تهميش البلدات المقدسية يقلق الأهالي ويفجعهم

القدس-جبل المكبر-خروج الطلبة من المدارس إلى الشارع الرئيسي مباشرة
حادثا سير أوديا خلال أسبوع بحياة طفل وإصابة شقيقها نتيجة الإغلاقات المفروضة على بلدة جبل المكبر (الجزيرة نت)
أسيل جندي-القدس

تُلقي سياسة التهميش التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في القدس بظلالها على تفاصيل الحياة اليومية للفلسطينيين بالمدينة، لا سيما في ظل تصاعد وتيرة التصريحات السياسية العنصرية الداعية لعزل السكان وتشديد الخناق عليهم.

وفي بلدة جبل المكبر التي تقبع تحت إجراءات عقابية صارمة، ما زالت تداعيات حادثي السير -اللذين وقعا خلال أسبوع في أحد الشوارع الفرعية بالبلدة مؤخرا- حاضرة وتسيطر حالة من الصدمة على عائلة جعابيص التي فقدت ابنتها الطفلة ندى في حادث وقع بعد أيام من إصابة شقيقها عز الدين بحادث دعس أيضا.

وحسب كل من العائلة ولجنة أولياء أمور الطلبة في البلدة فإن المسبب الرئيسي لوفاة الطفلة ندى جعابيص (9 أعوام) وتعرض شقيقها عز الدين (13 عاما) لإصابة بالغة في ساقه، هو المكعبات الإسمنتية التي أغلقت بها سلطات الاحتلال قبل أسابيع مدخل حي المدارس، مما اضطر الطلبة إلى سلوك شوارع فرعية خطرة بدلا من الشارع الرئيسي.

مقعدان خاليان
وقالت عمة الطفلين منى جعابيص إن كلا من ندى وعز الدين كانا يسلكان الطريق لمدرستيهما مشيا على الأقدام يوميا لمدة أربعين دقيقة ذهابا ومثلها إيابا، أما اليوم فترقد ندى تحت التراب، بينما ستُغيّب الإصابة عز الدين لأسابيع قادمة عن مقاعد الدراسة.

منى جعابيص: ندى تحت التراب وستُغيّب الإصابة عز الدين لأسابيع قادمة عن مقاعد الدراسة (الجزيرة)
منى جعابيص: ندى تحت التراب وستُغيّب الإصابة عز الدين لأسابيع قادمة عن مقاعد الدراسة (الجزيرة)

وأضافت جعابيص في حديثها للجزيرة نت "بعد إغلاق حي المدارس في جبل المكبر بالمكعبات الإسمنتية اضطر جميع أبنائنا إلى المشي في طرق فرعية التفافية غير معبدة ولا يوجد فيها مطبات وأرصفة ولا حتى خطوطا للمشاة، لكن لا يمكننا أيضا إعفاء السائقين المتهورين من المسؤولية".

بقيت ندى لمدة ساعة كاملة ملقاة على الشارع الفرعي بعد فرار السائق الذي دعسها، لكنها كانت أقرب للموت من الحياة بعد وصول المسعفين إلى مكان الحادث، أما والدتها فكان وقع الخبر عليها كالصاعقة، خاصة أن ابنها عز الدين لم يكن قد غادر المستشفى بعد دعسه وهو في طريق عودته من المدرسة للمنزل أيضا.

تتابع عمة الطفلين "بعد وفاة ندى لم أجرؤ على إرسال طفلتي إلى المدرسة لمدة أسبوع والآن أوصلها إلى باب المدرسة وأطمئن أنها دخلت الساحة قبل مغادرتي المكان، نعيش جميعنا في كابوس لن ينتهي إذا بقي الحال في جبل المكبر عما هو عليه الآن".

ووفقا لعضو لجنة أولياء أمور الطلبة ببلدة جبل المكبر نهار هلسة فيوجد بالبلدة 11 مدرسة تابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية ومدرستان خاصتان، ويبلغ مجموع الطلبة في هذه المدارس 8 آلاف طالب وطالبة يدرسون من مرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية.

وعلى بعد عشرات الأمتار من المكعبات الإسمنتية تقع أربع مدارس بمحاذاة بعضها يدرس بها 3 آلاف طالب، وعن معاناة هؤلاء قال هلسة إن الشارع المؤدي للمدارس الأربعة ضيق وخال من خطوط المشاة، فيخرج الطلبة من بوابات المدارس مباشرة إلى الشارع الرئيسي الذي يعد شريانا للحي.

إغلاق مدخل بلدة جبل المكبر يجبر الطلبة على سلوك طرق غير آمنة (الجزيرة)
إغلاق مدخل بلدة جبل المكبر يجبر الطلبة على سلوك طرق غير آمنة (الجزيرة)

شوارع غير آمنة
ووصف هلسة رحلة الطلبة من وإلى منازلهم بالجهاد قائلا "يخرج الأطفال والبالغون من الطلبة على حد سواء من منازلهم لشوارع غير آمنة، وإذا توفرت الأرصفة فهي تعج بالسيارات وفي حال قرر هؤلاء الصعود بالحافلات المخصصة لهم فإنهم يتكدسون بها لأن حمولة الحافلة مضاعفة وغير قانونية ولا تخضع لمراقبة ومتابعة بلدية الاحتلال التي توفر المواصلات للطلبة".

وأكد هلسة أن نصب المكعبات الإسمنتية ساهم بحادث السير الذي راحت ضحيته الطفلة ندى، حيث حُوّلت حركة السير الكثيفة للطرق الفرعية بالبلدة التي تفتقر للهوامش ولا يتعدى عرضها مترين، ولا خيار أمام الطلبة سوى منافسة المركبات على حصتهم بالشارع.

ورغم تواصل لجنة أولياء الأمور مع بلدية الاحتلال بعيد الحادثتين فإن الأخيرة طرحت حلولا مؤقتة لا جذرية، في سعيها لتهجير المقدسيين بشكل عام وأهالي بلدة جبل المكبر بشكل خاص باعتبارهم عبئا ديمغرافيا على الاحتلال حسب تعبير هلسة.

ويبلغ عدد سكان بلدة جبل المكبر جنوب القدس نحو 35 ألف نسمة، يعانون إجراءات إسرائيلية انتقامية جماعية تتصاعد وتيرتها باستمرار.

المصدر : الجزيرة