بئر السبع.. ذاكرة فلسطينية تقاوم النسيان

صورة تجمع ما بين قائمقام بئر السبع -عارف العارف وشيوخ القبائل في قضاء بئر السبع. 1028-1933.
صورة تجمع شيوخ القبائل في قضاء بئر السبع عام 1933 (الجزيرة)

وديع عواودة-حيفا

"بئر السبع.. سجل مصور 1948-1896 من أواخر العهد العثماني حتى نهاية الانتداب البريطاني" كتاب جديد يهدف إلى مقاومة النسيان عبر استحضار صور تصف الحياة الفلسطينية بالمنطقة منذ مطلع القرن العشرين.

وقد صدر الكتاب في الناصرة جامعا بين الكلمة والصورة الفوتوغرافية التاريخية عن "جمعية السباط للحفاظ على التراث الفلسطيني" في الناصرة للباحث خالد عوض.

والكتاب الذي أشرف عليه وراجعه د. سلمان أبو ستة عبارة عن ألبوم صور تاريخية نادرة وثمينة لعاصمة النقب بئر السبع التي بناها العثمانيون مطلع القرن العشرين، ويشمل صورا تروي تاريخ المكان وشروحات عن قبائلها البدوية، وهو يندرج ضمن كتب مشابهة خاصة بمدن فلسطينية أخرى.

والصور المتميزة بجودة عالية جدا رغم قدمها مأخوذة من أرشيفات كثيرة، أهمها أرشيف مكتبة الكونغرس، وكالة التنمية والتنسيق التركية، جامعة حيفا، جمعية السباط، ناشيونال جيوغرافيك ومؤسسة الدراسات الفلسطينية إضافة لأرشيفات شخصية.

ويوضح الباحث في التراث خالد عوض أن الكتاب يستعين بالصورة الفوتوغرافية المغيبّة ويهدف لتثبيت تاريخ بئر السبع التي تتعرض كبقية منطقة النقب جنوب فلسطين التاريخية للتهويد وتشريد سكانها.

‪بدوية من عشيرة الحناجرة أثناء رعي الأغنام (من مكتبة الكونغرس)‬ (الجزيرة)
‪بدوية من عشيرة الحناجرة أثناء رعي الأغنام (من مكتبة الكونغرس)‬ (الجزيرة)

توثيق
وبئر السبع مدينة بناها العثمانيون على الطراز الحديث مطلع القرن العشرين حتى صارت عاصمة النقب، بل تضاهي بانتظامها وسعة شوارعها وجمال عمارتها بقية مدن فلسطين.

وحتى اليوم، لا يزال جامعها الكبير الذي أغلقته إسرائيل وتحظر الصلاة فيه واحدا من أجمل المساجد الفلسطينية.

وتختلف الشروحات لمعنى تسميتها، لكن أغلبية المؤرخين بمن فيهم عارف العارف الذي أقام فيها سنوات يعتقدون أن سبعا كان يرد بئرا في المكان.

ويفرد الكتاب سلسلة من الصور النادرة للمعارك التي دارت خلال الحرب العالمية الأولى في محيط بئر السبع، كما يخصص فصلا مصورا ظريفا لمكافحة السلطات والأهالي أسراب الجراد التي اجتاحت النقب بين 1915 و1916.

ويمتاز الكتاب بتوثيق تسميات وصور الأماكن والمواقع والمقامات والآثار العمرانية في صحراء النقب وليس في بئر السبع فحسب، ويساهم بحفظها أمام مخاطر الطمس والتحريف الإسرائيليين وأمام مخاطر النسيان.

ولذا يجد القارئ في الكتاب أسماء القبائل وشيوخها ويورد بعض حكاياتها استنادا إلى المصادر المكتوبة والرواية الشفوية بمساعدة أهالي النقب، وهي رواية المدينة في نهايات الفترة العثمانية وفي فترة الانتداب، ويتوقف الكتاب عند نكبة بئر السبع عام 1948.

ويذكر الكتاب أن العصابات الصهيونية قد طردت من منطقة النقب خلال نكبة 48 نحو مائة ألف بدوي، أما الناجون من التهجير فكانوا حوالي عشرة آلاف نسمة باتوا اليوم نحو 160 ألف شخص تم تجريدهم من أغلبية أراضيهم.

ويستعرض الكتاب في مقدمته فقط مسيرة البدو المتبقين في وطنهم حتى اليوم، حيث يواجهون بالوقت الحالي "مشروع برافر" الذي يعتبرونه أخطر مخطط للاستيلاء على الأرض منذ النكبة.

وترد المعلومات لجانب صور كثيرة جدا توثق حياة أهل بئر السبع والمنطقة بكل أبعادها ومجالاتها بعدما تحولت المدينة لمركز تجاري وثقافي لسكان النقب الذين اعتمدوا قبل ذلك على مدينتي غزة والخليل المجاورتين.

ويتضمن الكتاب معطيات عن مناخ وتضاريس النقب، الصحراء الفلسطينية التي تعتبر امتدادا لسيناء وعن السكان وعن مدينة بئر السبع وغيره، وهو عبارة عن دراسة مكتبية وميدانية تشمل دراسة تاريخ المكان بحسب تصنيف الصور لا بحسب الأحداث أو تسلسلها الزمني.

المصدر : الجزيرة