هل بات صوت جماعات الهيكل أعلى من الحاخامية الرسمية الإسرائيلية التي تُحرّم اقتحام الأقصى؟

4-أسيل جندي، المسجد الأقصى، صورة تظهر اقتحام عشرات المتطرفين لساحات المسجد الأقصى وحرصهم على عدم الصعود إلى قبة الصخرة والساحات المحيطة بها باعتبارها مكانا مقدسا(الجزيرة نت).jpg
المستوطنون المتطرفون يحرصون على عدم الصعود لقبة الصخرة والساحات المحيطة أثناء اقتحاماتهم المتكررة للمسجد الأقصى (الجزيرة)

القدس المحتلة- خلال 4 أعوام، أقدمت جماعات الهيكل المتطرفة مرتين على إزالة اللافتة التي ثبتتها الحاخامية الرسمية في إسرائيل منذ عقود والتي تمنع اليهود من دخول المسجد الأقصى المبارك.

ولم تكتفِ هذه الجماعات بذلك بل استبدلت اللافتة بأخرى تشجع اليهود على اقتحام المسجد، والصلاة فيه باعتباره الهيكل المزعوم.

وتضع الحاخامية الرسمية لافتات متعددة لثني اليهود عن الصعود إلى المسجد الأقصى الذي تسميه "جبل الهيكل" بعضها على مدخل جسر باب المغاربة (أحد أبواب المسجد).

ورغم مرور 1.5 عام على إزالتها واستبدالها بأخرى، لم تعاود الحاخامية الرسمية في إسرائيل تثبيت اللافتة التي تعبر عن الرأي الديني في تحريم اقتحام أولى القبلتين.

وترى الحاخامية أن ذلك ممنوع بسبب عدم توفر شرط الطهارة من نجاسة الموتى لدى اليهود المعاصرين، لذا فإن دخولهم إليه يتنافى مع "قداسته" وبالمقابل تحث جماعات الهيكل المتطرفة أنصارها على اقتحام الأقصى كمقدمة ضرورية لتأسيس الهيكل المزعوم، مع الحرص على عدم الصعود إلى صحن مصلى قبة الصخرة المشرفة فقط باعتباره مركز "القداسة اليهودية" المزعومة وفقا لما أوضحه الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص.

8-صورة للافتة الحاخامية الرسمية في إسرائيل والتي أزيلت من جهة باب المغاربة والتي تمنع اليهود من _الصعود إلى جبل الهيكل_ (مواقع التواصل)
جماعات الهيكل أزالت لافتة وضعتها الحاخامية الرسمية قرب باب المغاربة تمنع اليهود من الصعود إلى المسجد الأقصى (مواقع التواصل)

الاقتحام خطيئة

بدوره، قال مدير ملتقى القدس الثقافي بالأردن أحمد الشيوخي إن حاخامي الأشكناز والسفارديم اللذين يتمتعان بسلطة حاخامية عالية في إسرائيل يصران على فتواهما بعدم جواز دخول المسجد الأقصى لليهود، ويحذران من يخالف الفتوى بأنه يرتكب خطيئة.

وعبر عن ذلك الحاخام السفاردي الأكبر إسحق يوسف عام 2017 بالقول إنه من الضروري تذكيرهم بأن الصعود إلى جبل الهيكل محرم بحسب الشريعة اليهودية، واليهود الذي يصعدون إلى جبل الهيكل "يدنسون قدسيته".

غير أن هذه الفتاوى تقابلها -وفقا للشيوخي- مجموعة من الفتاوى الدينية لحاخامات مختلفين ممن يسمحون ويطالبون الجميع بضرورة اقتحام المسجد الأقصى والصلاة فيه باعتباره حقا مقدسا لليهود، وعبروا عن ذلك بعقد قمة حاخامية في ساحات المسجد خلال عيد المظلة اليهودي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وينبع هذا الخلاف الديني من عدم تحديد موقع "الهيكل الثاني" بدقة، وبالتالي فإن أي يهودي يقتحم تلك المنطقة سيكون عرضة للدوس على ما يسمى" قدس الأقداس" وهو ما يعد محرما وفق الشريعة اليهودية.

فوضى الفتاوى

لذلك لا بد من التأكيد -حسب الشيوخي- على أن فوضى الفتاوى الدينية ما بين تحريم الاقتحام والسماح به لا يغير من حقيقة أن المسجد الأقصى المبارك مركزي عند الفئتين وأن "موقفنا ودفاعنا عن المسجد الأقصى لا ينبني على تغيير مواقفهم أو بتثبيت اليافطات وإزالتها".

ومما يضاعف الخطر أن جماعات الهيكل المتمثلة بفكرة "الصهيونية الدينية" تسعى لتوسيع فكرة تبني الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى وقوننتها والسماح بالصلوات وتغيير الوضع القائم وطرد الأوقاف الإسلامية الأردنية، وهذه المساعي توجت بتولي عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير حقيبة وزارة الأمن الداخلي.

ومن جانبه طارق أبو داود أكد المتخصص في التلمود (المصدر الأول للشريعة الدينية اليهودية) أن 90% من اليهود يعتبرون أن كامل مساحة المسجد الأقصى البالغة 144 دونما هي منطقة محرمة، في حين يعتبر 10% منهم أن المنطقة التي يحرم عليهم الوصول إليها هي مصلى قبة الصخرة المشرفة والساحات المحيطة به فقط.

وأضاف أبو داود -في حديثه للجزيرة نت- أن الحاخام المسؤول عن منطقة حائط وساحة البراق يرفض الاقتحامات كما ترفضها شريحة كبيرة من اليهود، لكن صوت جماعات الهيكل المتطرفة وأعضاء الكنيست المتطرفين الذين يدعمونها وبعض المؤسسات الحكومية بات أعلى من صوت الحاخامية الرسمية في إسرائيل والتي تُحرم على اليهود الاقتحام.

ويحاول بعض الحاخامات المنتمين لجماعات الهيكل المتطرفة توسيع نطاق التفسيرات المستمدة من وصية "الاستيلاء على أرض إسرائيل" والتي تظهر في مواقع عديدة بالكتاب المقدس لتشمل مسألة السيطرة على الجبل وإعادة بناء الهيكل وفقا لادعاءاتهم.

وقد طورت جماعات الهيكل أيديولوجية تضع المسجد الأقصى في مركز قضاياها وهدفا حقيقيا للتحركات السياسية والدينية والثقافية لفرض تغيير جوهري على الوضع الحالي فيه، فبالنسبة لهذه الجماعات يعتبر بناء الهيكل الثالث خطة عمل ونظاما لاهوتيا وعمليا.

المصدر : الجزيرة