الكحول.. وثائقي عن أخطر أنواع المخدرات القانونية في العالم

الكحول
لا يصنف أحد الكحوليات ضمن أنواع المخدرات رغم تأثيرها النفسي وقدرتها على تدمير خلايا المخ (بيكسابي)

حسام فهمي 

هل تعلم أن المخدر الأخطر في العالم متداول قانونيا ويمكن شراؤه بسهولة تامة؟ هذا ما يخبرنا به المخرج الإيطالي أندرياس بيشلر في فيلم الوثائقي "الكحول" (Alkohol)، الذي يتتبع صناعة الكحوليات وأثرها الطبي والنفسي على البشر حول العالم، من ألمانيا وإنجلترا وصولا إلى نيجيريا وأيسلندا. 

أخطر من الحروب
يخبرنا بيشلر في الفيلم أنه لا توجد مادة في العالم أكثر تأثيرا على كل خلايا المخ بشكل مختلف مثل الكحول، فهي متاحة في معظم دول العالم بشكل قانوني، ولا يصنفها أحد من أنواع المخدرات، رغم تأثيرها النفسي وقدرتها على تدمير خلايا المخ، حيث يتسبب الخمر في وفاة 3 ملايين شخص سنويا.

ثم يتساءل المخرج من خلال مداخلات خبراء ومدمنين سابقين على الخمر: هل أصابنا العمى عن كل هذه المخاطر لكل هذه السنين؟ والسؤال الآخر والأهم هو" ما الدور الذي تلعبه صناعة الكحوليات التي تزيد عن 1.2 تريليون يورو سنويا؟

في الفصل الأول من الفيلم، نتعرف على عالم الكحول المخيف في ألمانيا وبريطانيا، حيث يشرب كل ألماني ما يعادل 200 لتر من الجعة سنويا، كما تمثل المشروبات الكحولية طقسا دائما لمشجعي فرق كرة القدم الإنجليزية، وتتحول ليلة السبت وعطلة نهاية الأسبوع إلى مسرح للعديد من المشاهد السيئة الناتجة عن الإفراط في تناول الخمر.

يؤدي الأمر أحيانا لأحداث عنف، وللإدمان والاكتئاب في أحيان أخرى، وتأتي أمراض الكبد تدريجيا، وفي النهاية يموت شخص حول العالم كل 10 ثوان نتيجة مضاعفات الكحول.

صناعة لا تخجل
يسافر طاقم عمل الفيلم عقب ذلك إلى نيجيريا، لنتعرف بشكل أكبر على سوق مبيعات الكحول عالميا، التي تتخطى 3 مليارات دولار يوميا، في أفريقيا عموما ونيجريا خصوصا الوضع أسوأ كثيرا من أوروبا، فهناك يشرب الناس الخمر بكميات ضخمة ليس للمتعة ولكن للدخول في حالة من السكر تنسيهم همومهم.

بالإضافة لذلك، تستغل بعض شركات الكحوليات مجموعات بالآلاف من الفتيات الفقيرات وتتعاقد معهن للترويج لمشروباتها الكحولية حتى لو أدى هذا الأمر في النهاية لعمل هؤلاء الفتيات في البغاء، وذلك في منطقة قد تكون بين أعلى مناطق العالم من حيث نسب العدوى في الأمراض التي تنتقل عبر الجنس.

التجربة الأيسلندية
في الفصل الأخير من الفيلم، ننتقل لنختبر التجربة الأيسلندية، التي تحولت من واحدة من أكثر دول العالم استهلاكا للكحول إلى واحدة من أقل الدول استهلاكا للخمر، حيث قللت أيسلندا استهلاك الكحول لدى الشباب والمراهقين خاصة بنسبة تتجاوز 90% من خلال تقليل اعتماد الشباب على الصورة التي توحي بأن الخمر هو ما يجعلهم مميزين، أو يدفع الناس للتعرف عليهم.

إضافة إلى ذلك، اهتمت الدولة بشكل خاص بزيادة ساعات ممارسة الرياضة داخل المدارس الثانوية والجامعات، وأضافت المدارس المتخصصة ساعات تدريبية على التوعية بصحة الجسد، وطريقة الاسترخاء الأمثل واستخدام اليوغا، وقد نجحت التجربة بشكل كبير حتى إن المخرج الإيطالي يحاول عقب ذلك أن ينقلها إلى ألمانيا وإنجلترا وإيطاليا.

الصحة النفسية والتقبل
حل المشكلة إذن يبدأ من خلال الاعتراف بها، وهذا الفيلم يحاول جاهدا أن يثبت أن شركات الكحوليات قد خدعت العالم لسنوات طويلة من خلال استمرار عدم تصنيف الكحول عقارا مخدرا، مادة لا تقل خطورة عن أي نوع آخر من المخدرات، بل تزيد خطورتها لزيادة توفرها وسهولة استخدامها.

الأمر يحتاج لسنوات طويلة من تغيير العقلية التي تتعامل مع الخمر حاليا بوصفه طقسا اجتماعيا من دونه لا يندمج البشر في المجتمعات الغربية، كما يمثل وسيلة التعارف والإحساس بالذات الأولي لدى الشباب.

شركات السجائر حول العالم مجبرة اليوم على كتابة عبارة "التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة" على كافة منتجاتها، فمتى نرى أمرا مشابها مع الكحوليات، هذا ما ينتهى إليه الفيلم، وهذا ما ننتظر أن نراه في المستقبل.

المصدر : الجزيرة