مرشدون شبان يروون تاريخ القدس

القدس- المرشد السياحي صلاح غانم وزوجته نور في نهاية الصورة- الجزيرة نت
المرشدون الشباب يحرصون على نقل رواية أصحاب المكان لضيوفهم من الخارج (الجزيرة نت)

 

جمان أبو عرفة-القدس 

يرتدي الشاب بشار أبو شمسية (23 عاما) زي الحكواتي حاملا الدف بين يديه ومنشدا للأطفال عن تاريخ القدس، يروي لهم الحكايات ويجتهد في إيصال المعلومة بصورة جاذبة، فهو يرى أن حبه للقدس وتاريخها منذ صغره هو ما دفعه لأن يصبح مرشدا في شبابه. 

وبشار واحد من جيل من الشباب الذين عشقوا مهنة الإرشاد السياحي وسخروا دراستهم الأكاديمية وحياتهم العملية لإيصال رسالة أصحاب المكان وتاريخه التي يعتقدون أن الاحتلال يسعى إلى طمسها وتغييبها. 

وكان لوالد بشار المرشد روبين أبو شمسية دور في صقل شخصيته، فالتحق بدورة للإرشاد في عمر الـ17 مما مهد له الطريق. 

يقول بشار للجزيرة نت إنه كان يتجول في البلدة القديمة ويراقب أداء المرشدين فيها، كما واظب على قراءة كتب التاريخ والتثبت منها ميدانيا حتى أصبح اليوم يترأس مجموعات من كافة الأعمار بصورة أسبوعية راويا لها تاريخ القدس باللغة العربية. 

تخصص وممارسة
درس بشار تخصص التاريخ والآثار وتلقى دورات إرشادية عديدة، ويقوم بمبادرات شخصية لتنظيم جولات إرشادية لا يتقاضى في معظمها مردودا ماديا، ويعلل ذلك بهدف تشجيع زيارة القدس. 

أبو شمسية: الاحتلال يسعى إلى تعميم الرواية التهويدية وعلي نقل الرواية الصحيحة بعد التثبت منها (الجزيرة نت)
أبو شمسية: الاحتلال يسعى إلى تعميم الرواية التهويدية وعلي نقل الرواية الصحيحة بعد التثبت منها (الجزيرة نت)

يسعى بشار إلى الحصول على شهادة من وزارة المعارف الإسرائيلية ليتمكن من ممارسة الإرشاد بشكل قانوني ولا يتعرض للمساءلة والغرامة. ويقول إن الاحتلال يسعى إلى تعميم الرواية التهويدية فيواجه الأمر بنقل الرواية الصحيحة بعد التثبت منها. 

يؤكد المرشد الشاب أن نظراءه من المرشدين يواجهون العديد من العقبات في القدس، أبرزها الاعتقال والاستفزاز، مشيرا إلى تعرضه للاعتقال أثناء قيامه بالإرشاد قبالة حائط البراق

وجمعت مهنة عالم الإرشاد السياحي الشاب صلاح غانم بزوجته نور الرجبي، فكلاهما عمل في قسم الإرشاد العربي بقلعة القدس قبل أن يؤسسا مؤخرا مبادرتهما "فسحة فلسطينية" التي يقومان فيها بجولات إرشادية ذات محتوى علمي وقيمي لكافة الفئات العمرية. 

درس صلاح تخصص التاريخ والآثار وتطوع أثناء دراسته في بعض المجموعات الإرشادية داخل البلدة القديمة، كما تلقى دورة إرشادية في قلعة القدس وعمل فيها بعد ذلك لمدة عامين. 

أما زوجته نور فقد أنهت اللقب الثاني في تخصص الدراسات المقدسية، وترأست قسم التعليم العربي بقلعة القدس لنحو ست سنوات، وتقول إن خبراتها وخبرات زوجها تتكاملان معا على الدوام، كما أنهما يعكفان على إصدار دليل سياحي معلوماتي موثق باللغتين العربية والإنجليزية في ظل ندرته مقارنة بالأدلة التهويدية لمعالم القدس وفلسطين

يقول صلاح (25 عاما) للجزيرة نت إنه وزوجته يحولان الإرشاد إلى عملية حيوية وتفاعلية من خلال التعلم عن طريق المشاهدة والاستكشاف أثناء الجولات، ويسعيان إلى ترسيخ ثقافة الخروج من البيت لاستكشاف المواقع الأثرية وليس للترفيه فقط. 

وأضاف أن الاحتلال يحاول تحويل الصراع القائم إلى صراع ديني من خلال الرواية التوراتية للتاريخ التي تتوفر بعدة لغات للزوار الأجانب، الأمر الذي يفتقر إليه التاريخ المقدسي، مضيفا أن الجمهور الحقيقي هو الجمهور العالمي ويجب أن يتسلح المرشد بعدة لغات ليصل إليه. 

ربى البردويل تهتم بإرشاد الأطفال من طلبة المدارس بطريقة تبعدهم عن الملل (الجزيرة نت)
ربى البردويل تهتم بإرشاد الأطفال من طلبة المدارس بطريقة تبعدهم عن الملل (الجزيرة نت)

إرشاد الأطفال
ربى البردويل (26 عاما) من المرشدين الشباب أيضا، لكنها تميل إلى رواية تاريخ القدس للأطفال من طلبة المدارس رغم صعوبة تلك المهمة. وتقول إن الأطفال سريعو الملل والتشتت، لكنها تدربت على إيصال المعلومة لهم والقدرة على ضبطهم. 

ودرست ربى الصحافة والإعلام وتكمل اليوم الدراسات العليا في حقوق الإنسان، لكن حب التاريخ ظل يراودها منذ الطفولة فالتحقت أثناء دراستها الجامعية بدورة إعداد للمرشدين في قلعة القدس، وتعمل حتى اليوم مرشدة في قسم التعليم العربي داخل القلعة. 

تتقاضى ربى أجرا ماديا مقابل الساعة، وتقول إنه غير كاف مقابل العناء الذي تتكبده لكنها تصر على مواصلة الإرشاد لأنها ترى أن هناك رسالة يجب أن توصلها، وتاريخا يجب أن ترويه للأطفال الذين حجبت عنهم حكاية القدس الأصيلة للمكان.

المصدر : الجزيرة