في القدس.. الاحتلال يعتقل العريس والمدعوين بحفل زفاف

أسيل جندي-القدس

في سابقة اعتبرت تدخلا فظا في حياة المقدسيين الاجتماعية اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عريسا وعددا من المدعوين لحفل زفافه ومنشد الحفل.

وطال الاعتقال الشاب رامي الفاخوري والمنشد الذي أحيا حفل زفافه مراد الزغاري، بالإضافة إلى 24 شابا من المدعوين وتم تحويلهم لمركز تحقيق المسكوبية.

وجاء الاعتقال بعد تحريض إسرائيلي على حفل الزفاف الذي أقيم الأسبوع الماضي، فالعروس هي ابنة الشهيد المقدسي مصباح أبو صبيح، والعريس أسير محرر، حيث بثت القناة الإسرائيلية الأولى تقريرا متلفزا تضمن لقطات من حفل الزفاف الذي رفعت فيه الرايات الخضراء ورددت أناشيد وطنية وتراثية عدة.

وما زالت الشابة المقدسية إيمان أبو صبيح تنتظر تحرير جثمان والدها مصباح المحتجز في ثلاجات الاحتلال منذ أكثر من عامين بعد استشهاده في اشتباك مسلح مع عناصر من الوحدات الخاصة الإسرائيلية المعروفة بـ"اليسام" في حي الشيخ جراح في القدس.

وتفضل العروس وذوو العريس الفاخوري عدم الحديث للإعلام عن حفل الزفاف أو التعليق على الاعتقالات الأخيرة.

وتستذكر الناشطة المقدسية خديجة خويص كيف كان المحقق يخطط لإفساد فرحة العروسين، وكيف تعهد خلال إحدى جلسات التحقيق معها بسجن العريس حين خطب ابنة الشهيد حتى تنساه خطيبته.

‪الناشطة خديجة خويص تكتب موقفا حصل معها في التحقيق بشأن العروسين رامي الفاخوري وإيمان أبو صبيح‬ (الجزيرة)
‪الناشطة خديجة خويص تكتب موقفا حصل معها في التحقيق بشأن العروسين رامي الفاخوري وإيمان أبو صبيح‬ (الجزيرة)

فرحة لم تكتمل
واجتازت إيمان امتحانات الثانوية العام الماضي، وارتبطت بالشاب المقدسي الملاحق بالاعتقال رامي الفاخوري، وحلمت كما غيرها من الشابات بحياة هادئة لكن سلطات الاحتلال لم تمهلها وزوجها طويلا، إذ اعتقلت عريسها في كمين قرب منزله بحي واد الجوز في القدس لتخطف منهما فرحتهما بزفافهما الذي مرت عليه ثلاثة أسابيع فقط.

من جهته، يقول المنشد المقدسي مراد الزغاري الذي أفرج عنه مساء أول أمس الاثنين إنه مكث خمسة أيام في زنازين المسكوبية لأنه أحيا الحفل، إذ اعتقلته قوات الاحتلال من منزله في حي رأس العامود بالقدس بـ"طريقة همجية"، واقتيد إلى مركز التحقيق معصوب العينين ومكبل اليدين وبوشر التحقيق معه لخمس ساعات متواصلة تم خلالها عرض مقاطع فيديو من حفل الزفاف والتحقيق معه في تفاصيلها.

"وجهت لي تهمة المشاركة في فعالية لتنظيم محظور والتعاطف مع هذا التنظيم، نفيت التهمة لأنني فنان فلسطيني أعمل في هذا المجال منذ 17 عاما، ومعروف لدى الناس أنني أشارك في كل أفراحهم على اختلاف انتماءاتهم السياسية وأنشد أهازيج شعبية فلسطينية وأخرى يحب الناس سماعها، وما أتفاجأ به اليوم أنني في موقف أحاسب فيه على كل كلمة".

‪صورة سابقة جمعت الشهيد مصباح أبو صبيح‬ (يمين)(الجزيرة)
‪صورة سابقة جمعت الشهيد مصباح أبو صبيح‬ (يمين)(الجزيرة)

محاسبة حنجرة
حنجرته التي صدحت بعشرات الأناشيد وربما بالمئات تسعى سلطات الاحتلال لتحجيمها أو كتمها باعتقاله الأخير الذي تحدث عنه مطولا للجزيرة نت.

