مهرجان شعري سوري بألمانيا رثاء للبلاد وأهلها
جورج كدر-كولونيا/ألمانيا
وتخللت فقرات المهرجان قراءة مقاطع من قصائده "تخليدا لذكراه واستذكارا لأصحاب الكلمة الذين دفعوا حياتهم ثمنا لها كما حصل مع الشاعر بشير العاني على يد القوى الظلامية الشريرة التي تعيث فسادا في الأرض السورية"، على حد تعبير منظم المهرجان الشاعر محمد المطرود في حديثه للجزيرة نت.
ورغم اختلاف مستوى القصائد التي تم إلقاؤها، فإن منظمي المهرجان نجحوا في تحقيق تمثيل شعري لكافة المدن السورية ليكون "المهرجان نموذجا لسوريا التي يريدون"، فمشاركة أكثر من 20 شاعرا سوريا قدِموا من كافة الأقاليم الألمانية شكلت فرصة للجمهور السوري للانخراط في الحياة الثقافية لبلدهم الجديد ألمانيا.
آثار الحرب
وبدا واضحا على قصائد الشعراء آثار الصراع الدامي في سوريا وآثار الدمار وذكريات الأمس وآلام اللجوء، ولم تغب رحلة اللجوء وعذاباتها عن قصائد البعض، فالشاعرة لينا عطفة تحدثت في قصيدتها "على هامش النجاة" عن امتهان السوريين مهنة "الهروب" من الموت بكل أشكاله.
وجاء في قصيدتها: "ثمَّ كانَ خرابٌ وموتٌ ورعبٌ.. خيامٌ على طولِ هذا العراءِ.. نجا من نجا ونجوتُ… هنا في البلادِ البعيدةِ… كانوا يجيئونَ برّاً وبحراً وجوّاً… يفرّونَ بين العواصمِ بينَ الحدودِ.. كأنَّ الخرائطَ وهمٌ… رفاقي وأهلي وشعبي… وحصّتُهم في الحياةِ هروب".
الشاعر السوري علي مروان الذي استحضر في إحدى قصائده مدينته حلب ومزج بين ألم الموت وآلام البعد عن الوطن، يقول في أحد مقاطع قصديته "أصبحت غريبا في بلادي.. لولا قبور أصدقائي ما وجدت الطريق.. سنموت جميعا؛ من لم يمت برصاصة سيموت شوقا".
واستحضر الشاعر رائد الوحش في المقاطع التي قرأها، ذكرى أخيه الذي قتل تحت التعذيب في سجون النظام السوري. ومن آلام الموت في سوريا والهروب من الموت على طريق اللجوء، جاء نص الشاعر خضر الآغا مستلهما من معاناة اللاجئين في واقعهم الجديد في المنفى الألماني.
تفاعل الحضور
وتميزت القصائد التي ألقاها الشاعر حسن إبراهيم الحسين، الحائز على جائزة دبي للإبداع، بتفاعل الحضور إذ تحدث عن آثار الحرب السورية التي شوهت المدن والإنسان، فكان الخاسر الوحيد فيها هم السوريون، وهكذا يقول "في الثورة انتصر الجميع وعدت وحدي خاسرا.. طفل بلا أبوين.. طفل بزهرة ياسمين يسد فوهة السلاح".
وتعليقا على القصائد الملقاة، قال الشاعر فايز العباس الحائز على جائزة الشارقة الإبداع العربي وأحد المشاركين في تنظيم المهرجان، إن الحرب شوّهت كل شيء لذا كان من الطبيعي أن نحاكي هذا التشوّه الروحي بالنصوص.
ويرى العباس في حديث للجزيرة نت أن "لحرب أفرزت وأوجدت قاموسها اللغوي الذي صار بمثابة لغة بديلة نعبّر بها عن الحرب ونوازن من خلالها أرواحنا، تماما كما لو أننا ثكالى نندب الموتى لنطفئ النار التي خلّفها الموت في الوجدان".