تباين بواقع السياحة في تونس

قطاع السياحة التونسي يتخطى انتكاسة حقيقية هذا العام
undefined

 

 خميس بن بريك-تونس

في نظرة عامة لأداء قطاع السياحة في تونس خلال العام الجاري، اعتبرت الجهات الرسمية أن القطاع انتعش خلال العام بنسبة 5.5% مقارنة بالعام الماضي، غير أن أصحاب الفنادق اعتبروا أن الوضع الأمني والسياسي في البلاد أدى لنفور أعداد كبيرة من السياح وخاصة الأوروبيين منهم.

وسجل قطاع الفنادق تراجعا خلال العام في ظل تردي الوضع الأمني، معتبرا أن بيانات الحكومة تعتمد على أعداد الأجانب الذين يزورون البلاد دون اعتبار لاستخدام المرافق السياحية بما فيها الفنادق. 

آخر إحصاءات وزارة السياحة تشير إلى توافد أكثر من ستة ملايين سائح في العام الحالي أي بزيادة قدرها 5.5% مقارنة بالعام الماضي، ولكن بنقص نسبته 9.5% عن ما كان عليه عدد السياح في العام 2010 قبل اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وبالنسبة إلى العائدات السياحية فقد بلغت قيمتها إلى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نحو 3.1 مليارات دينار (1.87 مليار دولار) أي بارتفاع قدره 1.4% مقارنة بالعام الماضي، لكن بنقص نسبته 8% مقارنة بعام 2010.

عمّار اعتبر أن السياحة بتونس استطاعت  تحقيق نتائج جيّدة رغم أنّ العام كان صعبا(الجزيرة نت)
عمّار اعتبر أن السياحة بتونس استطاعت  تحقيق نتائج جيّدة رغم أنّ العام كان صعبا(الجزيرة نت)

نتائج جيّدة
وإزاء نتائج السياحة للعام الجاري، أفاد المدير العام للديوان التونسي للسياحة الحبيب عمّار للجزيرة نت بأنّ قطاع السياحة استطاع أن يحقق نتائج جيّدة رغم أنّ العام كان من أحلك الفترات نتيجة تفاقم الاعتداءات الأمنية وجرائم الاغتيال السياسي.

وشهدت تونس هذا العام توترات أمنية بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد في السادس من فبراير/شباط الماضي، تلاه اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز الماضي ومقتل عسكريين وأمنيين وهي جرائم نسبتها السلطات لتنظيم أنصار الشريعة السلفي المحظور.

لكنّ الضربة التي كادت تقصم ظهر قطاع السياحة هو "الاعتداء الانتحاري" الفاشل الذي استهدف منذ شهرين فندقا سياحيا بمدينة سوسة (وسط). ورغم تلك الحادثة لم تكن هناك إلغاءات كبيرة في الحجوزات، على حدّ قول عمّار.

وأكد عمار أنّ وزارة السياحة شكلت منذ ذلك الحين خلية أزمة وعملت على طمأنة السياح ووكالات الأسفار ومتعهدي الرحلات، فضلا عن تكثيف عمليات المراقبة الأمنية، مشيرا إلى أنّ إحباط تفجير الفندق بسوسة تمّ بفضل يقظة وانتباه الحراس.

وبسؤاله عن ما إذا كانت هناك مخاوف من وقوع تهديد أمني قد يستهدف الفنادق السياحية، قال عمّار إنّ التهديدات موجودة بجميع البلدان، مؤكدا أنّ وزارة الداخلية أخذت كل احتياطاتها بالتعاون مع الفنادق للسيطرة على الوضع.

لكنّ هذه المخاوف بدأت تؤرق كثيرا أصحاب النزل الذين أصبح بعضهم يخشى من الإفلاس بسبب تراجع عائداتهم المالية لا سيما في مناطق الجنوب الصحراوي في ظلّ تحذير السياح من زيارة تلك المناطق خوفا من التهديدات الأمنية.

القاضي نبه إلى أن معظم الفنادق بجنوب البلاد مهددة بالإفلاس بسبب تراجع السياح (الجزيرة نت)
القاضي نبه إلى أن معظم الفنادق بجنوب البلاد مهددة بالإفلاس بسبب تراجع السياح (الجزيرة نت)

وضع صعب
وعن تأثر مناطق تونسية بعينها بتراجع السياحة، أشار عزّ الدين القاضي -مسؤول بالجامعة التونسية للنزل (منظمة تجمع في إطارها الفنادق التونسية) في حديث للجزيرة نت- إلى أنّ أصحاب الفنادق السياحية بالجنوب الغربي مثل مدينة توزر واجهوا وضعا صعبا وأغلبهم مهدد بخطر الإفلاس بسبب تراجع السياح بتلك المنطقة.

وبصفة عامّة اعتبر القاضي أنّ الأرقام الرسمية التي قدمتها وزارة السياحة لا تعكس بصورة دقيقة الوضع الذي يعشيه قطاع السياحة بعد الثورة، مؤكدا أنّ أصحاب النزل بصدد تكبّد خسائر كبيرة جراء التوترات الأمنية.

وأوضح أن المؤشرات الإيجابية التي تعتمدها وزارة السياحية ترتكز أساسا على دخول الأجانب للأراضي التونسية، مشيرا إلى أن بين هؤلاء الأجانب ليبيون وجزائريون يستأجرون شققا ولا يقيم أغلبهم في الفنادق.

وعن أعداد السياح من دول الجوار المغربي، تفيد بيانات وزارة السياحة بأن عدد السياح من المغرب العربي هذا العام زاد إلى أكثر من مليوني ليبي و870 ألف جزائري.

أما بالنسبة للسياح الأوروبيين فقد تراجع عددهم خلال العام الجاري بنسبة 2.4%، والأوروبيون يعدون النزلاء الأساسيين للفنادق السياحية في تونس.

كما أشار القاضي إلى أن التوترات الأمنية في تونس جعلت متعهدي الرحلات يفرضون أسعارا متدنية على أصحاب الفنادق التونسية الذين يعيشون وضعا صعبا بسبب ارتفاع نفقاتهم في ظلّ غلاء الأسعار.

المصدر : الجزيرة