أم بي سي العراق.. طريق السعودية لعقول وقلوب أهل بلاد الرافدين

الشارع العراقي يترقب انطلاق قناة MBC عراق
الشارع العراقي يترقب بتوجس انطلاق قناة "أم بي سي العراق" (الجزيرة نت)
الجزيرة نت-بغداد
 
أثار قرار مجموعة "أم بي سي" الإعلامية التابعة للحكومة السعودية إطلاق قناة "أم بي سي العراق" ردود فعل متباينة بين الأوساط العراقية، فقد وجدت أطراف أن الخطوة مهمة وستسهم بدعم الفنان العراقي، في حين رأت أخرى أن القناة التي ستبدأ بث برامجها اليوم تشكل تدخلا "سافرا" بالشأن الداخلي للبلاد.
 
وتسعى الرياض إلى تحسين علاقاتها ببغداد بعد مراحل من الشد والجذب، حيث تميزت إبان نظام الرئيس صدام حسين بالانفتاح المتبادل ليشكل اجتياح الكويت الحدث الذي أنهى العلاقة بقطيعة استمرت إلى ما بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003.

انتقاد

وما إن بدأ الإعلان عن القناة المرتقبة التي قالت عنها المجموعة السعودية إنها "ترفيهية" وموجهة للعائلة العراقية حتى جوبهت بسيل من الانتقادات والرفض المعلن من قبل العديد من الشخصيات السياسية في البلاد، ولا سيما تلك القريبة من إيران والتي لديها العديد من التحفظات حيال التقارب السعودي الأخير مع العراق.

فقد هاجم ائتلاف دولة القانون (الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي) القناة المزمع إطلاقها، معتبرا أن "السعودية أسستها للتدخل بالشأن العراقي بشكل سافر".

وعبر النائب البرلماني عن دولة القانون ياسر المالكي (صهر المالكي) عن استيائه من تأسيس قناة "أم بي سي العراق"، وقال في تغريدة في تويتر إن السعودية "بكل وقاحة تؤسس قناة للتدخل بالشأن العراقي وبشكل سافر وباسم صريح".

كما أعربت حركة عصائب أهل الحق عن رفضها القناة الجديدة، وقال القيادي في الحركة ليث العذاري إنه لا يمكن الوثوق بمنهجية وسياسة هذه المجموعة بعد أن أثبتت دعمها للإرهاب كماكينة إعلامية له.

وعمدت قناة العهد الفضائية المملوكة للحركة إلى شن حملة عبر شاشتها، لعرقلة افتتاح القناة التي بثت أول أمس الجمعة حفلا للفنان العراقي كاظم الساهر، ومنذ نهاية الشهر الماضي أخذت قناة العهد تحذر عبر شريطها الإخباري من أن "آل سعود يفتتحون قناة لغسل عقول الشباب العراقيين المجاهدين".

لكن أثيل النجيفي محافظ نينوى السابق والقيادي في تحالف القرار كان له رأي مخالف، إذ اعتبر رفض بعض الجهات للقناة "سذاجة" في التفكير، مبينا في تصريح صحفي أن الإعلام مفتوح وبإمكان كل العالم بعث رسائل بأي مكان في العالم.

بالمقابل، سارعت قناة "أم بي سي" إلى التوضيح في بيان لها أنها من خلال إطلاق نسختها العراقية تسعى لتقديم منتج إعلامي عراقي من خلال فنانين عراقيين ذوي شهرة واسعة على المستويين المحلي والعربي.

قناة
قناة "أم بي سي العراق" ستكون حسب مالكيها ترفيهية وتخاطب العائلة العراقية (الجزيرة نت)

خطوة للتقرب
وتسعى السعودية للوصول إلى المتلقي العراقي عبر العديد من المجالات، ومنها الترفيهية، بحسب الإعلامي نبيل جاسم الذي يعتقد أن تلك التحركات لا تخلو من التأثير، وأن القناة ستكون منافسا على المستوى الإعلامي أمام القنوات التي تتلقى دعما من طهران والتي استهلكت نفسها بخطاب عقائدي واضح اللون.

وفيما إذا كانت القناة الجديدة تعتبر جزءا من الصراع السعودي الإيراني، قال إن استخدام الفضاء بات جزءا من الحرب الناعمة، مشيرا إلى أن للخطوة بعدا تجاريا يتعلق بتوسيع رقعة المساحة الإعلانية للقناة، بالإضافة إلى هدفها الأول وهو النفاذ إلى الجمهور العراقي ومحاولة التأثير عليه ضمن أدوات الصراع المعاصرة بحسب رأيه.

بالمقابل، لا يخفي عبد الأمير العبودي مدير أخبار قناة "آي نيوز" التابعة لأحد الفصائل المسلحة خشيته من قرار إطلاق قناة سعودية موجهة للشعب العراقي التي قال عنها إنها "لا تخلو من الريبة"، مبينا أن التراكمات الإعلامية السابقة للمملكة السعودية لم تشر إلى أنها تسعى لخدمة الشعب العراقي، بل على العكس هناك الكثير من القنوات التي حرضت بفتاواها العديدة على أذية العراق، وهذا بحد ذاته يشكل تناقضا واضحا.

وبين أن الرياض لا تريد دعم الديمقراطية في العراق ولا تريد تثبيت الحاكمية في البلاد، مؤكدا أن السعودية تريد تخريب الواقع العراقي عبر خطوتها الأخيرة.

آلاء حسين: القناة الجديدة ستعرض أعمالا لفنانين عراقيين (مواقع التواصل)
آلاء حسين: القناة الجديدة ستعرض أعمالا لفنانين عراقيين (مواقع التواصل)

ملء فراغ
واستغربت الفنانة آلاء حسين -التي تتمتع بجماهيرية واسعة- الهجمة التي تعرضت لها القناة الجديدة، مبينة أنها بعيدة عن السياسة، وأن جل ما يتم عرضه هو الأعمال الفنية والثقافية بقيادة عراقية شابة.

واعتبرت أن ردود الفعل السلبية غير مدركة للمحتوى الفني الذي سيقدم، مطالبة بعدم الحكم المسبق، وأشارت إلى أن من شأن إطلاق القناة أن يدعم الفنان العراقي.

أما الشاعر صفاء خلف فيبدو مخالفا لرأي آلاء، وشبه إطلاق "أم بي سي العراق" بـ"لعبة ملء فراغ في مجتمع متعطش"، معتبرا المنجز الإعلامي السعودي الأخير هو بداية لما سيكون عليه مشهد الانقسام الاجتماعي والسياسي في العراق خلال الفترة القريبة المقبلة.

وأضاف أن الخطوة السعودية ليست فقط لإبعاد الشارع عن التأثير الإعلامي الإيراني بل لتحسين صورتها من أجل حماية استثماراتها الضخمة المقبلة، لافتا إلى أن رسالة الرياض تكمن في شراء الرضا عبر العاطفة والترفيه عبر استخدامها أكثر الوجوه رخصا وشعبوية.

المصدر : الجزيرة