وقال الزغاري إن جزءا من الإنشاد في الحفلات يكون ارتجاليا، ويتمحور حول الظروف المحلية للشعب الفلسطيني كارتفاع أسعار المحروقات وتأخر صرف الرواتب وإضراب الأسرى عن الطعام وهدم المنازل، وبالتطرق لبعض الأفكار الارتجالية في زفاف الفاخوري وجدت نفسي متهما بالتحريض أمام الجهاز القضائي الإسرائيلي.

شعر الزغاري بالتحريض ضده شخصيا بعد اتصال تلقاه من صحفي إسرائيلي طلب منه إبداء رأيه لتضمينه في التقرير التلفزيوني، وخلال الاعتقال كان المحقق يدقق في مقاطع الفيديو ويطرح الأسئلة ذاتها على المنشد: ماذا تقصد بهذه الكلمة وتلك؟

ويضيف "هذه الدولة حاسبتني على ما أغنيه.. وعلق المحقق مرارا على فرح المدعوين وتفاعلهم معي، وأجبته بأنني أنشد ليفرح الناس وليس لأنني أريد توجيههم لأفكار معينة".

غادر المنشد سجن المسكوبية للحبس المنزلي ثلاثة أيام ومثله بقية المدعوين من بينهم والد العريس رامي الفاخوري، وتم تمديد اعتقال العريس وثلاثة مدعوين آخرين تتهمهم سلطات الاحتلال -حسب محاميهم خالد زبارقة- برفع أعلام ولافتات تنظيمات محظورة أو وضع شعارها على جبينهم، في حين تتهم رامي بتنظيم الاحتفال.

التحقيق مع المعتقلين تمحور -حسب المحامي- حول رفع الراية الخضراء بادعاء ارتباطها بحركة المقاومة الإسلامية(حماس)، وعلاقة المدعوين بالعريس، كما تطرق المحققون لوالد العروس الشهيد المحتجز مصباح أبو صبيح الذي كان له نصيب من بعض أناشيد الزفاف كما في التراث الفلسطيني الشعبي الأصيل، لكنهم اعتبروا أن للإنشاد تعاطفا وتماهيا مع مصباح وما قام به.

الزغاري: وجهت لي تهمة المشاركة في فعالية لتنظيم محظور والتعاطف مع هذا التنظيم (الجزيرة)
الزغاري: وجهت لي تهمة المشاركة في فعالية لتنظيم محظور والتعاطف مع هذا التنظيم (الجزيرة)

تحريض إعلامي
وأكد زبارقة أن تركيز التقرير المتلفز على أنشودة ارتجالية قارن بها المنشد بين ضرب صاروخ الكورنت على الحافلة الإسرائيلية في أحداث غزة الأخيرة وبين تبديل مسؤول في الشرطة الفلسطينية إطار مركبة عسكرية إسرائيلية معطلة جنوب مدينة الخليل بالضفة الغربية وفر مادة دسمة للمحققين الذين اعتبروا ذلك تحريضا على الإرهاب بتمجيد ضرب الكورنت والاستهزاء بتغيير "البنشر".

ووصف زبارقة اعتقال المدعوين والمنشد والعريس بسبب حفل زفاف بالتعسفي والانتقامي من المقدسي رامي الفاخوري ووالد زوجته الشهيد مصباح أبو صبيح، مضيفا أن هذا الاعتقال لا يستند إلى أي أساس قانوني.

وشدد المحامي الفلسطيني على أن ما جرى "أناشيد شعبية تقليدية"، أما الرايات التي رفعت "فهي جزء من المزاج السياسي الفلسطيني العام"، معتبرا ملاحقة الفلسطينيين على قناعاتهم بلغة القوة والبطش "غباء سياسيا، ولولا التغطية الإعلامية الإسرائيلية لحفل الزفاف لما تطورت الملاحقة لهذا الحد".

يذكر أن الشاب المقدسي رامي الفاخوري اعتقل مرات عدة بسبب ارتباطه بالمسجد الأقصى وقضى فترات سجن متفاوتة بعد توجيه تهم مختلفة له، وخلال تصديه للمستوطنين في المسجد أصيب برصاصة مطاطية في عينه اليسرى، مما أدى لفقدانها والاستعاضة عنها بعين صناعية قبل سنوات.

المصدر : الجزيرة