السياحة بالقدس تخشى المقاطعة بعد إعلان ترمب

واجهة فندق سانت جورج بالقدس الشرقية
واجهة فندق سانت جورج بالقدس الشرقية (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس

كما لم يمر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس المحتلة عاصمة إسرائيل مرور الكرام في الشارع المقدسي، يبدو أنه لن يمر مرور الكرام أيضا على القطاع السياحي بالمدينة المقدسة، إذ بدأت تتصاعد تساؤلات أصحاب الفنادق العربية والأدلاء السياحيين حول ملامح الموسم السياحي القادم، ومدى تأثره بالإعلان الأميركي الجديد.

ولعل بدء بعض السياح بإلغاء حجوزاتهم في فنادق القدس الشرقية أول مظاهر العاصفة التي لا تشتهيها سفن القائمين على قطاع السياحة، ويرون أنها قد ترحل مخلفة أضرارا آنية، أو تتفاقم لتطيح بالموسم السياحي القادم بشكل نهائي.

فراس العمد صاحب فندق "الأراضي المقدسة" -الذي يبعد أمتارا عن سور القدس التاريخي- أكد أن عددا من السياح الأميركيين وأولئك القادمين من أوروبا الغربية ألغوا حجوزاتهم.

ويرى أن فنادق القدس الشرقية تعتبر سوقا فرعيا لهذه الدول، لأن معظمهم يقيمون في تل أبيب أو القدس الغربية. لكن بوجود المعالم والآثار التاريخية بالشق الشرقي من المدينة، فلا بد أن يتأثر المقدسيون بشكل مباشر بهذه الإلغاءات.

ويستقبل الفندق نحو تسعين ألف سائح سنويا، 55% منهم يندرجون تحت إطار السياحة الإسلامية مقابل 45% للسياحة المسيحية.

ويشير العمد إلى أن الفنادق تعتمد خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير على المسلمين القادمين من تركيا وإندونيسيا وماليزيا وبريطانيا، مبديا قلقه من إمكانية إقدام بعض الدول على إصدار قرار بمقاطعة زيارة القدس بعد إعلان ترمب، مما سيشكل أزمة اقتصادية خانقة للفنادق المقدسية.

 

سائحون مسيحيون يتلمسون البركة من اللوح المقدس الذي غسل عليه عيسى عليه السلام بكنيسة القيامة طبقا لاعتقادهم 
سائحون مسيحيون يتلمسون البركة من اللوح المقدس الذي غسل عليه عيسى عليه السلام بكنيسة القيامة طبقا لاعتقادهم 

انتكاسة
وفي استرجاعه لفترات انتكاس السياحة بالقدس، أوضح العمد أن سنوات الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005 شهدت فيها الفنادق شبه انعدام للنزلاء، مما أدى لإغلاق كثير منها، متمنيا ألا تؤدي الأوضاع المترنحة حاليا في المدينة إلى تكرار هذا السيناريو المدمر، وفق تعبيره.

وليس بعيدا عن فندق الأراضي المقدسة يقع فندق "سانت جورج" في شارع عمرو بن العاص، وتدور في مخيلة صاحبه كريم عبد الهادي نفس التخوفات حول إمكانية إقدام بعض الدول على منع رعاياها من زيارة القدس.

وفي رده على ذلك، قال إنه من الضروري أن يعرف الجميع أن القدس مدينة مقدسة وزيارتها تعني الكثير للمقدسيين، وتدعم صمودهم وتثبتهم، في ظل ما يعانونه من ظروف قاسية.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن وكالات السياحة التي يتعاملون معها أبلغتهم بتردد الكثير من السياح في الإبقاء على حجوزاتهم لزيارة المدينة الأسابيع المقبلة، مؤكدا أن بعض المجموعات السياحية الإسلامية قد ألغت بالفعل زيارتها، مما يضر بفنادق القدس الشرقية التي باتت تعتمد على موسمي الحج الإسلامي والمسيحي.

ولم يقتصر الإلغاء على الفنادق بل ترد الاتصالات للأدلاء السياحيين بإلغاء جولاتهم المقررة للمدينة. وقال الدليل السياحي المقدسي (د. س) إن معالم الموسم السياحي القادم ستتضح منتصف يناير/كانون الثاني المقبل، مشيرا إلى أن السياحة بفترة عيد الميلاد المجيد بالقدس تأخذ الطابع العائلي أكثر من المجموعات الكبيرة المنظمة.

ويعمل "د.س" كدليل سياحي منذ عام 2004. ويؤكد أن "تعثر الحركة السياحية بالمدينة تجعل الأدلاء دون مصدر رزق يعيل أسرهم".

رئيس التجمع السياحي المقدسي رائد سعادة
رئيس التجمع السياحي المقدسي رائد سعادة

الترويج للقدس
وحول إمكانية تدارك تدهور القطاع السياحي بالمرحلة المقبلة، قال رئيس التجمع السياحي المقدسي رائد سعادة إنه يتم العمل حاليا -وبعد إلغاء العديد من الفعاليات الاحتفالية بالمدينة- على تجيير الفعاليات بالقدس، بما يتناسب مع الأوضاع العامة، بحيث لا تأخذ دائما الصبغة الاحتفالية، كي تبقى القدس مقصدا سياحيا معالمه وهويته الفلسطينية واضحة.

وأردف أن هناك ضرورة للتواصل والحفاظ على الدول الصديقة لـ فلسطين والتعاون معها بالجانب السياحي، وإبداء الاستعداد دائما لجذب السياح وإقناعهم بضرورة كسر عزلة المدينة وحصارها، فضلا عن أهمية استمرار التجمع السياحي في مشروعه المنطوي على الترويج للقدس بكافة المحافل الدولية، وعبر منابر وسائل التواصل، وحضور المعارض العالمية وكتابة المقالات، بهدف الوصول للسياح ممن يختارون القدس مقصدا سياحيا، وتوجيههم لاستخدام الخدمات الفلسطينية بالقدس بدلا من الإسرائيلية.

يُذكر أن عدد الفنادق العربية بالمدينة المقدسة وصل منتصف الثمانينيات إلى أربعين فندقا، قبل أن يبدأ عددها بالتقلص تدريجيا، حتى وصل إلى عشرين فندقا يبلغ مجموع غرفها 1500 غرفة، مقابل عشرين ألف غرفة توفرها الفنادق الإسرائيلية لنزلائها في شطري المدينة الشرقي والغربي.

المصدر : الجزيرة