كبسولات لغوية.. إستراتيجية التعليم بالضحك

فريق عمل كبسولات لغوية
فريق عمل كبسولات لغوية (مواقع التواصل)
 

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

عبر استحضار حوارات من أعمال سينمائية وتعليقات على أحداث عامة تصحح بأسلوب ساخر صفحة "كبسولات لغوية" -على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك- الأخطاء اللغوية الشائعة بين العامة.

ويبدو محتوى الصفحة -التي يصل عدد متابعيها نحو 250 ألف شخص- متسقا مع اسمها "كبسولات لغوية" فتقدم في كل منشور معلومة واحدة بشكل مبسط وناجز لعلاج الخطأ.

ويمكن فهم إستراتيجية الكوميديا التي يسير بها متن الكبسولات اللغوية من خلال العبارة التي تستقبل بها الصفحة روادها، وهي "حين يتعلق الأمر بالهمزة فلا تسألني عن حقوق الإنسان".

تلك الجملة محرفة من تصريح نسب بالخطأ لديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق بالتزامن مع احتجاجات شهدتها لندن في أغسطس/آب 2011 "حين يتعلق الأمر بأمن بريطانيا فلا تسألني عن حقوق الإنسان". 

الخلل اللغوي
مطلق خدمة تلك الكبسولات الشاعر المصري محمود موسى، يرفع شعار "الخلل اللغوي أول الطريق إلى الخلل المعرفي" لذا وسع دائرة الإفادة وأصدر كتابا بعنوان صفحته إلى جانب تنظيم لقاء شهري باسم "عيادة اللغة العربية".

تقدم تلك العيادة -التي تقام بساقية عبد المنعم الصاوي بالقاهرة- المعلومات اللغوية في شكل اسكتشات مسرحية يشارك في تقديمها عدد من الشباب لتبسيط قواعد اللغة.

فنجد اسكتشات للهمزات وعلامات الترقيم والممنوع من الصرف وصوتيات الحروف، إلى جانب إقامة مسابقات بين الحاضرين.

والأمر لا يقتصر على ذلك بل يصوغ شباب العيادة بعض قواعد اللغة على ألحان أغنيات معروفة لتيسير الحفظ.

إلى جانب ذلك، يخلط موسى شعر الفصحى بالعامية لتبسيط بعض القواعد، فنجده يقول مثلا "يا من حفرت الهوى في قطعة البرد.. ضاع الرصيد في الهوا كلمني ع الأرضي".

خارج الصندوق
تدني مستوى العربية بين الشباب، واستخدامهم طريقة "الفرانكو" في الكتابة، هو ما دفع مؤسس "كبسولات لغوية" للتفكير خارج الصندوق من أجل المساعدة في تدارك هذا التدني واستطعام اللغة.

والانطلاقة الفعلية لمشروعه جاءت عام 2010 بعد حصوله على جائزة أفضل شاعر من المجلس القومي للشباب، وإدراكه الفجوة بين شريحتي الأدباء والمتلقين، فبدأ ورش عمل في الجامعات وبعض مراكز الشباب ثم أسس صفحة "كبسولات لغوية" على فيسبوك.

ورغم أن مواقع التواصل ساهمت في إيصال رسالة تصحيح الأخطاء اللغوية، لكنها -من وجهة نظر صاحب الكبسولات- تساعد أيضا في انتشار الأخطاء حيث تنتشر حتى يعتادها الناس ويصبح الصواب هو النشاز.

ويرى مصطفى خضري رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر) أن مواقع التواصل تمثل أحد أهم روافد ثقافة الرأي العام الوقت الحالي، خاصة بعد أن أزاحت الإعلام الورقي من الساحة.

وإزاحة الإعلام الورقي لصالح الافتراضي أدى -من وجهة نظر خضري- إلى أربعة نتائج: شيوع اللهجات الشعبية الدارجة بالمجتمع على حساب اللغة الصحفية الرزينة التي كانت تصاغ بها الصحف الورقية، انتشار الألفاظ الفاحشة خاصة وأنها تستخدم في إطاري الفكاهة أو الهجاء السياسي.

أما النتيجة الثالثة فهي شهرة بعض الأشخاص وانتشار حساباتهم على تلك المواقع برغم أنهم من غير ذوي القيمة الحقيقية بالمجتمع، فضلا عن انتشار العنف المجتمعي، مع تأثر القابلين للعنف باللهجات الشعبية التحرضية.

وأوضح خضري للجزيرة نت أنه برغم سلبية النتائج في مجملها، فإن هناك بعض الأوجه الإيجابية، ضاربا مثلا بانتشار صفحات متخصصة في العربية، وهو أحد مميزات تلك المواقع.

وأردف "استخدام بعض صفحات المواقع الاجتماعية للهجات شعبية كطريقة لإيصال المعلومات الثقافية والسياسية وزيادة الوعي عند الفئات محدودة الثقافة غير القادرة أو الراغبة في فهم اللغة العربية الفصحى".

واختتم الباحث الإعلامي حديثه بأن مواقع التواصل لها مميزات ومساوئ، فهي تبث السم والترياق والعبرة بطريقة استخدام تلك المواقع وتوجيهها.

المصدر : الجزيرة