جولة أمير قطر الآسيوية.. نتائج مهمة وآفاق اقتصادية واعدة

محمد أفزاز-الدوحة

وصف رجال أعمال ومسؤولون الجولة الآسيوية لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني -التي زار فيها كلا من كوريا الجنوبية واليابان ويختمها بالصين– "بالمهمة والناجحة"؛ بالنظر إلى حجم الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تم توقعيها هناك، ودور هذه الزيارة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين قطر وهذه البلدان.

وتعطي جولة أمير قطر في شرق آسيا زخما للشراكة مع هذه الدول الثلاث، كما تأتي في سياق إستراتيجية جديدة للتعويل على الذات وتعميق العلاقات مع الشركاء لتجاوز الحصار، بحسب مراقبين.

اتفاقات كثيرة
وشهدت زيارة أمير قطر إلى كوريا الجنوبية التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقات بين حكومتي البلدين، وشملت مجالات النقل البحري والبري.

وشهدت الزيارة إلى اليابان التوقيع على إعلان مشترك بشأن إقامة آلية حوار إستراتيجي وعدد من مذكرات التفاهم بين حكومتي قطر واليابان في مجالات مختلفة، بينها الاقتصادية والتجارية، والنقل والمواصلات، والبنية التحتية.

في حين تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين قطر والصين اليوم الخميس شملت عدة قطاعات اقتصادية وسياسية وتعليمية، بينها اتفاق للتعاون في مجال البنية التحتية وقطاعات أخرى.

وقال مدير مكتب الجزيرة في بكين ناصر عبد الحق إن هذه الاتفاقات جاءت تتويجا لاتفاق الشراكة الإستراتيجية بين قطر والصين والموقعة قبل نحو أربع سنوات.

وتزود قطر كوريا الجنوبية بـ11.5 مليون طن من الغاز الطبيعي، مما يجعل من سول أكبر وجهة لتصدير الغاز القطري، في حين تمتلك 15 شركة كورية جنوبية تمثيلا في قطر.

وتعد الصين ثالث شريك تجاري لقطر، وثاني أكبر مصدر لوارداتها، في حين تعتبر قطر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال للصين.

وقطر من أوائل الدول التي أبدت رغبتها في المشاركة في مبادرة  "الحزام والطريق"، كما أنها عضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، بحسب المسؤولين الصينيين.

وتكتسب هذه الجولة أهمية خاصة؛ إذ تعد الثانية لأمير قطر إلى القارة الآسيوية بعد الحصار المفروض على البلاد منذ يونيو/تموز 2017، حيث سبقتها جولة شملت كلا من ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا في أكتوبر/تشرين 2017.

ويعتقد مراقبون أن قطر نجحت في توسيع علاقاتها وشراكاتها الإستراتيجية مع مختلف دول العالم، وفي مقدمتها الدول الكبرى والمؤثرة، في حين ستفتح الجولة الحالية أسواقا جديدة أمام الاقتصاد والمنتجات والاستثمارات القطرية.

‪زيارة أمير قطر إلى اليابان شهدت التوقيع على عدة اتفاقيات اقتصادية شملت النقل والمواصلات والبنية التحتية‬ زيارة أمير قطر إلى اليابان شهدت التوقيع على عدة اتفاقيات اقتصادية شملت النقل والمواصلات والبنية التحتية (الأوروبية)
‪زيارة أمير قطر إلى اليابان شهدت التوقيع على عدة اتفاقيات اقتصادية شملت النقل والمواصلات والبنية التحتية‬ زيارة أمير قطر إلى اليابان شهدت التوقيع على عدة اتفاقيات اقتصادية شملت النقل والمواصلات والبنية التحتية (الأوروبية)

نتائج مهمة
وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني إن الجولة الآسيوية لأمير قطر حققت نتائج مهمة سياسيا واقتصاديا، وتعكس ذلك الاتفاقيات التي تم توقيعها، والتي تشمل تعزيز علاقات التعاون والشراكة الإستراتيجية في مختلف المجالات.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الزيارات الدولية والإقليمية التي يقوم بها أمير قطر تؤكد مضي الدوحة في طريقها نحو الانفتاح على الاقتصادات العالمية، وفتح مزيد من الخطوط التجارية مع مختلف دول العالم، خاصة بعد الحصار الجائر المفروض على البلاد.

