الأسير شاهين.. أدب السجن بأسلوب بوليسي

كتاب زغرودة الفنجان

يكتب الأسير الفلسطيني في السجون الإسرائيلية حسام زهدي شاهين رواية "زغرودة الفنجان" عن الصراع الاستخباراتي الفلسطيني الإسرائيلي في سرد بوليسي شيق جذاب وبطريقة بعيدة عن التعقيد البلاغي، مما يجعل كتابته سهلة وأقرب إلى اللغة الصحفية المستساغة.

وعنوان الرواية -التي صدرت عن دار الأهلية للنشر والتوزيع بالعاصمة الأردنية- تعبير مأخوذ عن الصوت الذي يصدر عن صب القهوة العربية في الفناجين -خاصة في الاحتفالات ذات الأهمية- فقد نقل عنها هذا التعبير المجازي وكأن فنجان القهوة يزغرد.

وكاتب الرواية من مواليد مدينة القدس-السواحرة الشرقية عام 1972 ومحكوم عليه بالسجن 27 عاما وهو معتقل منذ 28 يناير/كانون الثاني 2004، وحريص على تطوير وتثقيف نفسه، وسبق له أن تولى مركز سكرتير العلاقات الدولية لشبيبة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).

وكتب الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي -الذي مر بتجربة اعتقال لدى الإسرائيليين داخل إسرائيل وفي جنوب لبنان– مقدمة للرواية جاء فيها "هي رواية المقاومة الحية والروح الفدائية العالية والمواجهة اليومية مع المحتل الإسرائيلي، لكنها في الوقت نفسه رواية الإنسان الفلسطيني بحالاته المختلفة".

زاهي وهبي: زغرودة الفنجان هي رواية المقاومة الحية والروح الفدائية العالية والمواجهة اليومية مع المحتل الإسرائيلي، لكنها في الوقت نفسه رواية الإنسان الفلسطيني بحالاته المختلفة

تدور معظم أحداث الرواية في أجواء الانتفاضة الفلسطينية الثانية وسعي الاحتلال الإسرائيلي لقتل أو اعتقال رجالها، وتركيزه الذكي والدقيق على تجنيد أكبر قدر من المتعاملين معه إما بالترغيب أو كما كان يجري غالبا باستخدام تقنيات متقدمة لتصويرهم وتصويرهن -واقعا أو تزويرا- في أوضاع جنسية معيبة أو شاذة واستخدام ذلك للضغط عليهم كي يتعاونوا في التجسس على رجال المقاومة.

مستعربون مجندون
ويقدم شاهين معلومات وشروحا عن أولئك الذين يطلق عليهم اسم "المستعربين" الذين يدعون أنهم عرب فلسطينيون من أجل جمع المعلومات والتدخل خاصة في تنفيذ عمليات الاغتيال، وهم غالبا يهود من بلدان عربية أو عرب ممن جندهم الإسرائيليون وأصبحوا يعتمدونهم في مهمات من هذا النوع.

الشخصيتان الرئيسيتان في الرواية هما مازن وعمر، مازن اضطر بسبب الحاجة والابتزاز إلى العمل مع الاستخبارات الإسرائيلية في جمع المعلومات عن المقاومة، وبعد تهديدات ومحرضات ارتقى في درجة الخدمة، وصار يجند أشخاصا للعمل معه من خلال ما أعطاه مشغلوه من أدوية تخدير وأجهزة تصوير عادية وفيديو.

أوقع مازن أو توهم أنه أوقع برحاب المرأة الرهيبة والشهوانية التي ساعدته في تجنيد آخرين وأخريات، وقد اكتشف لاحقا أنها خدعته وأنها كانت عميلة إسرائيلية رهيبة منذ البداية وصاحبة علاقات جنسية متعددة مع رئيسه ومشغله الكابتن مودي.

قاما -هو وهي- بإفساد عدد من النساء والرجال، وقامت هي -صاحبة الدور الكبير خفية عنه- بالإيقاع بعدد منهم، خاصة امرأتين بريئتين، أم إبراهيم التي انتهت بالموت بتوقف قلبها عن الخفقان بعد اكتشاف ما جرى معها ومع ليلى المرأة الطيبة الراقية التي انتهى بها الحال بعد اكتشاف ما حل بها إلى الانتحار بإطلاق النار على نفسها.

حسام زهدي شاهين من مواليد مدينة القدس عام 1972 ومحكوم عليه بالسجن 27 عاما، وهو معتقل منذ 28 يناير/كانون الثاني 2004، وسبق له أن تولى مركز سكرتير العلاقات الدولية لشبيبة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)

مازن -أو (أبو طارق) كما كان يكنى- أحس بأنه غرق في العار والذل والتسبب بشقاء الآخرين، وأحس بأن الأمر قد يصل إلى أولاده الصغار يوما ما، قرر أن ينهي القصة شهيدا بعد أن يقتل ضابط الاستخبارات الإسرائيلي الذي يشغله والذي تسبب في كل هذه المآسي.

اعتراف وشهادة
اتصل بصديقه عمر -أحد قادة حركة المقاومة- وفي السر اعترف له بسنوات عمله مع العدو وبالموبقات والآثام التي ارتكبها، وبأنه ينوي قتل الكابتن مودي -الذي تبين لاحقا أنه ميجر جنرال في الاستخبارات- طعنا بسكين إذ لا سلاح ناريا لديه.

قال لعمر إن الإسرائيليين يعاملونه وغيره كأنهم قمامة، وإنه لا قيمة لهم على الرغم من خدماتهم.

بعد معاناة طويلة قرر عمر أن يعطيه مجالا للتوبة وللتعويض عما كان قد جناه على شعبه، دربه سرا وكان يلقمه معلومات يطلبها منه مشغله من أجل اكتساب ثقته وإبعاده عن الشك فيه.

وفي اليوم المحدد رافقه عمر خفية إلى الموعد مع الكابتن مودي حيث أطلق عليه النار من المسدس الذي زوده عمر به فأرداه قتيلا إلا أن مرافق الضابط أصابه بالرصاص واعتبر شهيدا.

احتفلت المقاومة بشهادته، وما لبث عمر أن وقع أسيرا في يد الإسرائيليين واكتشف أن مازن لم يمت مباشرة بل إنهم عذبوه وأحرقوه فاعترف بأن عمر دربه.

تنتهي الرواية المشوقة هنا وسط جو وصفه الكاتب عبر حديثه عن رفقاء عمر يوحي بأن الحكاية ستستمر.

المصدر : رويترز