"كلنا مريم".. إسطنبول تسترد صوت القدس

طفلة أسير فلسطيني محرر في صفقة التبادل مع إسرائيل عام 2011 تشارك في مسيرة كلنا مريم في اسطنبول - تركيا - اسطنبول - ساحة جامع الفاتح
طفلة أسير فلسطيني محرر شاركت في مسيرة "كلنا مريم" (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

لم تغرق صرخات "مريم المقدسية" في بحر النسيان، فقد استرجعت "إسطنبول التركية" صداها في حناجر آلاف المتظاهرين الذين خرجوا نصرة لأولى القبلتين والمرابطين فيها.

فقد غص شارع فوزي باشا الشهير في المنطقة الأوروبية القديمة في إسطنبول بالرجال والنساء الذين انطلقوا من بعد صلاة الجمعة الماضية من جامع الفاتح في مسيرة "كلنا مريم" التي دعت لها أكثر من خمسين منظمة وجمعية تركية.

ويتناقل المشاركون في الفعاليات الفلسطينية بتركيا حب القدس جيلا بعد جيل، فحتى الأطفال هنا يعرفون القدس تماما كما يعرفون إسطنبول.

عودة مريم
وعادت مريم المقدسية من جديد في حديث الناشطة التركية عائشة غل بايج مديرة جمعية القدس العالمية للثقافة والبحوث "أوكاد"، التي عرفها العالم حين أعلنت رسميا عن انطلاق حملة "كلنا مريم" في 28 يناير/كانون الثاني الماضي.

‪أحد المشاركين في مسيرة
‪أحد المشاركين في مسيرة "كلنا مريم"‬ (الجزيرة)

وتعتقد عائشة غل بايج أن خروج عدد كبير من الناس في مظاهرة إسطنبول بعد انقضاء شهر ونصف تقريبا من انطلاق حملة "كلنا مريم"، يمنح الحملة زخما مهما لمواصلة التفاعل مع الجمهور.

ولا تغفل الناشطة التركية التي التقتها الجزيرة نت قيمة توقيت المسيرة ودلالاتها الزمنية، ولا سيما أنها تأتي قبل أسبوع واحد من يوم المرأة في الثامن من مارس/آذار الجاري.

وتهدف الحملة -وفقا لعائشة- إلى شد انتباه العالم إلى معاناة النساء المقدسيات والمساهمة في دعمهن.

وتنظر عائشة بكثير من الفخر إلى المشاركات في المسيرة، وتقول إن تفاعلهن الكبير ساهم في إنجاح حملة "كلنا مريم" التي تحركت باللغات التركية والعربية والإنجليزية، وبمشاركة مؤسسات ومنظمات شعبية ورسمية مختلفة.

‪فتيات تركيات مشاركات في المسيرة بشارع فوزي باشا‬ (الجزيرة)
‪فتيات تركيات مشاركات في المسيرة بشارع فوزي باشا‬ (الجزيرة)

وبحسب عائشة، فإن مريم شخصية دلالية ترمز لكل امرأة مقدسية تعاني من الظلم وتناضل في مواجهة الاضطهاد، وتتمسك بقيمها وفي مقدمتها الدفاع عن مقدساتها.

لوحة مقدسية
وأظهرت المسيرة عمق الروابط التي تجمع قضية القدس بأنصارها في تركيا، فاسم المدينة حاضر على لافتات تحملها المشاركات، فيما ارتفعت صور المسجد الأقصى والمرابطات بصورة الأيقونات الأكثر بروزا في حراك الشارع التركي.

وبحسب المدير العام لمؤسسة "منبر الأقصى" الدولية عبد الله جاهد دينيتش، فإن حضور خمسين مؤسسة تركية في مسيرة "كلنا مريم" لا يعبر عن حجم الاهتمام الكبير الذي يوليه الأتراك بالمدينة المحببة إلى قلوبهم.

‪الموريتاني حمزة الشنقيطي يرتدي علم بلاده والكوفية ويحمل العلم الفلسطيني‬  (الجزيرة)
‪الموريتاني حمزة الشنقيطي يرتدي علم بلاده والكوفية ويحمل العلم الفلسطيني‬  (الجزيرة)

والقدس قضية تستحق أن يجتمع حولها مليارا مسلم في العالم، بحسب دينيتش الذي يعتبر أن كلا منهم لو قال جملة عن المدينة لزال الظلم عنها.

ويعزو كثير من الناس اهتمام الشعب التركي بقضية القدس وتفاعلهم معها إلى كثير من العوامل، يرتبط بعضها بالبعد الديني، فكثير من الأتراك يعتبرون حجهم ناقصا ما لم يقدسوه، أي يزوروا القدس بعده.

كما يرتبط الأتراك تاريخيا بالقدس التي ظلوا يعتبرونها إلى اليوم جزءا من الموروث العثماني، ويحرصون على إعمار معالم الحضارة التي خلفها أجدادهم فيها.

أما دينيتش فيقول إن القيادة السياسية التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان نجح في إعادة توجيه البوصلة التركية إلى القدس، جراء الأهمية الكبرى التي يوليها للمدينة.

بوصلة وراية
وتجلت وحدة الروح الإنسانية في مسير "كلنا مريم"، لكن العنوان الأعرض لها بدا جليا في توحد المتظاهرين خلف كل نداء يتخذ من القدس بوصلة له وراية.

‪حشود من نساء مشاركات في المسيرة‬  (الجزيرة)
‪حشود من نساء مشاركات في المسيرة‬  (الجزيرة)

ولاحظت الجزيرة نت مشاركة واسعة في المسيرة لنشطاء عرب وأجانب من جنسيات مختلفة، كان الحضور الأبرز فيها لأعلام الثورة السورية والإيغور.

وارتدى الشاب الموريتاني حمزة الشنقيطي علم بلاده مع الكوفية الفلسطينية وعلم فلسطين الذي اعتبره رمزا لكل من يدافع عن كرامة الأمة الإسلامية.

ومن وجهة نظر الشنقيطي الشاب، فإن مريم المقدسية صارت أيضا رمزا لكل امرأة في العالم تقاوم "المشروع الصهيوني"، في وقت خضعت فيه قيادة العالم الإسلامي بذل للاحتلال الإسرائيلي من بوابة التطبيع، وفقا لتعبيره.

المصدر : الجزيرة