وأشار خليفة بن جاسم آل ثاني –الموجود حاليا ضمن الوفد المشارك في المنتدى القطري الصيني- إلى أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين قطر والدول الثلاث التي شملتها الجولة الآسيوية بلغ نحو 35 مليار دولار في عام 2017.

وبحسب رئيس غرفة قطر، فقد بلغ التبادل التجاري مع اليابان 16 مليار دولار في 2018، بنمو سنوي قدره 23%، كما بلغت قيمة المبادلات مع الصين 9.7 مليارات دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، مقابل 10.4 مليارات دولار لعام 2017 كاملا.

وبلغت التبادلات التجارية مع كوريا الجنوبية في تسعة أشهر من العام المنصرم ما قيمته 11.1 مليار دولار مقابل 11.7 لعام 2017 كاملا، وهو ما يعكس -حسب رأي رئيس الغرفة- نموا قويا في المبادلات التجارية.

توطين التكنولوجيا
وشهد منتدى الأعمال الذي عقد في كل من طوكيو وبكين في إطار الجولة الآسيوية لأمير قطر مباحثات تهدف إلى تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين قطر وكل من اليابان والصين، وفق خليفة بن جاسم.

كما تم بحث الفرص الاستثمارية المتاحة في الدول الثلاث، وإمكانية إقامة مشروعات مشتركة تخدم اقتصاداتها، خاصة في الصناعات التحويلية والبتروكيماوية والغذائية، مع التركيز على جلب وتوطين التكنولوجيا المتطورة التي تمتاز بها كل من الصين واليابان، كما يقول المتحدث ذاته.

وفي كلمته خلال منتدى الأعمال المشترك في بكين، قال خليفة بن جاسم إن رجال الأعمال القطريين يتطلعون لمزيد من الشراكات والتحالفات مع نظرائهم الصينيين.

وأشار إلى أن نحو 14 شركة صينية لديها استثمارات في قطر بنسبة تملك 100%، وتعمل معظمها في التجارة والمقاولات، كما يوجد نحو 176 شركة قطرية صينية مشتركة تقدر استثماراتها في قطر بنحو أربعمئة مليون دولار أميركي.

رئيس الغرفة اعتبر أن الحصار المفروض على قطر أسهم في تحفيز القطاع الخاص القطري لتعزيز مساهمته في المشروعات الإنتاجية، بدل الاعتماد على استيراد السلع من الدول المجاورة.

 رئيس غرفة قطر يتحدث في منتدى الأعمال القطري الصيني (الجزيرة)
 رئيس غرفة قطر يتحدث في منتدى الأعمال القطري الصيني (الجزيرة)

ميلاد مشاريع كبيرة
من جهته، قال عبد الرحمن الأنصاري عضو وفد رجال الأعمال في زيارة أمير قطر؛ إن هذه الزيارة تعكس أهمية هذه الدول بالنسبة لاقتصاد قطر، وأضاف أن كوريا الجنوبية واليابان والصين من أكبر المستوردين للغاز الطبيعي القطري.

وأشار في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف إلى أن هذه الزيارة "بالغة الأهمية"، وستشهد ميلاد مشاريع كبيرة بين قطر وهذه الدول الثلاث.

وعبر الأنصاري -وهو الرئيس التنفيذي للشركة القطرية للصناعات التحويلية- عن تفاؤله الكبير بمستقبل العلاقات الاقتصادية بين قطر وهذه الدول، التي وصفها بالاقتصادات الكبرى.

الأنصاري أكد أيضا أن هذه الزيارة تترجم الرؤية بعيدة المدى للقيادة القطرية لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الدول الأكثر تأثيرا في العالم.

ولفت إلى أن مجتمع الأعمال بقطر بات مقتنعا بأن اقتصاد البلاد يجب أن يتغير، خاصة في ظل ظروف الحصار.

وقال "رغم أن الحصار أصبح خلفنا، فإنه كان فرصة للنظر بعيدا من أجل تطوير اقتصادنا وصناعاتنا بما يخدم رؤية 2030 طويلة المدى".

وأضاف أن واقع الحصار دفع نحو تعزيز العلاقات الخارجية، وهو ما تعكسه زيارة أمير قطر إلى هذه البلدان القوية.

كما لفت إلى أن هذه الدول القوية تنظر باحترام لدولة قطر وقيادتها، وتقدر الجهود التي تبذلها قطر للوقوف إلى جانبهم خاصة في الظروف الصعبة.

المصدر : الجزيرة + وكالات