احتجاجات فرنسا في يومها السادس.. الداخلية تبقي على استنفارها الأمني وماكرون يقيم الأوضاع مع أعضاء حكومته

أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية إصابة 45 رجل أمن، وتوقيف 719 شخصا مع دخول الاحتجاجات وأعمال الشغب ليلتها السادسة على التوالي، تنديدا بمقتل فتى على يد شرطي مرور في إحدى ضواحي العاصمة باريس، في حين عقد الرئيس إيمانويل ماكرون اجتماعا مع رئيسة الوزراء وأعضاء الحكومة لبحث الأوضاع.

وقالت وسائل إعلام فرنسية إن ماكرون اجتمع برئيسة الوزراء ووزير الداخلية و6 أعضاء آخرين من الحكومة لمدة 90 دقيقة لبحث إجراءات حازمة لتطويق موجة العنف.

وكانت الرئاسة الفرنسية قد قالت إن الاجتماع يهدف لتقييم الوضع لاتخاذ القرارات المناسبة.

وأبقى وزير الداخلية الفرنسي على نفس عدد القوات الأمنية المنتشرة في كافة أنحاء فرنسا لهذه الليلة، والمقدر بـ 45 ألفا وذلك خلال اجتماع أمني ترأسه بعد ظهر اليوم الأحد.

وطالب الوزير في الاجتماع بالحزم وعدم التردد في إجراء توقيفات جديدة إن أمكن، مكررا تعليماته بصرامة.

وهذه الليلة الثانية على التوالي التي تحشد فيها وزارة الداخلية 45 ألف عنصر من الشرطة والدرك، بينهم 7 آلاف في باريس وضواحيها، إضافة إلى تعزيزات أمنية في مدن مثل مرسيليا وليون وغيرهما من الأنحاء التي تعرضت على مدى الليالي الماضية لأعمال شغب ونهب وتخريب.

وفي إطار الإجراءات الأمنية لتطويق الأحداث، صدر مرسوم يسمح لشرطة باريس باستعمال الطائرات المسيّرة (الدرون) للتصوير في عدد من بلديات "أو دون سان" بالضاحية الغربية بباريس وفي كل مدن "سان دوني" بالضاحية الشمالية بباريس بدءا من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا بالتوقيت المحلي لفرنسا.

وأحصت وزارة الداخلية الفرنسية خلال الليلة الماضية (الليلة الخامسة من الاحتجاجات) احتراق 74 مبنى في مدن فرنسية عدة، وكذلك احتراق 577 سيارة، واندلاع 871 حريقا على الطرق العامة.

وفي الليلة السابقة، تخطى عدد الموقوفين 1300، وهو رقم قياسي منذ اندلاع أعمال الشغب الثلاثاء.

وسجلت أعمال الشغب في فرنسا تراجعا نسبيا ليلة الأحد رغم أحداث متفرقة، على شاكلة اقتحام منزل رئيس بلدية بسيارة، وتوقيف المئات، بعد ساعات من تشييع الفتى نائل (17 عاما) الذي قُتل برصاص شرطي، وكتب وزير الداخلية جيرالد دارمانان، في تغريدة "ليلة أكثر هدوءا بفضل العمل الحازم لقوات حفظ الأمن".

من جانبها، دعت نقابة القضاء بفرنسا، في بيان، إلى تجميد العمل بالقانون الذي يسمح لقوات الأمن بإطلاق النار في حال عدم امتثال الموقوفين، وإنشاء مصلحة تحقيق مستقلة لمراقبة أخلاقيات قوات الأمن.

وندد بيان النقابة بإقحام القضاء في قضية مقتل الفتى نائل، قائلا إنه يتعين على القضاء ألا يطفئ ما وصفها بالانتفاضة، وألا يبقى غير فعال في وجه خطاب سياسي ينكر وجود عنف أمني أو تمييز من قِبَل الشرطة.

