3 مسارات للهروب من الموت.. بيانات ملاحية ومعلومات ميدانية حول الأوضاع في السودان

FILE PHOTO: RSF fighters stand near the damaged Air Defence Forces command centre in Khartoum
القتال في السودان خلف أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى (رويترز)

كشفت بيانات ملاحية، حللتها وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة، عن انخفاض شديد بأعداد وصول السفن المحملة بالوقود إلى السودان، كما رصدت سند عمليات واسعة للإجلاء من السودان عبر 3 مسارات.

ويشهد السودان اضطرابا كبيرا على المستويين الاقتصادي والإنساني، لا سيما بعد ما شهدته البلاد في الآونة الأخيرة من تصعيد أمني، واشتباكات مسلحة متواصلة منذ أبريل/نيسان الماضي.

وقد خلفت هذه الاشتباكات العديد من القتلى والمصابين، في وقت تتصاعد فيه المخاوف تجاه نقص الوقود وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، وتزايد عمليات الهجرة إلى الخارج.

وكشفت بيانات ملاحية، حللتها وكالة سند، عن انخفاض شديد في أعداد وصول السفن المحملة بالوقود إلى السودان.

ولم تصل إلى جميع الموانئ السودانية، في مايو/أيار الماضي غير سفينة واحدة في 30 من الشهر، في حين لم تصل أي سفينة غاز، أو منتجات بترولية أو نفط خام. وهو أقل مستوى لوصول سفن الوقود منذ بداية العام الجاري، الأمر الذي ينذر بتفاقم الأزمة في السودان.

وهذا ما أكدته أيضا بيانات خاصة حصلت عليها "وكالة سند"، من مؤسسة "فورتيكسا" (vortexa) المتخصصة في تتبع شحنات النفط، والتي أظهرت عدم وصول أي شحنات وقود إلى السودان، منذ بداية مايو/أيار وحتى 27 من الشهر نفسه، رغم استمرار عمليات تصدير النفط الخام.

وأثّر تصاعد الأحداث وتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في السودان، على ارتفاع أعداد اللاجئين إلى الدول المجاورة بشكل كبير.

المسارات الثلاثة

في الوقت نفسه، رصدت وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة، عمليات واسعة للإجلاء من السودان عبر 3 مسارات "برا، وجوا، وبحرا".

وتعد المنافذ البرية والبحرية والجوية، آخر محطات الفارين من جحيم الحرب في السودان، والخطوة الأخيرة قبل الوصول إلى دول الجوار. وحصلت وكالة سند على صور أقمار صناعية وبيانات ملاحية، تؤكد فرار عدد كبير من الأشخاص، نتيجة تفاقم الأوضاع الأمنية في البلاد.

ويقضي الفارون من مدينة الخرطوم وصولا إلى مدينة "بورتسودان" أكثر من 12 ساعة، في رحلة برية شاقة.

عبر البحر

ولجأ عدد كبير من الأشخاص إلى مغادرة السودان عبر البحر، حيث أظهرت البيانات الملاحية للسفن التي أبحرت من مينائي "سواكن" و"بورتسودان"، إبحار ما يزيد على 50 سفينة نقل أفراد، في الفترة من 17 أبريل/نيسان وحتى نهاية مايو/أيار، وذلك نتيجة لعمليات الإجلاء المستمرة عبر الموانئ السودانية.

ووفق الإحصائيات، اتجه معظم المسافرين إلى السعودية، بزيادة أكثر من ضعف متوسط الرحلات الشهرية إلى المملكة منذ بداية العام.

الخط الجوي

في الأثناء، عملت عدة دول على إجلاء رعاياها من السودان، منذ تصاعد تدهور الأوضاع الأمنية واشتداد المعارك المسلحة في أبريل/نيسان الماضي، حيث خُصصت عدة رحلات جوية لإجلاء مواطني عدة دول من السودان.

وحصلت وكالة سند، على بيانات ملاحية حصرية للطائرات، من منصة "رادار بوكس"، تؤكد بدء رحلات الإجلاء عبر مطار "بورتسودان"، في 23 أبريل/نيسان الماضي، حيث أقلعت 80 رحلة حتى 25 مايو/أيار، من بينها 18 رحلة إلى الأردن، وهي في صدارة الدول التي وصلت إليها رحلات الإجلاء، تليها الكويت وقطر، حيث كان أكثر من نصف الرحلات بطائرات عسكرية.

وانطلقت أولى رحلات الأجلاء في 23 أبريل/نيسان إلى العاصمة الأردنية عمان، في حين أقلعت خلال الشهر ذاته 17 رحلة، ووصلت رحلات الإجلاء إلى أقصى معدل لها في 13 و14 مايو/أيار الماضي.

طريق البر

وبالإضافة إلى المسارين "الجوي والبحري" عبر مدينة بورتسودان، تواصلت عمليات الإجلاء "برا"، على المعابر الحدودية للسودان مع الدول المجاورة "مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان".

ويتدفق الفارون من السودان إلى مصر عبر منفذي أشكيت "قسطل" وأرقين الحدوديين، وأظهرت صور أقمار صناعية حصلت عليها "وكالة سند" ملتقطة بتاريخ 28 أبريل/نيسان الماضي، تكدس عدد كبير من الحافلات في المعبر، على مسافة تزيد على كيلو متر واحد.

ووفق الأمم المتحدة فإن عدد الفارين إلى مصر وصل إلى 170 ألفا حتى نهاية مايو/أيار الماضي، من بينهم ما يزيد على 5500 من غير السودانيين.

وأوقفت السلطات المصرية التعامل بوثائق السفر المؤقتة للسودانيين، على معابرها منذ 25 مايو/أيار الجاري، وهي التأشيرة التي سمحت مصر لحامليها بالعبور إلى أراضيها، منذ بداية المعارك المسلحة منتصف أبريل/نيسان الماضي، الأمر الذي تسبب في زحام وتكدس للمسافرين على المعابر الحدودية.

وتظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في السادس من مايو/أيار الماضي، لمعبر "جودة" المؤدي إلى جنوب السودان، زحاما في المنطقة، حيث اقترب عدد النازحين إليها حتى نهاية مايو/أيار من 90 ألفا.

ومعظم هؤلاء من جنوب السودان، الذين كانوا قد فروا إلى السودان بسبب الاضطرابات في مناطقهم، وأُجبروا الآن على العودة إليها مرة أخرى، بالإضافة إلى 2643 شخصا، من غير السودانيين.

كما كشفت صور الأقمار الصناعية (ملتقطة في 22 مايو/أيار الماضي) عبر معبر "القلابات" السوداني المؤدي إلى إثيوبيا زحاما كبيرا للأشخاص والسيارات على جانبي المعبر، الذي انتقل من خلاله قرابة 7 آلاف شخص، من بينهم ما يزيد على 5800 من غير السودانيين.

ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أعداد النازحين إلى مناطق آمنة داخل البلاد من السودانيين وغير السودانيين، تجاوز المليون و200 ألف شخص، منذ اندلاع الاشتباكات وحتى نهاية مايو/أيار الماضي، في حين تجاوزت أعداد الفارين إلى خارج السودان 378 ألفا، وصل منهم إلى مصر قرابة 170 ألفا، واستقبلت جمهورية تشاد 100 ألف شخص.