أزمة الحليب بالجزائر حقيقية أم مفتعلة؟

التهافت على أكياس الحليب
الحصول على عبوة حليب أصبح همّا يؤرق الجزائريين كل صباح (الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

تجددت أزمة الحليب في الجزائر بسبب ما يروّج عن ندرته في الأسواق، وعادت الطوابير الطويلة إلى شوارع مدن عديدة، مما يذكر بمشاهد عاشها الجزائريون في تسعينيات القرن الماضي وسط تفنيد رسمي لوجود أزمة حليب لأن المخزون يكفي لستة أشهر.

وتصطف جموع المواطنين يوميا أمام المحلات والدكاكين ساعات في انتظار وصول شاحنة الحليب لعل المرء يظفر بكيسين أو ثلاثة، وهو مشهد لا يزال مستمرا منذ نحو شهرين.

ويقول المواطن فاتح -الذي تقاعد مبكرا عن العمل- إنه يتنقل كل صباح من مكان إلى آخر بحثا عن كيس حليب كغيره من المواطنين البسطاء، مضيفا أن الأزمة تتباين من منطقة إلى أخرى. 

‪الحليب المعبأ في أكياس من البلاستيك ندرة حقيقية‬ (الجزيرة)
‪الحليب المعبأ في أكياس من البلاستيك ندرة حقيقية‬ (الجزيرة)

أما ياسين (موظف) فيرى أن الأزمة مفتعلة من قبل أصحاب المصانع تمهيدا لرفع الأسعار، ويقول إن الأزمة لا تهمه لأنه يشرب الحليب المعبأ في علب (الأغلى ثمنا)، ولأن الحليب المعبأ في أكياس بلاستيكية -محل الأزمة- "هو مجرد ماء ملون بطعم الحليب".

ويعتقد أمين (طالب جامعي) أن النظام افتعل الأزمة من أجل إشغال الرأي العام عن قضايا أهم بحيث يصبح كل تفكير المواطن هو الظفر بكيس حليب، وبدل أن يشتري كيسا أو كيسين فإنه يشتري عشرة من أجل التخزين وتجنب الندرة.

وكان تحقيق رسمي اشتركت في القيام به عدة دوائر وزارية قد خلص إلى تحميل أصحاب مصانع الألبان الخاصة المسؤولية عن افتعال الأزمة للضغط على الحكومة التي راجعت الحصص الموزعة على هذه المصانع. وشمل التحقيق مئة مصنع من بين 190 تحوّل المسحوق إلى حليب سائل تتم تعبئته في أكياس من البلاستيك.

ويقدر خبراء أن الجزائر قد أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة قرابة عشرين مليار دولار على استيراد مسحوق الحليب.

وتفسيرا لأزمة الندرة التي تضرب الجزائر منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، يقول الحاج الطاهر بولنوار إنها ليست جديدة حيث تعيش البلاد هذه الندرة ولو بشكل متقطع منذ عشر سنوات، "وإن كانت تفاقمت في الأسابيع الأخيرة".

ويرجع الحاج بولنوار أسباب الندرة إلى قرار سابق للحكومة مطلع العام الحالي بتقليص المسحوق الموجه لإنتاج حليب الأكياس بنسبة 30%، بالإضافة إلى أن جزءا من المسحوق المدعوم من الدولة يتم تحويله بطرق غير قانونية نحو إنتاج مشتقات الحليب.

والسبب الثالث -بحسب الحاج بولنوار- هو إغلاق بعض مصانع تحويل الحليب، حيث أقفلت الكثير منها بقرارات من وزارة التجارة أو الزراعة لأخطاء مهنية.

أما السبب الرابع فهو تخلي الكثير من الموزعين والباعة عن مهنتهم بسبب تدني هوامش الربح مقابل ارتفاع تكاليف النقل والتوزيع والوصول إلى مناطق بعيدة في بلد شاسع المساحة كالجزائر.

من جهته يقول رئيس جمعية حماية المستهلكين مصطفى زبدي إن الاهتمام ينصب على ضرورة توفير هذه المادة الحيوية بالنسبة للمستهلكين.

ويضيف أنه بانتظار صدور نتائج التحقيق الذي أعلنت عنه وزارة الزراعة لتحديد أسباب الأزمة، مضيفا أن هناك تضاربا حاليا في مسببات الندرة في حليب الأكياس الواسع الاستهلاك.

ويستغرب زبدي وجود أزمة "طالما أن الديوان الوطني للحليب أشار إلى وفرة البودرة (مسحوق الحليب) إلى غاية منتصف 2017″، وهو يرجح أن تكون الأزمة مفتعلة مثلما صرح بذلك وزير الزراعة، لذلك فهو يطالب بضرورة الكشف عن الجهات المسؤولة عن افتعال هذه الأزمة.

المصدر : الجزيرة