مكتبة المسجد الأقصى.. ملاذ آمن لأطفال القدس

مكتبة الأطفال في المسجد الأقصى تعج بضيوفها المقبلين على فعالياتها الصيفية
14 برنامجا تهدف لربط الأطفال بالقراءة والكتاب وتوسيع مداركهم وجعل مكتبة المسجد الأقصى بيئة جاذبة لهم (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس

للعام الثالث على التوالي تواظب الطفلة لمار الجلاد (12 عاما) على التوجه إلى مكتبة الأطفال في المسجد الأقصى المبارك قادمة من بلدة الطور في القدس، وتحرص على قراءة المزيد من القصص والروايات والانضمام لنشاطات أخرى تنظمها المكتبة.

في العام الأول تعرفت لمار على المرشدات في المكتبة وتعلقت بالمسؤولة عن النشاطات، وهكذا بات التوجه إلى المكان جزءا من حياتها اليومية، وتقول "زودتني مسؤولة المكتبة بالكثير من القصص والروايات المناسبة لجيلي، وجميعنا نكافأ بعد القراءة بالسماح لنا باللعب بالألعاب التعليمية، وبالنهاية عرفت أقاربي على المكتبة ليشاركوني التجربة الشيقة".

نادي العلوم ونادي الكتاب برنامجان اعتادت لمار على الالتحاق بهما بالإضافة إلى دورات الخياطة وبرنامج التاريخ وفهم المقروء.

وتؤكد لمار أنها ورثت هواية القراءة عن والدها الباحث في تاريخ القدس إيهاب الجلاد، فـ"يتوجه والدي للمكتبة الختنية في الأقصى، وأتوجه أنا لمكتبة الأطفال بشكل يومي وأطمح لأن أصبح مؤلفة مثله".

من برامج مكتبة الأقصى نادي العلوم ونادي الكتاب ودورات في الخياطة والتاريخ (الجزيرة)
من برامج مكتبة الأقصى نادي العلوم ونادي الكتاب ودورات في الخياطة والتاريخ (الجزيرة)

رسم وطموح
رسمت الطفلة عشرات اللوحات منذ صغرها واعتادت أن تكتب عنها، وتعكف حاليا على كتابة قصة تحمل عنوان "جزيرة الكنز"، لكنها قررت الاحتفاظ بها ونشرها عندما تمتلك القدرة المادية على ذلك.

وتتمنى لمار أن تكون كل المكتبات ملكا لها ومتاحة دائما لتغوص في هذا العالم الذي وجدت حريتها فيه.

تسنيم عمرو (11 عاما) طفلة أخرى ترتاد المكتبة وتعتبر المسجد الأقصى بيتها الثاني "أولى الفعاليات التي انضممت لها هي جواز السفر الذي قرأت من خلاله 15 قصة وقمت بتلخيصها، وانسجمت كثيرا بذلك فقررت استصدار بطاقة عضوية دائمة أستعير عبرها الكتب باستمرار".

"يسمعون حسيسها" للكاتب أيمن العتوم هي أكثر الروايات التي تأثرت بها تسنيم وتتمحور حول سجين تعرض للتعذيب الشديد في سجون النظام السوري، وتصف الطفلة رحلة قراءتها في الكتب بالمغامرة التي تكتسب منها مهارات جديدة كل مرة.

مكتبة الأطفال في المسجد الأقصى افتتحت مطلع عام 2016 وتقام فيها برامج مختلفة للأنشطة الصيفية (الجزيرة)
مكتبة الأطفال في المسجد الأقصى افتتحت مطلع عام 2016 وتقام فيها برامج مختلفة للأنشطة الصيفية (الجزيرة)

وتشترك تسنيم في ورشات الخياطة والرسم ونادي العلوم والكتاب، وتستخدم المواصلات العامة كل يوم قادمة من حي الثوري جنوب المسجد الأقصى لتنهل معلومات جديدة من الفعاليات والكتب.

وعندما زار الطفل قصي حجازي (11 عاما) المكتبة لأول مرة قبل شهور قادما من حارة السعدية في البلدة القديمة بالقدس كان مستواه متدنيا في القراءة، ومع مواظبته على استعارة الكتب بات يمارس هذه الهواية بسلاسة، وتطور شغفه في البحث عن كتب في مجالي كرة القدم وعلم الفلك.

ويقول "هذه المكتبة ساعدتني على إتقان القراءة، وأبحث الآن عن معلومات لا أعرفها، وتمكنت من تحديد مهنتي المستقبلية من خلال الكتب.. سأصبح طيارا".

وافتتحت مكتبة الأطفال مطلع عام 2016، ويقام فيها برنامج الأنشطة الصيفية "زدني علما" للعام الثالث على التوالي، وتتميز الفعاليات هذا العام بالتنوع وتشمل 14 برنامجا تهدف لربط الأطفال بالقراءة والكتاب وتوسيع مداركهم وجعل مكتبة المسجد الأقصى بيئة جاذبة لهم على اختلاف شرائحهم.

‪مكتبة المسجد الأقصى ليست مكانا مناسبا للقراءة فقط وإنما اللعب أيضا‬ (الجزيرة)
‪مكتبة المسجد الأقصى ليست مكانا مناسبا للقراءة فقط وإنما اللعب أيضا‬ (الجزيرة)

المسؤولة عن الفعاليات في مكتبة الأطفال بالمسجد الأقصى رزان شريف تحدثت للجزيرة نت عن أنشطة الصيف لهذا العام، وقالت إن برنامج "حروف وكلمات" مخصص للأطفال الصغار يتعلمون فيه كلمات في اللغة العربية من خلال الألعاب اللغوية.

اهتمام باللغة العربية
وأشارت رزان إلى برنامج "قواعد اللغة العربية" الذي يتدرب فيه الأطفال على أساسيات قواعد اللغة بطريقة شيقة، و"فهم المقروء" وهو برنامج يختص بالقصص لتعليم المشارك الاستماع والتحليل والتركيب والمناقشة وإبداء الرأي، أما "تحسين الخط" فيتعلم فيه الأطفال من خلال محاكاتهم للمدربة طريقة كتابة الحروف الصحيحة بخط النسخ.

"نادي اللغة الإنجليزية" برنامج آخر للتدريب على استخدام اللغة الإنجليزية عبر القصص والأناشيد والألعاب المختلفة، ولمحبي الرسم توفر المكتبة للأطفال ورشة "الماندالا" التي تجمع بين التسلية ورسم الأشكال الهندسية المختلفة.

تضاف إلى هذه البرامج أندية التاريخ والرسم والخياطة والعلوم والرياضيات المرحة، و"استكشف الأرض" الذي يزود الطلبة بمعلومات عن كوكب الأرض وأهمية الحفاظ على البيئة، و"أنا وذاتي" الذي يكسب المشاركين آليات تقدير الذات ومهارات الثقة بالنفس.

ولم يغفل القائمون على الفعاليات إبراز نشاط "فرسان" الذي يهدف لبناء وتعزيز القيم الإسلامية الإيمانية بشكل يتناسب مع مراحل نمو الإنسان وخصائصه الطبيعية، وبما ينعكس إيجابا على شخصيته وتفاعله مع أسرته ومجتمعه.

المصدر : الجزيرة