دخولها رهين بقوائم أسماء والتصاريح ممنوعة.. النعمان قرية فلسطينية قسمها الجدار

فادي العصا-بيت لحم

حاولت الجزيرة نت دخول قرية النعمان شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وهي قرية قسمها الجدار إلى قسمين، ولا يمكن الدخول إليها إلا بموجب قوائم أسماء أعدت منذ فترة طويلة وبعد الحصول على التصاريح التي هي في الواقع ممنوعة.
 
رافقنا الشاب محمد الدرعاوي الذي أصر على أن يصطحبنا إلى منزله في القرية، قبل إيقافنا من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي على حاجز "مزموريا" الذي يصل إلى البلدة خلف الجدار.
 
سلّم محمد هويته الشخصية وطلبت مجندة على الحاجز هوية مراسل الجزيرة نت، وعند الفحص، منعتنا من العبور وطالبتنا بالعودة من حيث أتينا، لأن اسم المراسل غير مدرج على قائمة بأسماء من يسكنون قرية "النعمان" وهم فقط من يسمح لهم بعبور الحاجز.
حاجز مزموريا الذي فصل قرية الخاص عن النعمان شرق بيت لحم (الجزيرة نت)
حاجز مزموريا الذي فصل قرية الخاص عن النعمان شرق بيت لحم (الجزيرة نت)

يقول محمد الدرعاوي للجزيرة نت إن هذه القائمة تم إعدادها بداية تسعينيات القرن الماضي، وفيها أسماء من يسكنون القرية وأرقام بطاقاتهم الشخصية وكذلك أرقام منازلهم الرقمة من جانب الاحتلال.

كان والد محمد، الحاج يوسف الدرعاوي يتمنى استضافتنا في بيته، يقول بعد أن قابلناه في منطقة مطلة على القرية " كنت أود عندما تم إحصاء الأسماء أن أكتب أسماء كل أهل فلسطين، حتى يستطيعوا زيارتي في بيتي، ولكنني لم أستطع".

ومنذ عام 2006 أغلق الاحتلال القرية على السكان بشكل كامل بعد إتمام الجدار الفاصل، وسمح لهم بالدخول إلى الضفة عن طريق حاجز "مزموريا" وفق قوائم الأسماء فقط ودون حصولهم على تصاريح، ولا أحد يستطيع الدخول إلى القرية مهما كانت المناسبة أو درجة القرابة.

"قرية النعمان" هي اسم مشتق من قرية "الخاص والنعمان" شرق بيت لحم، جعل الاحتلال "النعمان" خلف الجدار ضمن ما يسمى بحدود بلدية الاحتلال في القدس، وأخرج "الخاص" خارج الجدار جهة بيت لحم، وهو ما حدا بالسلطة الفلسطينية أن تجعل لها مجلسين محليين لأنهما يختلفان في القوانين المطبقة عليهما، فالنعمان بالقوانين الإسرائيلية، والخاص بالقوانين الفلسطينية.

داخل القدس وخارجها
يفرض الاحتلال على مواطني "النعمان" دفع ضريبة "الأرنونا" -وهي ضريبة يدفعها الفلسطيني في القدس لقاء خدمات عامة تقدمها بلدية الاحتلال- ولكنهم لا يتلقون منها الخدمات، ويُمنع على السلطة الفلسطينية تقديم الخدمات لأنها خلف الجدار رغم أنها محتلة عام 1967. 

تقدر مساحتها حاليا بثلاثة آلاف دونم وعدد سكانها كان يقارب 350 فلسطينيا، تناقص إلى أقل من مئتي مواطن اليوم، بسبب سياسة التضييق الإسرائيلية ومنع الأهالي من التوسع والبناء بحجة أن المنطقة "خضراء" يمنع البناء فيها منذ عام 1993، رغم أنها لا تبعد كثيراً عن مستوطنة" أبو غنيم" التي كانت عبارة عن غابات من الأشجار تم تقطيعها وإقامة المستوطنة عليها عام 1997. 

لا يستطيع سكان "النعمان" الابتعاد عن منازلهم أكثر من 150 مترا، وإلا فسيتم اعتقالهم لأنهم يحملون الهوية الفلسطينية ويمنع عليهم دخول القدس، كما يمنع الاحتلال الطلبة من استكمال دراستهم في القدس لأنهم يحملون الهوية الفلسطينية. 

يحيط بالنعمان جدار الفصل العنصري على شكل سياج بهدف الاستيلاء على أكبر قدر من الأرض الفلسطينية لصالح أراضي بلدية الاحتلال في القدس. 

الطريق المؤدي إلى حاجز مزموريا الموصل لقرية النعمان شرق بيت لحم (الجزيرة نت)
الطريق المؤدي إلى حاجز مزموريا الموصل لقرية النعمان شرق بيت لحم (الجزيرة نت)

دون خدمات
يؤكد رئيس مجلسها القروي جمال الدرعاوي أن القرية موجودة قبل قيام إسرائيل وهي تتبع تنظيميا لبيت لحم، وبسبب عزلها أصبحت بمثابة سجن كبير لسكانها جميعا، مما يتسبب في معاناة يومية كبيرة لهم، فلا يُسمح بدخول أي خدمات، فإدخال أنبوبة غاز يعني التفتيش الدقيق، ويمنع إدخالها لأنها محملة في مركبة خاصة، ويجب حملها بمركبة خاصة بالغاز التي يُمنع دخولها أصلا، لأن سائقها غير مدرج بقوائم أسماء السكان. 

تعرض سكان القرية -كما يقول الدرعاوي للجزيرة نت- للاعتقال مرات كثيرة، بدأت منذ بداية حصارها، وكان المعتقلون الذين تتجاوز أعمارهم 16 عاما يجبرون على التوقيع على ورقة أنه تم اعتقالهم من منطقة ممنوع الوجود فيها، وكانوا يرفضون ذلك ما يعرضهم للاحتجاز لساعات قبل إطلاق سراحهم وإجبارهم على العودة مشيا إلى القرية التي ليس فيها أي نوع من المواصلات العامة.

ما زال مواطنو "النعمان" -حسب الدرعاوي- صامدين في أرضهم ومنازلهم التي لا يسمح الاحتلال لهم بتعميرها رغم ازدياد سكانها، وهم مصرون -رغم تكلفة العيش الكبيرة- على البقاء فيها وعدم تركها مهما كلفهم ذلك من ثمن.

المصدر : الجزيرة