خرائط فلسطين المفتوحة.. مشروع لصد محاولات الاحتلال لتغيير الجغرافيا

عرض لخريط فلسطين قبل النكبة
مشروع مابثون خرائط فلسطين المفتوحة ليس مجرد دليل جغرافي بل عمل يتصدى لمحاولات الاحتلال لطمس معالم البلد (الجزيرة)

محمد خالد-بيروت

لم تكن الخرائط التي عرضت خلال ورشة عمل "مشروع مابثون خرائط فلسطين المفتوحة" بالعاصمة اللبنانية بيروت مجرد صور تعرض على الشاشة، أو مجرد سرد لتلال ووديان وقرى أو جغرافيا، بل كانت دعوة لرصد وبحث في نهب الجغرافيا وتغيير خرائط فلسطين؛ من محو أمكنة وتحوير أسماء، من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ النكبة وحتى اليوم.

الخرائط موجودة على موقع www.palopenmaps.org، وهو منصة رقمية للتفاعل مع خرائط تاريخية ومعاصرة لفلسطين، تسعى لاستكشاف فلسطين منذ القرن 19، والخرائط التي سبقت النكبة، وأخرى في الخمسينيات، إلى جانب صور من الأقمار الاصطناعية لفلسطين في الوقت الحالي.

وتتيح تلك الخرائط للمتصفح -ولأي باحث- المقارنة بين كافّة الأراضي الفلسطينية والتغيرات التي شهدتها، ويظهر ذلك من خلال ملاحظة المتغيرات التي طرأت من خلال وجود أماكن مستحدثة فوق منزل كان قد ظهر في خريطة سابقة وقديمة.

ويحتوي الموقع على سلسة خرائط مفصلة تغطي فلسطين قبل النكبة، وما قبل التقسيم، كما يظهر كثافة التفاصيل الجغرافية، بما في ذلك المعالم وخطوط الارتفاع والمراكز الحضرية، ويحتوي على الأسماء الأصلية باللغة العربية للأماكن، وليست فقط أسماء البلدات والقرى بل آلاف الأسماء للمعالم، بالإضافة إلى تفاصيل على المستوى المحلي للبلد بطريقة ليست محدودة بحدود خريطة فلسطين المتداولة.

المشاركون في الورشة جاؤوا من بلدان عربية وأجنبية لمعرفة المزيد عن فلسطين، كل حسب اختصاصه وميوله، للاستفادة منها في مجال عملهم لنشر المعرفة داخل مجتمعاتهم حول أهمية القضية الفلسطينية وتاريخها وجغرافيتها.

‪جانب من حضور ورشة عمل
‪جانب من حضور ورشة عمل "مشروع مابثون خرائط فلسطين المفتوحة"‬ (الجزيرة)

ويقول أحمد (صحفي فلسطيني مشارك في الورشة) "جئت لمعرفة المزيد عن فلسطين قبل النكبة، فمن خلال هذه المنصة أخذت فكرة عن العديد من القرى التي كانت قبل النكبة، والتي اختفت الآن، وعن التغيرات التي طرأت على معظم البلدات من تغيير أسماء وجغرافيا".

أما اللبنانية سارة فتقول إنها جاءت إلى "المابثون" للاستفادة ومعرفة المزيد عن جغرافية فلسطين وخرائطها لتساعدها في عملها ودراستها بالجامعة الأميركية في بيروت.

ويهدف المشروع إلى إتاحة هذه الخرائط بطريقة مفتوحة لكل من يريد استخدامها، وتحويلها لخرائط رقميّة يسهل البحث في محتواها. ويقول مجد شهابي (مهندس تصميم أنظمة وهو أحد القائمين على المابثون) إن المشروع عبارة عن مجموعة خرائط لفلسطين وجدناها في الأرشيف، صنعها الانتداب البريطاني في فترة الثلاثينيات والأربعينيات.

وتحتوي الخرائط على تفاصيل لأكثر من خمسمئة بلدة فلسطينيّة مدمّرة هجّرت النكبة وبعدها، وتظهر الخرائط البريطانيّة تفاصيل كثيرة من تضاريس حدود ملكيّة الأراضي، والحدود التي تنوي إقامتها، والأماكن المأهولة، والمساحات الفارغة والطبيعيّة.

سلاح الوعي والمعرفة
ويضيف شهابي "بدأنا المشروع عندم حصلنا على هذه الخرائط، وقرّرنا أن نحاول إتاحتها للجميع، وقمنا بصناعة نموذج أوّلي للموقع palopenmaps.org،
وتم حتى الآن عرض المشروع أربع مرات في بيروت ومخيّم برج الشمالي جنوب لبنان، ولندن، وكامبريدج، وستكون هناك أنشطة أخرى في مخيم البداوي (شمالي لبنان)، وميلانو، وعمّان، والمكتبة البريطانيّة في لندن، وذلك بهدف فضح ممارسات الاحتلال في تغيير جغرافية فلسطين منذ النكبة وحتى اليوم.

ومابثون خرائط فلسطين واحد من العديد ممن المشاريع التي تواجه صعوبات في بدايتها، والتي تتمثل في استدامة المشروع؛ فالدعم المادي أحد الصعوبات التي تواجه القائمين على المشروع -حسب قولهم- لأن جميع العاملين متطوعون.

وتكمن أهمية مشروع مابثون خرائط فلسطين في ظل مساعي الاحتلال الإسرائيلي الرامي إلى تشويه وتزوير التاريخ، فهو منذ النكبة يحاول تغيير معالم الجغرافيا الفلسطينية وتهويدها، إذ غير أسماء الكثير من المدن الفلسطينية وأعطاها أسماء عبرية ذات دلالة دينية.

لذا يسعى القائمون على المشروع إلى نشر الوعي والمعرفة لدى جيل الشباب بأهمية الجغرافيا في الصراع مع الاحتلال، والتصدي "للبروباغندا" الإسرائيلية المتواصلة في استلاب فلسطين وإرثها وهويّتها.

المصدر : الجزيرة