جدة نائل تدعو للتهدئة

في الأثناء، دعت جدة الفتى المقتول نائل إلى وقف العنف. وقالت الجدة نادية في اتصال هاتفي مع قناة "بي إف إم تي في" المحلية "أقول للذين يكسرون توقفوا عن أفعالكم.. لا تكسروا واجهات المحلات والباصات والمدارس.. نريد العودة للهدوء".

وأضافت جدة نائل أن بعض المتظاهرين يتخذون من نائل وسيلة للتكسير والعنف.

وكان مكتب الادعاء العام الفرنسي أفاد بأن الفتى نائل كان يقود سيارة مستأجرة في وقت مبكر الثلاثاء، عندما أوقفته دورية للشرطة.

وأظهر مقطع مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، رجلي شرطة وهما يحاولان إيقاف السيارة قبل أن يطلق أحدهما النار من نافذتها على السائق عندما حاول الانطلاق بها، ما أسفر عن مقتل الفتى.

ويواجه الشرطي تحقيقا رسميا في جريمة "القتل العمد" وتم وضعه رهن الاعتقال الأولي.

وفي هذا الصدد، طالب رئيس بلدية نانتير باتريك جاري، التي شهدت مقتل الفتى نائل، من سكان بلديته الاستجابة لنداء جدة الشاب نائل ووضع حد للعنف.

وأصدر رئيس البلدية التي تقع غرب باريس بيانا آخر جدد فيه الدعوة لوقف العنف.

محاولة اغتيال

وصباح الأحد، قال رئيس بلدية لاي-لي-روز جنوب باريس فنسان جانبران إن "مشاغبين" اقتحموا فجرا منزله بسيارة أثناء وجود زوجته وولديه، قبل إضرام النيران بهدف إحراقه.

وأوضح، على تويتر، أن ما جرى "محاولة اغتيال جبانة بدرجة لا توصف"، بينما كان هو موجودا في بلدية البلدة التي يقطنها نحو 30 ألف نسمة.

وأشار مقربون من المسؤول المنتمي إلى حزب "الجمهوريين" (يمين معارض) لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن زوجته أصيبت بجروح في ركبتها، بينما تعرض أحد ولديه لإصابة طفيفة.

ويواجه القضاء الفرنسي سيلا من الإجراءات الجنائية التي تستهدف أشخاصا يشتبه بأنهم من مثيري الشغب، ما يضع محاكم المدن الكبرى تحت الضغط.

إصابة شرطيين بطلق ناري

وليلة الأحد، نقلت إذاعة فرانس آنفو عن مصادر خاصة أن شرطيين أصيبا بطلقات نارية في الدائرة 13 بباريس، وقد فتح الادعاء العام بباريس تحقيقا بتهمة محاولة القتل العمد.

وتلقى أحد الشرطيين رصاصة في ظهره والآخر أسفل بطنه إلا أن الدرع الواقي للرصاص صد الرصاصة الأولى ودرع الشرطي الثاني صد الرصاصة الأخرى.

الجزائر تبحث أوضاع الجالية في الخارج

على صعيد آخر، أفادت الرئاسة الجزائرية، بأن مجلس الوزراء الذي انعقد الأحد، استمع إلى عرض قدمه وزير الخارجية بشأن "وضع" الجالية الجزائرية.

ولم يشر بيان الرئاسة إن كان العرض قد تضمن وضع الجالية في فرنسا تحديدا على خلفية ما يجري بها بعد مقتل الفتى نائل وهو من أصول جزائرية.

لكن البيان نقل عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قوله إن "الدولة الجزائرية تولي الأهمية القصوى للاستماع الدائم لانشغالات جاليتنا والتكفل بها"، "من خلال القنوات الدبلوماسية" في إطار ما وصفه البيان "التزام الرئيس بالعمل على تحسين ظروف الجالية الجزائرية في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية وتسهيل عودة الكفاءات".

المصدر : الجزيرة + وكالات