المصرف المركزي

The Euro logo is pictured in front of the former headquarter of the European Central Bank (ECB) in Frankfurt am Main, western Germany, on July 20, 2015 as Greece has begun making a 4.2 billion euro ($4.6 billion) payment due to the ECB as well as outstanding sums due to the International Monetary Fund (IMF) according to a ministerial source. The transfer was made possible by a short-term 'bridge' loan of 7.16 billion euros granted by the European Union on July 17, 2015.AFP PHOTO / DANIEL ROLAND
البنوك المركزية تراقب المنظومة المصرفية وتسهر على احترام المصارف لمقتضيات القوانين الوطنية والدولية المعمول بها (غيتي)

مؤسسة تشرف على تدبير السياسة النقدية والائتمانية لدولة أو مجموعة دول (اتحاد نقدي) وفقا للأهداف التي يحددها التفويض الممنوح لها (الحفاظ على استقرار الأسعار و/أو دعم النمو).

كما تتكلف بمراقبة المنظومة المصرفية والسهر على احترام المصارف لمقتضيات القوانين الوطنية والدولية المعمول بها داخل الدولة (أو داخل الاتحاد النقدي)، هذا بالإضافة إلى أن المصرف المركزي هو الهيئة الوحيدة التي تحتكر سلطة إصدار النقود.

نبذة تاريخية
ارتبط ظهور العديد من المصارف المركزية في العالم برغبة الملوك في الولوج إلى مصدر تمويل إضافي أمام ازدياد حجم الإنفاق على جهاز الدولة وعلى الحروب التي تخاض ضد الدول الأخرى.
وقد أتاحت قدرة المصارف المركزية على خلق النقود بمعزل عن احتياطياتها من المعادن النفيسة إمكانية جديدة من أجل تمويل نفقات الدولة وحروبها من دون الحاجة إلى فرض ضرائب جديدة على مواطنيها أو إلى الاستدانة من كبار التجار والمرابين في الداخل والخارج.

ظهر أول مصرف مركزي إلى الوجود في أوروبا عند منتصف القرن العشرين عام 1844، ويتعلق الأمر ببنك إنجلترا، وعلى الرغم من أن نشأته كمصرف تجاري تعود إلى عام 1694 فإنه لم يخول رسميا بممارسة كامل سلطات المصرف المركزي في بريطانيا إلا بعد قرن ونصف من تأسيسه، في إطار الإصلاح الذي شهده المصرف في عهد حكومة روبرت بيل.

لم تتأخر باقي البلدان الأوروبية كثيرا لكي تحذو حذو بريطانيا بعد منتصف القرن الـ19، لكن معظم باقي البلدان في العالم لم تنشئ مصارفها المركزية الخاصة إلا بعد الحرب العالمية الأولى حيث أصبحت الحاجة إليها أكثر إلحاحا.

الوظائف والمهام
يمارس المصرف المركزي عدة وظائف ومهام، أبرزها:
-إصدار النقود بنوعيها الورقية والمعدنية، والسهر على تزويد المصارف بها تبعا لحاجياتها، وتعد المصارف المركزية الجهة الوحيدة المخولة قانونيا لإصدار النقود، ولم يعد بإمكان أي مصرف تجاري عبر العالم أن يصدر نقوده الورقية خلافا لما كان سائدا في قرون سابقة.

-الإشراف على تدبير السياسة النقدية والإئتمانية للدولة (أو الاتحاد النقدي) وفقا للأهداف التي يحددها التفويض الممنوح له (الحفاظ على استقرار الأسعار و/أو دعم النمو)، ويحدد المصرف المصرف المركزي -في هذا الإطار- سعر الفائدة المرجعي ويتحكم في الكتلة النقدية المتداولة في الاقتصاد من خلال أدوات السياسة النقدية المعروفة.

-الحيلولة دون وقوع أزمات ائتمانية من خلال ممارسة دور الملاذ الأخير للإقراض داخل المنظومة المصرفية في حال حصول نقص بالسيولة لأي سبب من الأسباب (خروج فجائي للرساميل الأجنبية مثلا، أو انهيار في سوق الأوراق المالية، أو ارتفاع ملحوظ في الديون غير القابلة للاسترداد).

ويكون ذلك بتوفير القروض الكافية للمصارف من أجل تمويل الاقتصاد حتى تعود الثقة إلى الفاعلين الاقتصاديين في صلابة المنظومة المصرفية ويرجع الزبائن ودائعهم إلى حساباتهم وتنتعش سوق الائتمان بين المصارف، فتقل حينئذ الحاجة إلى الاعتماد الكلي على المصرف المركزي.

-السهر على حسن سير نظام الأداءات بشكل عام ونظام المقاصة بين المصارف التجارية، حيث إن هذه الأخيرة بدورها تتوفر على حسابات لدى المصرف المركزي الذي يتكفل بتسجيل العمليات بين هذه المصارف وينظم تسوية الالتزامات التي تنشأ بينها.

-مراقبة المنظومة المصرفية والسهر على احترام المصارف لمقتضيات القوانين الوطنية والدولية المعمول بها داخل الدولة أو داخل الاتحاد النقدي.

-تحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية في ظل نظام أسعار الصرف الثابتة، أو التدخل من أجل الإبقاء على سعر الصرف عند مستوى مستهدف في ظل نظام أسعار الصرف المرنة أو المعومة.

-تدبير احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي.

استقلالية المصارف
ترتبط فكرة مصداقية السياسة النقدية بمدى ثقة الفاعلين الاقتصاديين في نية المصارف المركزية وقدرتها على التحكم بالتضخم وضمان استقرار الأسعار، وتبقى فعالية كل سياسة نقدية رهينة بمدى مصداقية هذه السياسة في أعين هؤلاء الفاعلين.

ولأن السياسات الحكومية قد تكون عرضة للتوظيف لأغراض انتخابية من أجل استمالة أصوات الناخبين (إنفاق يتجاوز الإمكانات الحقيقية للدولة بتمويل من المصرف المركزي عبر طبع النقود) فإن السياسة النقدية لا تكون في مأمن من هذه الأهواء إن بقيت في أيدي الحكومات، والتبعات المترتبة على ذلك قد تكون وخيمة بالنسبة للمالية العمومية والاقتصاد عموما.

لذلك، فقد أصبحت استقلالية المصارف المركزية عن الحكومات مطلبا للعديد من الفاعلين (خاصة أصحاب الأموال المتضررين من التضخم)، وما فتئت المؤسسات المالية الدولية –صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحديدا- تدعو الحكومات عبر العالم إلى تمتيع مصارفها المركزية بالاستقلالية والتنصيص على ذلك في القوانين الوطنية.

ولقد شهد العالم في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي -بعد ما شهد أزمة الدين- موجة من الإصلاحات التي دعت إلى فصل المصارف المركزية عن التبعية للسلطة السياسية وتبني سياسات نقدية تقييدية موجهة أساسا إلى محاربة التضخم.

المصدر : الجزيرة