مؤتمر بالدوحة للعلوم الشرعية يدعو لربطها بالواقع

كلمة الافتتاح يلقيها الدكتور على القره داغي -الدوحة 15 /4/2016
الدكتور على القره داغي خلال إلقائه كلمة افتتاح المؤتمر (الجزيرة)

محمد ازوين-الدوحة

دعا مشاركون في مؤتمر ترقية العلوم الشرعية الذي ينظمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في الدوحة إلى ربط العلوم الشرعية بالواقع وتجديد مناهج التعليم الشرعية لتصبح قادرة على مسايرة التطور العلمي.

وحذروا من أن عدم تجديد المناهج والارتقاء بمستويات الطلبة والمدرسين وربطهم بالواقع يجعلهم لقمة سائغة أمام الجماعات المتطرفة التي أساءت فهم النصوص الشرعية واتخذت منها مطية لتشويه صورة الإسلام والقفز على الواقع بشكل أدى إلى اتهام مدارس العلوم الشرعية بتفريخ الإرهاب.

ونفى علماء ارتباط الإرهاب بالعلوم الشرعية جملة وتفصيلا، مستشهدين بأن زعماء الجماعات المتشددة لم يدخلوا المدارس والمعاهد الشرعية مطلقا، مؤكدين أن تدارس تجديد مناهج العلوم الشرعية هو من باب القيام بالواجب، وليس دفعا لتهمة أثبت الواقع زيفها وبطلانها.

وفي كلمته أمام المشاركين أبدى الشيخ يوسف القرضاوي امتعاضه من رتابة مناهج العلوم الشرعية وجمود حملتها وتكرارهم لنصوص لم يستطيعوا فهمها، وعجزوا عن إيصالها إلى المجتمعات الإسلامية، فضلا عن المجتمعات الأخرى.

واعتبر أن خلو مناهج مدارس التعليم الشرعي من مقررات تدريس اللغات الأجنبية وعدم إلمام المدرسين والطلاب بعلوم العصر ساهم في ركود علوم الشريعة وأسس لنظرية فصل الدين عن الدولة التي يسعى أصحابها لإبقاء الإسلام حبيسا داخل جدران المساجد.

وطالب المشاركين في الجلسات النقاشية بالعمل على إعداد دراسات شاملة تعالج هذا الخلل ورسم أهداف علمية وعملية تساهم في وصولهم إلى الأهداف التي عقد المؤتمر من أجلها، مذكّرا الجميع بأن عقد المؤتمرات ليس هدفا في حد ذاته، بل العبرة بالنتائج كما يقال.

‪إحدى جلسات اليوم الختامي للمؤتمر‬ (الجزيرة)
‪إحدى جلسات اليوم الختامي للمؤتمر‬ (الجزيرة)

ربط بالواقع
في السياق ذاته قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور على القره داغي إن الأمة اليوم تعاني من عدم ربط العلوم الشرعية بالواقع وعدم تجديد مناهج العلوم الشرعية، والجمود على نصوص وآراء لم تعد مطروحة أصلا.

وأكد أن الهدف من عقد هذا المؤتمر هو الوصول إلى مخرجات تتوفر فيها العقلية المقاصدية من خلال إعداد علماء قادرين على الاجتهاد والاستنباط في قضايا معاصرة مطروحة بعيدا عن الجمود وعدم الفاعلية.

وقال للجزيرة نت إن "المشكلة ليست في العلوم الشرعية، بل في حملة هذه العلوم، فنحن اليوم بحاجة لأن يكون طالب العلوم الشرعية ملمًّا بعلم الاجتماع وعلم النفس والتربية والاقتصاد" معتبرا أن معرفة هذه الأمور تجعل الفقيه مرتبطا بالواقع غير منفصل عن الأصل.

وفيما يتعلّق بارتباط العلوم الشرعية بالإرهاب وما يروج له من ذلك داخل العالم الإسلامي وخارجه، أوضح القره داغي أن هذا الارتباط غير موفق، فمعظم قادة الجماعات المتشددة التكفيرية اليوم لم يتخرجوا من مدارس العلوم الشرعية، بل من كليات الاقتصاد والهندسة والفلسفة، وغيرها من التخصصات الحديثة، لكن ذلك لا ينفي قابلية طلاب المدارس الشرعية اليوم لأي فكر منحرف نتيجة لانفصالهم عن الواقع.

‪الدكتور عمر فاروق: الفقيه العالم بالرياضيات أفضل من الفقيه الجامد‬ (الجزيرة)
‪الدكتور عمر فاروق: الفقيه العالم بالرياضيات أفضل من الفقيه الجامد‬ (الجزيرة)

مناهج متقدمة
من جانبه قال المستشار الأول لرئيس الوزراء التركي الدكتور عمر فاروق إن هذا المؤتمر جاء في الوقت المناسب ليدرس مستوى مؤسسات العلوم الشرعية، وليضع لها مناهج متقدمة متطورة قادرة على رفع مستويات طلاب التعليم الشرعي وربطهم بالواقع، فأي تعليم لا يرتبط بالواقع لا يمكن أن يسمّى تعليما، على حد وصفه.

وأضاف في تصريح خاص للجزيرة نت أن تركيا قطعت أشواطا متقدمة في هذا المجال لإدراكها أن التعليم الشرعي إن لم يرتبط بالواقع فسيسبب لها مشكلة حضارية كتلك التي تعاني منها بلدان إسلامية عديدة، حينما تحوّلت المدارس الشرعية فيها إلى مدارس لتصدير الغلو والتطرف.

ولفت إلى أن تجربة معهد الصفة للدراسات الإسلامية في تركيا كانت ناجحة بكل المقاييس، ذلك أن هذا المعهد خرّج طلابا تقلّدوا مناصب عليا في الدولة بعد أن أثبتوا براعة وقدرة في الإدارة نتيجة لإدخالنا مناهج التعليم المعاصر إلى مقررات المعهد.

وأضاف عمر "نحن نعي أن الفقيه العالم بالرياضيات أفضل من الفقيه الجامد، فالأول عندما يضع فتوى أو نظرية شرعية لا بد أن يتوصل فيها إلى نتائج، بينما الثاني يطلق الفتوى ولا يهتم بالنتائج المترتبة عليها، فهو كمن يلقي حجرا على مكان مكتظ بالناس دون التفكير فيما سيحدثه من أثر عليهم".

المصدر : الجزيرة