كريد 2.. أحدث حلقات الصراع الروسي الأميركي في السينما

NEW YORK, NEW YORK - NOVEMBER 14: Sylvester Stallone and Michael B. Jordan attend
كريد 2 حقق إيرادات تخطت مئتي مليون دولار (الفرنسية)

علياء طلعت-الجزيرة نت

عام 1985، أي قبل انتهاء الحرب الباردة رسميا بسقوط الاتحاد السوفياتي، أُنتج الجزء الرابع من سلسلة أفلام "روكي" من بطولة سلفستر ستالون مختزلا الصراع الأميركي السوفياتي في مباراة ملاكمة بين كريد ودراغو تنتهي بهزيمة الأول، ليرد بالبوا لخصمه الروسي الصاع صاعين، ويقهره في روسيا، ويجعل حتى الشعب الروسي يقف تصفيقا في مبالغة وصفت بأنها "ساذجة".
لم تكن تلك المعالجة السينمائية الأولى للحرب الباردة ولا الأخيرة، فقد تكرر ذلك في عدد من الأفلام التي أظهرت الجانب الروسي دوما بذات الصفات التي تتمثل في القسوة والجمود، والطاعة العمياء للأوامر، بينما الجانب الأميركي دوما الأكثر مهارة وذكاء، وبالطبع خفة ظل وقبولا.
وأحدث حلقات هذا الصراع في ساحات السينما كانت فيلم "كريد2" وهو الجزء الثاني من سلسلة كريد المشتقة من أفلام روكي التي بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي.

ولم يتوقع الكثيرون تحقيق كريد هذا النجاح الكبير -ميزانيته كانت خمسين مليون دولار وفاقت عائداته مئتي مليون- وسبق الجزء الثاني تشكيك صناع العمل في إعادة الكَرَّة، ولكنه استطاع قلب كل هذه التوقعات محققا نجاحا بدراما نرى فيها الصراع ينتقل من جيل لآخر.

طابع أصيل
سلسلة روكي وبعدها كريد لهما طابع أصيل يجعلهما تختلفان عن الكثير من السلاسل السينمائية الأخرى، ويرجع ذلك لأنها بالفعل مشروع شخصي لستالون الذي كتب أول أجزائها -والعديد من الأجزاء بعد ذلك- وأصر على تقديم دور البطولة بنفسه.

وأعاد "كريد 2" أدونيس كريد بطل الملاكمة الشاب إلى الشاشة مرة أخرى، مع مدربه روكي بالبوا، فيبدأ بدخول أدونيس مرحلة جديدة بنيت منذ اللقطات الأولى، هو الآن بطل في الرياضة التي اختارها، يعيش حياة عائلية مستقرة، وهي نقطة في السيناريو يجب أن يأتي بعدها تهديد كبير بالخطر يجعل كل الثوابت السابقة تهتز.

وجاء هذا عبر رسول من الماضي هو إيفان دراغو وابنه فيكتور، مما يرجعنا مرة أخرى لماضي السلسلة، خاصة الجزء الرابع منها، ومباراة أبوللو كريد وإيفان الشهيرة، وموت الأول خلال المباراة، ليقرر بعدها روكي منازلة دراغو بعقر داره في روسيا وهزيمته، ويعود بعد كل هذه السنوات إيفان لينتقم من بالبوا الذي دمر تاريخه بهذه الخسارة العظيمة.

الصلة بين الفيلمين لم تكن فقط درامية، ولكن كذلك من الناحية البصرية، فقد استطاع المخرج ستيفن كابل جونيور محاكاة أسلوب سلفستر ستالون الإخراجي بالجزء الرابع، خاصة في مشاهد الملاكمة النهائية بين أدونيس وفيكتور دراغو لتصبح مشابهة لقتال روكي وإيفان دراغو.

سلسلة روكي وبعدها كريد لهما طابع أصيل يجعلهما مختلفين عن الكثير من السلاسل السينمائية الأخرى ويرجع ذلك لأنها بالفعل مشروع شخصي لستالون (الفرنسية)
سلسلة روكي وبعدها كريد لهما طابع أصيل يجعلهما مختلفين عن الكثير من السلاسل السينمائية الأخرى ويرجع ذلك لأنها بالفعل مشروع شخصي لستالون (الفرنسية)

وتراوحت أفلام هذا الصراع بين الذم الواضح بالجانب الروسي خلال ستينيات القرن الماضي، وتراجعت هذه الحدة بالتدريج حتى وصلنا إلى أفلام مثل "ريد هيت" أواخر الثمانينات والتي تُظهر الضابط الروسي في النهاية شخصا يمكن عقد نوع من الصداقة معه رغم جموده الشديد.

الغريم التقليدي
ولكن هل مازال لهذا الصراع بقايا في السينما حتى اليوم؟

على الرغم من أن الاتحاد السوفياتي انهار تماما بداية التسعينيات، ولم تعد هناك حرب باردة اليوم، لكن ذلك لا يعني أن الأفلام الأميركية غيرت وجهة نظرها في الغريم التقليدي.

فهذا العام على سبيل المثال عُرض فيلم "ريد سباروا" الذي تدور أحداثه حول مؤسسة روسية شبه رسمية تدرب عملاءها على الإغراء الجنسي لتكون تلك القوة التي يستند إليها عملهم، ولا ينقذ بطلة الفيلم من هذا المصير الأسود سوى العميل الأميركي الشهم.

وربما يكون شكل الصراع الأميركي الروسي على شاشة السينما تغير قليلًا ولم يعد بذات الفجاجة السابقة، ولكن هذا لا يعني أنه انتهى، فلا زال حتى اليوم واحدا من مواضيع هوليود التي تعود إليها من وقت لآخر.

يُذكر أنه لم يشارك أي ممثل روسي في تمثيل فيلم "روكي 4" أو "كريد 2" وقدم شخصية إيفان دراغو في العملين الممثلُ السويدي دولف ليندغرين، ولعب دور فيكتور دراغو الممثلُ الألماني الروماني فلوريان مونتنيو.

المصدر : الجزيرة