فنانة تونسية تجسّد بلوحات متفحّمة معاناة الفلسطينيين

لوحة "غزة في أر واحنا" تجسد معاناة الفلسطينيين في القطاع - الجزيرة نت

لوحة "غزة في أرواحنا" تجسد معاناة الفلسطينيين في القطاع (الجزيرة نت)


خميس بن بريّك-تونس

جسّدت الفنّانة التشكيلية التونسية آمال بن صالح زعيّم في معرضها -الذي يختتم نشاطه الأحد المقبل بالمركز الثقافي ابن خلدون بتونس العاصمة- موقفا رافضا لآلة الدّمار الإسرائيلية التي تستبيح أبشع طرق التقتيل والتنكيل.

فالزائر يخيّل إليه وهو يستنشق رائحة الخشب المحروق -الذي صنعت منه الفنانة التشكيلية لوحات تشخّص مأساة الفلسطينيين في قطاع غزة- أنه يتجوّل بين خراب ما خلّفه القصف الإسرائيلي الذي استباح الحرث والنسل.

الحرقة كبيرة والغضب ساطع من عيني آمال زعيّم التي اختارت أن تخترق حدود المعهود لتشكّل بلوحات خشبية متفحمة أطلقت عليها أسماء مختلفة "تعبيرا عن ثورة ذاتية على الظلم والعدوان".

لوحات سوداء
فقد برزت بالمعرض لوحات سوداء قاتمة أخذت عناوين متنوعة منها "الربيع الذابل، أجساد خامدة، دماغ محروق، مناقشة شائكة، اغتيال الرّسم، اقتحام" طغى عليها اللّون الأسود المتفحم مما أضفى إحساسا بالخراب.

فلم تجد آمال من شيء غير النار وسيلة تروي بها غضبها على ما يجري من عدوان إسرائيلي آثم على الفلسطينيين، فجاءت لوحتها "غزة في أرواحنا" في شكل خريطة لقطاع غزّة محروقة بالكامل ومكبّلة بالقيود.

وتقول للجزيرة نت إنّ هذه اللّوحة -الأكبر حجما بالمعرض- تحكي معاناة فلسطين نتيجة ما لحقها من دمار شامل جرّاء الهجوم الإسرائيلي الذي يتواصل للأسبوع الثاني، بينما يقبع العالم في سكون مبهم.

تقنية الإحراق بالنار تولد إحساسا مشحونا بالغضب (الجزيرة نت)
تقنية الإحراق بالنار تولد إحساسا مشحونا بالغضب (الجزيرة نت)

وعن السلاسل التي طوّقت بها الفنانة هذا الجسم المحروق، تقول إنها ترمز للاحتلال والحصار المفروض على أبناء فلسطين الذين "يتضورون جوعا وألما نتيجة غلق جميع المعابر والسبل ومنعهم من الحياة".

التعبير بالغضب
وتفسّر آمال لجوءها إلى استخدام النار لإحراق الخشب وتطويعه إلى أشكال فنية، بقولها إن "النار تحيل على الغضب والثوران (..) وبالنسبة لي الفنّ التشكيلي ليس ديكورا وإنمّا هو تعبير عن قضايا وثورة وغضب".

واستوحت الفنانة تقنية إحراق الخشب وإعادة توظيفه فنيّا بعد حادثة مأساوية كان لها وقع كبير على مسيرتها الفنية التي أخذت منعطفا حاسما، بعد أن أقدم أحد أقربائها على حرق العشرات من أبرز لوحاتها عام 2006.

ودون أن تخوض في تفاصيل الحادثة، بدا على وجه آمال الكثير من الألم والمعاناة التي دفعتها من امرأة هادئة إلى بركان محموم بالغضب، يسلط ثورته على الظلم الإنساني.

وتوضّح الفنانة أن أعمالها التي بدأت عرضها يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي تزامنا مع قصف غزّة "يترجم الغضب الذي يثور بوجدانها ويشعل نيران الثورة بداخلها على القهر".

لوحة
لوحة "طائرة الورق" تجسد معاني الحياة( الجزيرة نت)

معاني الحياة
ورغم أنّ النار كانت قاسما مشتركا بين جميع اللّوحات التشكيلية المعروضة، فإن السواد والقتامة اللذين يطغيان على اللّوحات لم يحجبا معاني الحياة التي تختبئ بين سطور هذا الحطام المفتعل.

فالزائر وهو يتجوّل أمام اللّوحات المعلّقة على الجدران يسترجع قيم الحياة ومعانيها، حينما يرى مثلا لوحة "طائرة الورق" التي قد تقوده إلى استرجاع لحظات من طفولته الماضية حينما كان يرمي بهذه اللعبة في السماء لتطير بهدوء.

وترى آمال وهي عضو باتحاد الفنانين التشكيليين بتونس أنه "رغم ما تخلفه النار من حطام وخراب يبعث على التشاؤم، فإني أقول إنّ الأمل يظل قائما وإنّ الحياة ستستمر رغم الظلم والقهر الذي يعيشه الإنسان على الأرض".

لقد جمعت تقنية إحراق الخشب ثنائيات الحياة والموت والسكون والحركة في عمل آمال زعيّم التي أرادت أن توجه من خلال هذا الأسلوب الجديد رسالة مفادها أنّ "الاحتراق بالنار يولد قدرة متجددة على الصمود والكفاح والإبداع".

المصدر : الجزيرة