34 عاما على مجزرة حماة

يصادف الثاني من فبراير/شباط الذكرى الرابعة والثلاثين لمجزرة حماة (وسط سوريا) التي ارتكبها نظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد وراح ضحيتها عشرات الآلاف. وقد أفلت الأسد الأب من العدالة وحكم سوريا حتى وفاته عام 2000.

وتحل الذكرى لتطرح العديد من الأسئلة عن المجازر والانتهاكات التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها نظام ابنه بشار الأسد، وما إذا كان سيفلت من أيدي العدالة أيضا في ظل الحديث عن تسوية سياسية.

ويؤرخ الثاني من فبراير/شباط 1982 لأسوأ مجزرة في تاريخ سوريا الحديث كما كان يعتقد قبل اندلاع الثورة الشعبية في مارس/آذار 2011 وما تلاها.

في ذاك اليوم طوقت قوات نظام حافظ الأسد مدينة حماة، وبدأت قصفها بمختلف أنواع الأسلحة، قبل أن تجتاحها وتقتل كل من يصادفها فيها بحجة القضاء على تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا.

وقد أسفرت المجزرة عن عشرات الآلاف من القتلى، وقدرت إحصاءات عدد الضحايا بنحو 35 ألف قتيل, لكن مصادر أخرى قالت إن العدد أكبر من ذلك بكثير.

حينها تكتم النظام السوري على المجزرة، وحاول طمس ما أمكنه من أدلة, لكن العالم اكتشفها بعد أكثر من شهر عبر خبر صحفي يبدو أنه ضاع أو ضُيّعَ في خضم الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق آنذاك مثلما ضاع أمل الضحايا في محاكمة الجناة.

وقد نجا الأسد الأب بفعلته وحكم سوريا حتى وفاته عام 2000، لكن تاريخ سوريا مع المجازر لم ينته عند حماة, فمدن وبلدان سورية أخرى كانت على موعد مع مجازر قد يتفق الناس أو يختلفون في مقارنتها بما شهدته حماة عام 1982.

تغير رأس النظام السوري، توفى الأسد الأب وخلفه الابن الذي لم يتردد في استخدام الجيش والأجهزة الأمنية وحلفاء الداخل والخارج لارتكاب أكثرَ من مجرزة على مدى خمس سنوات من الثورة السورية. بل إن الأسد الابن استخدم الغاز لضرب غوطة دمشق، وهو سلاح محرم دوليا بالضرورة، رغم تحذير المجتمع الدولي له في السابق من استخدامه

إثر ذلك طولب الأسد باحترام القانون وحماية المدنيين، لكنه لم يفعل، بل أمعن في قتل المدنيين سواء بالبراميل المتفجرة أو باستهداف تجمعاتهم في الأسواق وأفران الخبز.

كما لجأ الأسد الابن إلى سلاح جديد، وهو التجويع عبر الحصار المشدد, فبرزت مدينة مضايا كأسوأ نموذج للتجويع في التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية.

بيد أن الاختلاف بين مجزرة حماة والمجازر الجديدة في سوريا استعانة الاسد الابن بحلفاءَ شاركوه ارتكاب المجازر سواء عبر الغارات الجوية الروسية أو عبر المليشيات المدعومة من إيران أو حزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانبه على الأرض ويشاركه تشديد الخناق على مضايا.

أفلت الأسد الأب من المحاسبة، ولم يسأله أحد عما ارتكبه في حماة عام 1982، وحتى الآن لا يبدو أن الابن في وارد الالتفات للقانون الإنساني الدولي طالما أن حلفاءه في مجلس الأمن منعوا تحويل ملفه إلى المحكمة الجنائية الدولية وما زالوا يتمسكون به وبنظامه.

المصدر : الجزيرة