فؤاد العروي.. سؤال الالتزام وسلاح السخرية

فؤاد العروي متحدثا في المهرجان القومي للفيلم المغربي بطنجة
فؤاد العروي متحدثا في المهرجان القومي للفيلم المغربي بطنجة حيث ترأس لجنة تحكيم جائزة الأفلام الطويلة (الجزيرة)

نزار الفراوي-طنجة

فؤاد العروي من أشهر كتاب القصة والرواية المغاربة الذين يكتبون بالفرنسية، وأعمقهم موهبة. توج مغامرته الأدبية بأرفع جوائز الأدب الفرانكوفوني "غونكور" للقصة، ليسير بذلك على خطى مواطنيه الطاهر بنجلون في الرواية وعبد اللطيف اللعبي في الشعر.

يتقاسم العروي (58 عاما) مع بنجلون واللعبي مجد الاعتراف الواسع في المحفل الباريسي لكبريات دور النشر، لكنه لا يجد نفسه وريثا لمساريهما الأدبيين ولا لرؤيتيهما لجوهر النص الأدبي.

كاتب ساخر بامتياز، يستعين بسلاح السخرية ليفجر بنعومة الأوهام والأعطاب وليقزم الكائنات المتضخمة. يدين بهذه الموهبة لكاتبه المفضل منذ الصغر، فولتير. بالنسبة له، قضايا العالم والمجتمعات جادة أكثر من اللازم في حد ذاتها، والهزل يفتح زوايا نظر أخرى للواقع.

بارع في غزل الحكاية التي تمنح المتعة المشبعة بالضحك من مأساة الواقع، لكنه يقدم نفسه في حوار
خاص مع الجزيرة نت
 ككاتب "ملتزم" ولو دون تصريح أو شعارات. كل حكاية تنطوي حتما على رسالة، ذلك لأنه -على خلاف الانطباع الذي قد يمنحه نصه "الخفيف الظل"- يبدي إيمانا بدور المثقف، كاتبا وفنانا ومثقفا، في تجاوز "الوضع القائم" وصناعة التغيير، ولو في سياق تدريجي بطيء. 

كمبدع يكتب بالفرنسية ويقيم في بلد أوروبي (هولندا)، يضع العروي نفسه في موقع مناهضة الأحكام المسبقة، والاختزالية التي تسمم العلاقات بين العالم العربي والغرب.

غلاف الترجمة العربية للمجموعة القصصية
غلاف الترجمة العربية للمجموعة القصصية "المهبول"(الجزيرة)

صدق والتزام
بالنسبة لفؤاد العروي، 48 ساعة كافية لاستهلاك نشوة جائزة أدبية مهما كانت قيمتها، والكاتب الحقيقي لا يلهيه مجد أو اعتراف عن عالمه الداخلي الحميم الذي يثمر نصوصا تحمل طابع الصدق والالتزام بقضايا مركزية تتمحور في حالته حول وضع الفرد في المجتمع.

يحلم العروي بأن يكتب يوما بالعربية، لكنه يعرف أن حلمه يقارب الاستحالة بالنظر إلى تكوينه الأدبي الفرنسي المبكر، فحتى كبار كتاب العربية تعرف إليهم بمترجمات لغة موليير، لكنه لا يخفي توقه إلى توسيع دائرة قرائه بالعربية عبر نقل كتبه إلى لغة الضاد.

يذكر أنه التحق بالثانوية الفرنسية في الدار البيضاء وواصل دراسة الهندسة بالمدرسة العليا للقناطر والطرق بباريس، حيث تخرج مهندسا في مكتب الفوسفات بمدينة خريبكة المنجمية، قبل أن يتخذ نهاية الثمانينيات قرارا مغامرا بالتخلي عن الوظيفة والهجرة إلى أوروبا مراودا حلمه الأدبي. أكمل تكوينه العالي في الاقتصاد بإنجلترا قبل أن يستقر أستاذا بجامعة أمستردام.

من مؤلفاته الروائية والقصصية: "أسنان خبير المساحة" و"المنتحل الصغير" و"أيّ حب مجروح" و"المهبول" و"عام عند الفرنسيين".

حصد جائزة غونكور للقصة عام  2013 عن مجموعته القصصية "قضية بنطال داسوكين الغريبة"، وفاز بجائزة جان جيونو 2014 عن روايته "محن السجلماسي الأخير"، كما قلد ذات العام بالميدالية الكبرى للفرانكوفونية من الأكاديمية الفرنسية.

المصدر : الجزيرة