سريعا قناعة لدى المستثمرين بأنه ليست ثمة مبررات لسحب السيولة من السوق القطرية".

ويشرح خولي أن خروج الودائع من البنوك القطرية في المرحلة السابقة جاء كـ "ردة فعل عشوائية" على أزمة الحصار التي لم يكن المستثمرون يتوقعون حدوثها.

‪خولي: البنوك والشركات القطرية تحقق أرباحا رغم ظروف الحصار‬ (الجزيرة)
‪خولي: البنوك والشركات القطرية تحقق أرباحا رغم ظروف الحصار‬ (الجزيرة)

ويشير إلى أن ردة الفعل هذه كانت نفسية ولم تكن تستند إلى معطيات اقتصادية، حيث ظل الاقتصاد القطري متوازنا، مع استمرار الإنفاق الحكومي وبسخاء على المشاريع.

وبحسب خولي، فإن البنك المركزي القطري اعتمد سياسة حكيمة، حيث لم يضع قيودا على التحويلات بالعملات الأجنبية ما أعطى ثقة أكبر للمستثمرين بقدرة البنك على تعويض أي نقص في السيولة بالسوق المحلية.

ويؤكد أنه رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على بدء الحصار فإن البنوك والشركات القطرية ما زالت تسجل أرباحا قياسية، وهو مؤشر إيجابي يدعم قرارات المستثمرين.

وحققت مجموعة بنك قطر الوطني -أكبر المصارف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا– أرباحا بقيمة 2.83 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، بارتفاع سنوي بلغ 6%، وهو أعلى مستوى للأرباح في تاريخ المجموعة.

ثقة المستثمرين
من جهته، لم يستبعد المستشار الاقتصادي بشير الكحلوت أن تتدفق ودائع جديدة على النظام المصرفي القطري في ظل تراجع القلق بشأن تداعيات الحصار على أداء الاقتصاد المحلي، بالتزامن مع انتهاء مفعول عمليات السحب التي قام بها مستثمرون من بعض دول الحصار.

ويقول في حديث للجزيرة نت "في بداية الحصار كانت هناك هجمة من الإمارات والسعودية على الجهاز المصرفي القطري من خلال سحب الودائع، لكن هذه الهجمة سرعان ما انتهت فلم تتلوها سحوبات أخرى".

‪الكحلوت يؤكد انتهاء مفعول عمليات سحب الودائع من قبل بعض دول الحصار‬ (الجزيرة)
‪الكحلوت يؤكد انتهاء مفعول عمليات سحب الودائع من قبل بعض دول الحصار‬ (الجزيرة)

ويضيف مدير مركز البيرق للدراسات في قطر أن بعض المودعين الأجانب ساورتهم مخاوف في بداية الأزمة فلجؤوا إلى سحب ودائعهم، وهذا أمر طبيعي يعكس القلق من المستقبل، لكن بعد مرور أشهر تبين أنه لم تكن هناك آثار كبيرة للحصار فتلاشت تخوفاتهم.

ويؤكد أن تلاشي ما سماه بالهجوم على المصارف، وعودة الاطمئنان والثقة إلى المستثمرين الأجانب ربما كان وراء تباطؤ خروج الودائع من المصارف، وقال في ضوء ذلك "هناك بعض التفاؤل بعودة التدفقات إلى البنوك من جديد".

وإلى جانب تباطؤ خروج ودائع الأجانب من المصارف في قطر ارتفعت ودائع القطاع الخاص المحلية لدى البنوك مع نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي بنحو 3.3 مليارات ريال إلى مستوى 341.7 مليار ريال، وفق بيانات لـ "المجموعة للأوراق المالية".

كما زادت ودائع القطاع العام القطري لدى البنوك المحلية بمقدار 7.2 مليار ريال فقط في سبتمبر/أيلول، وفق بيانات أوردتها وكالة رويترز.

المصدر : الجزيرة + وكالات