الأغنية.. ثورة ضد الاحتلال ودعم للأقصى

أغنية شيلو البوابة- فلسطين
"شيلوا البوابة" تميزت بكلماتها ذات الصدى الوطني العميق وكانت القدس أولويتها الأولى (الجزيرة)
عاطف دغلس-نابلس

لطالما ألهبت الأغنية الثورية الفلسطينية عواطف الجماهير، وهيَّجت مشاعرهم، وكان وقعها أشد الخطابات، وهي أيضا دأب المقاوم الفلسطيني، وأحد أهم وسائله في الدفاع عن أرضه وشعبه، ولا تقل عن غيرها من تلك الوسائل، لا سيما إذا رافقت أحداثا على الأرض.

بيد أن أغنية "شيلوا (أزيلوا) البوابة" التي أنتجت تزامنا مع اعتصام المقدسيين على بوابات الأقصى رفضا لتدخل الاحتلال فيها كانت أحدث تلك الأغاني وأكثرها جرأة بعرضها انتهاكات الاحتلال، لا سيما البوابات الإلكترونية، وتميزت بكونها أول أغنية ثورية ووطنية تتناول الحدث المتصدر الساحة فلسطينيا وعربيا.

من وحي الواقع خرجت الكلمات، فبينما كان يخطها بيده كانت عبراته تتساقط فوقها بفعل الغاز المدمع الذي أطلقه الجنود عليه وعلى المتظاهرين، بمدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية.

وفي الميدان، وبينما كان جيش الاحتلال يقمع الفلسطينيين، خط الشاعر الشاب محمد قديح كلمات أغنيته الثورية الأولى، فهو اعتاد كتابة الشعر الفصيح، وفي الميدان أيضا سلمها لرفيق دربه المطرب الشاب وابن مدينته (مدينة قلقيلية) أيوب شقيرو ليطلقها كأول عمل وطني غنائي يتناول أحداث القدس الأخيرة ويفضح انتهاكات الاحتلال.

أغنية ورسائل
شاء القدر أن يلتقي الشابان قديح وصديقه شقيرو في يوم "جمعة الغضب" الماضي في حي النقار غربي مدينتهم، حيث المواجهات الدائمة والاحتلال وانتفضوا كبقية الفلسطينيين، فبدأ الكتابة متأثرا بحالة الغليان التي أصابت الشارعين معا: الضفاوي والمقدسي.

ودعت الأغنية لمقاومة المحتل والتمرد عليه ورفض الدخول للأقصى إلا بإزالة تلك البوابات الإلكترونية، ويقول كاتبها الشاعر قديح "ولهذا كان وقعها أسرع من مجرد الكلام والخطاب". ويضيف أن الأغنية تصل أكثر من الشعر لمسامع الجمهور، لا سيما إذا كانت "ثورية وعنفوانية".

وتبعث الأغنية رسائل عدة للاحتلال وللعرب وللمسلمين، وتحثهم على نصرة الأقصى والقدس بوصفها قضيتهم الأصيلة، أما داخليا فرسالتها أنه "لا فكاك" لأي فلسطيني عن مقاومة الاحتلال والانتفاض لتلبية نداء الأقصى والتوحد تحت رايته.

لذا وجد المطرب الشاب أيوب شقيرو نفسه في هذه الأغنية -كما يقول- فهو الذي اعتاد على الأغاني الاجتماعية والشعبية، لكن حنجرته صدحت هذه المرة بأغنية الثورة الأولى.

ويضيف شقيرو للجزيرة نت أن أغنيته "شيلوا البوابة" تميزت بكلماتها ذات الصدى الوطني العميق وجعلت القدس أولوية أولى دون سواها، وأنها مقدمة لانطلاقة جديدة بالنسبة له نحو العمل الوطني الثوري.

ويقول مخرج العمل وملحنه علاء رضا جاءت أغانٍ وقصائد وطنية، مثل "شيلوا البوابة"، عدة منذ هبة الأقصى الأخيرة، كقصيدة "لبيك يا أقصى"، وقصيدة أخرى بعنوان "قم للأقصى"، وأعمال أخرى عديدة، لكنها كأغنية لامست واقع الحال مباشرة، وكان لها تأثيرها.

ويضيف أن الأغنية الوطنية الفلسطينية لم تنقطع البتة، لكنها تخفت حينا وتظهر بقوة أكثر، لكنها تبقى أكثر من غيرها ما دامت خرجت في الوقت المناسب وبصورة تتناغم مع وقع الكلمات "لذا كانت صور وفعالية المواجهات الأخيرة بالأقصى حاضرة وبقوة في المكان".

وخلال أقل من 24 ساعة تجاوز عدد مشاهدين أغنية "شيلوا البوابة" مئة ألف مشاهدة عبر إحدى صفحات فيسبوك؛ مما يؤكد حجم التفاعل الكبير.

تحريض ودعم
ولهذا يرى الشاعر الوطني عدنان بلاونة أن الأغاني الثورية الفلسطينية كثيرة، وجلها ذكر القدس بطريقة أو بأخرى، "لكن ما يرتبط بالحدث ويواكبه زمنيا يشتد تأثيره".

ويذهب الشاعر بلاونة في قصيدته "لبيك يا أقصى" -التي منع فيسبوك تمويلها لمخالفتها سياسات وشروط النشر رغم اجتيازها حاجز 120 ألف مشاهدة في أقل من يومين من نشرها بصفحته الخاصة- للتحريض ضد الاحتلال وتصعيد المقاومة لدعم المرابطين بالقدس وتحريك الشارع الضفاوي الملتهب أصلا "لأن القدس خط أحمر".

ويرى أن الهدف الإسرائيلي أبعد من البوابات الإلكترونية والتقسيم الزماني والمكاني للأقصى، وأن الاحتلال يريد فرض سيطرته الكاملة على القدس ومقدساتها دون حسيب أو رقيب.

ولا تقل الكلمة وتأثيرها -حسب بلاونة ومثقفين آخرين- عن المقاومة المسلحة؛ فهي أحدّ من السيف وأقوى من الرصاص، لكن شريطة وضعها في قالبها المناسب القادر على تهييج الجماهير وتثويرها.

المصدر : الجزيرة