أحداث النجف أزمة أمن أم خلل سياسي؟

إشتباكات في النجف اليوم الجمعة بين جيش المهدي وقوات الاحتلال

الجزيرة نت-النجف
القتال في النجف جاء بعد احتقان كبير شهدته الساحة هناك وصراع قوى خفي بين أطراف متعددة تتنازع على السيادة فيها.

فقد نشبت معارك ومناوشات بين أتباع الزعيم الشيعي مع القوات الإسبانية وقوات صغيرة من قوات التدخل السريع العراقية قبل بضعة أشهر.

وبعدها تدخلت لاحقا قوات أميركية وعينت محافظا جديدا هو عدنان الزرفي، ويرى مراقبون أن ليس لديه أي خبرة إدارية سابقة سوى ما يمتلكه من موقع مرموق في حزب الدعوة الإسلامية (بزعامة إبراهيم الجعفري) ووضعته في مبنى المحافظة بقوة الدبابات، وعينت قائدا للشرطة يميل للأسلوب الهجومي في العمل.

وبعد عمليات اعتقال متبادلة بين قوات جيش المهدي والشرطة العراقية تدخلت قوات المارينز الأميركية التي استبدلت بالقوات الأميركية السابقة، وأصبح المارينز مسؤولين عن القوات في النجف وأطرافها في توقيت اختير بدقة.

وبعد عودة قائد الشرطة العراقية في الرابع من أغسطس/ آب الجاري من اجتماع مع وزير الداخلية العراقية فالح النقيب الذي لم يفلح في تقدير قوة أتباع الزعيم مقتدى الصدر العائد إلى منبر الجمعة في مسجد الكوفة بعد اختفائه عن الساحة بضعة أسابيع، قام عدد من عناصر الشرطة باعتقال مجموعة تابعة لجيش المهدي والتي قامت بالرد بالمثل.

وعلى الرغم من محاولة محافظ النجف احتواء الأزمة والدعوة لإطلاق سراح الشرطة المعتقلين وعدم تكرار عمليات الاختطاف، فإن جهوده وجهودا أخرى ضاعت وسط اشتباكات اندلعت بين الشرطة وأتباع مقتدى الصدر في ساحة ثورة العشرين وسط المدينة، في وقت خرج فيه المرجع الشيعي البارز علي السيستاني من المدينة متوجها إلى المملكة المتحدة للعلاج إثر وعكة صحية ألمت به.

الشرطة العراقية استعانت بالقوات متعددة الجنسيات وقوات الدفاع المدني العراقية في أعنف المعارك في محيط مقبرة النجف وأطراف المدينة القديمة التي تحيط بمرقد الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد تضرر المرقد ببعض الإطلاقات المتوسطة والخفيفة.

القوات الأميركية استخدمت طائرات مقاتلة ومروحية ودبابات ومدرعات ومدافع لدك مواقع أتباع الصدر، لكنها لم تفلح في إجبارهم على الانسحاب من المدينة أو تغيير لهجة خطابهم السياسي الذي أصبح أعنف، واندمج مع الخطاب الديني ليحول الأمر إلى معركة مقدسة للدفاع عن المدينة.

ولتخفيف الضغط على إخوانهم في النجف قامت مجموعات أخرى من أتباع الصدر بتصعيد الموقف السياسي والعسكري في بغداد، وكذلك في محافظات الناصرية والعمارة والبصرة التي طالبت بالفيدرالية.

ولم تأت زيارة رئيس الوزراء العراقي المؤقت إيلاد علاوي ومستشار الأمن القومي موفق الربيعي لإظهار هيبة الدولة وفرض قراراتها على الأرض بالنتائج المرجوة، لإتباعها أسلوب القوة المرتكز بشكل أساس على القوات الأميركية.

قوات جيش المهدي تصدت بقوة لموجات الغارات الجوية المتكررة والهجمات الأرضية للمدرعات الأميركية والشرطة والجيش العراقي الجديد في معارك المقبرة ومحيط المدينة القديمة.

ورغم حجم الدمار الذي لحق بالمدينة والمقبرة وبنايات الفنادق والمحال التجارية، فإن حجم الإصابات كان محدودا ببضع عشرات من القتلى والجرحى، مع أن تصريحات الأميركيين والمحافظ وقائد الشرطة تشير إلى مئات من القتلى والجرحى والأسرى الذين اعتقل معظمهم في حدود المدينة قبل اشتراكهم في المعركة.

ولم تفلح إشارات الحكومة العراقية لإيران واتهامها بدعم أتباع الصدر بتشويه صورة المقاومة الشيعية العراقية كما يصفها أتباع الصدر، ولم تشاهد عناصر إيرانية في المدينة بالحجم الذي ذكره المسؤولون في المحافظة.

الحكومة العراقية الآن تعيش في ورطة جديدة تمثلت في فشلها في احتواء الصدر وأتباعه الكثر في بغداد ومحافظات الجنوب، كذلك تحول عدد كبير من أعضاء ما يسمى البيت الشيعي إلى دعم التيار الصدري بقوة للحصول على دعم شعبي لا يمتلكونه، وكذلك استخدامها القوة في قمع معارضيها والأنكى من ذلك استعانتها بالقوات متعددة الجنسيات.

وقد وضعت هذه الأمور الحكومة المؤقتة في موقف لا تحسد عليه، وربما سيخسر العديد من رموزها رصيدهم في الشارع العراقي الذي بدأ يرى شبها كبيرا بين هذه الحكومة والنظام السابق في أسلوب حل المشاكل بالقوة.

المصدر : الجزيرة