يُدهن به ملك بريطانيا.. ماذا تعرف عن رحلة زيت الزيتون الفلسطيني من القدس للندن؟

القدس_البلدة القديمة_صورة من داخل كنيسة القيامة التي جرى فيها تقديس الزيت خلال أسبوع الآلام في مارس الماضي-الجزيرة نت
"تقديس" زيت الزيتون داخل كنيسة القيامة خلال أسبوع الآلام في مارس/آذار 2023 (الجزيرة)

القدس المحتلة- من القدس المحتلة إلى لندن نُقل زيت الزيتون الفلسطيني بداية مارس/آذار الماضي في قارورة ذهبية على شكل نسر، ليُدهن به الملك البريطاني تشارلز الثالث وعقيلته كاميلا اليوم السبت أثناء مراسم التتويج المرتقبة في كاتدرائية "ويستمنستر" وذلك بعدما مرّ بعدة مراحل ومحطات في فلسطين.

وبدأت رحلة الزيت بعد قطف زيتون بساتين كنيستي "مريم المجدلية" و"دير الصعود" في جبل الزيتون بالقدس المحتلة، وذلك لقداسة الجبل مسيحيا، واحتوائه على أجود وأقدم أشجار الزيتون، بالإضافة إلى مجاورة أشجار كنيسة مريم المجدلية لقبر جدة الملك لأبيه الأميرة أليس باتنبرغ التي توفيت بالمملكة المتحدة عام 1969 ونقل رفاتها إلى القدس، حيث زار تشارلز قبرها خلال زيارة رسمية لأول مرة عام 2018.

عُصر الزيتون في مدينة بيت لحم جنوبي القدس، قريبا من كنيسة المهد التي شهدت ولادة المسيح عليه السلام حسب الاعتقاد المسيحي، وفي 4 مارس/آذار الماضي نُقل إلى كنيسة القيامة في البلدة القديمة بالقدس لتقديسه، وذلك بإشراف لفيف من البطاركة ورؤساء كنائس القدس، على رأسهم رئيس الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية البطريرك ثيوفيلوس الثالث، ورئيس أساقفة الكنيسة الإنجيلية الأسقفية المطران حسام نعوم، ليصبح بعدها زيت "الميرون" المقدس.

فلسطين_القدس_استخرج الزيت من بساتين كنيسة مريم المجدلية (أعلى) على جبل الزيتون-الجزيرة نت
الزيت يُستخرج من بساتين كنيستي "مريم المجدلية" و"دير الصعود" على جبل الزيتون بالقدس المحتلة (الجزيرة)

لماذا الزيت؟

وعن "زيت الميرون المقدس" يقول الأب عبد الله يوليو إنه "زيتٌ صُليّ عليه طلبا للبركة من الله، في الأسبوع العظيم قبل عيد الفصح، حيث يتلو البطريرك عليه دعاء خاصا". وأضاف "الزيت واسطة ورمز ليشعر الإنسان بالبركة، شأنه شأن الماء التي يقدس ويعمّد بها المؤمنون، والزيت في تقاليدنا يمسح به على النبي والملك والكاهن لتكريسهم وتقديسهم".

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح يوليو أن كنيسة القيامة اختيرت لتكون مكان تقديس الزيت، لأنها "أهم كنيسة في العالم، وتذكر المسيحيين بصلب السيد المسيح وقيامته في اليوم الثالث من بين الأموات، أما الكاثوليك والأرثوذكس الشرقيون فيعتقدون أن قبر المسيح موجود في كنيسة القيامة".

وعُطّر زيت الميرون بالسمسم والورد والياسمين والقرفة والعنبر وزهرة البرتقال، أما تركيبته الرئيسة فتقارب الوصفة القديمة التي استخدمت في صنع الزيت، وقت تتويج والدة تشارلز الثالث الملكة إليزابيث الثانية عام 1953 وأسلافها منذ عام 1066، في ذات الكاتدرائية البريطانية.

لحظة مقدسة

يقول الناطق الرسمي لإعلام كنيسة الروم الأرثوذكس المقدسية عيسى مصلح "الزيت المقدس سر من أسرار الكنيسة السبعة، حيث يرسم الكاهن إشارة الصليب على جبين المؤمن ووجهه ولحيته ويديه وصدره، كما سيفعل غدا رئيس أساقفة كانتربري نيافة المطران جاستين وويلبي".

وأضاف مصلح للجزيرة نت أن دهن الملك سيكون خفيا من وراء حجاب، متابعا "لأن هذه اللحظة تاريخية مقدسة بينه وبين الرب".

فلسطين_القدس_ يقول الأب عبد الله يوليو إن الزيت المقدس استخدم لتقديس الملوك والأنبياء والكهنة-الجزيرة نت
الأب يوليو: الزيت المقدس استخدم لتقديس الملوك والأنبياء والكهنة (الجزيرة)

أهمية الزيتون

وعن أهمية شجرة الزيتون وزيتها بالمسيحية، فقد وردت في 140 موضعا في الإنجيل سواء داخل العهد القديم أو الجديد، كما يرمز غصن الزيتون في سفر التكوين إلى نهاية الطوفان في عهد النبي نوح، كما أن المسيح مسح بالزيت.

ووفق الأكاديمي حسيب شحادة، فإن أحد معاني لفظ "المسيح" -باللغة الآرامية والعبرية- يعني المسح بالزيت المقدس في المعبد بغية التبريك والتقديس، كما أن شاؤول (طالوت) كان أول ملك مسح بأمر رباني، ثم مسح بعده الملكان النبيان داود وسليمان".

أما رئيس أساقفة كانتربري الذي سيدهن تشارلز الثالث بالزيت المقدس، فقال "زيت التتويج يعكس ارتباط عائلة الملك الشخصي بالأرض المقدسة واهتمامه الكبير بشعوبها، منذ أن بدأت التخطيط للتتويج، كنت أرغب في إنتاج زيت جديد من جبل الزيتون، لأوضح الرابط التاريخي العميق بين التتويج والكتاب المقدس والأرض المقدسة".

وبحسب موقع العائلة البريطانية المالكة، أضاف رئيس أساقفة كانتربري "منذ القدم وحتى يومنا هذا، كان الملوك يُمسحون بالزيت من هذا المكان المقدس".

المصدر : الجزيرة