قائد فاغنر يعلن سيطرة قواته على منشآت جنوبي روسيا وقواته تتراجع عن السير نحو موسكو

مقاتلون من شركة فاغنر ينتشرون في مدينة روستوف (رويترز)

أعلن قائد قوات مجموعة فاغنر العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين أن قواته سيطرت -اليوم السبت- على المنشآت العسكرية في مقاطعة روستوف (جنوبي البلاد)، وقد توجهت قواته إلى العاصمة موسكو، وذلك في تحرك يستهدف الإطاحة بالقيادة العسكرية، قبل أن يعلن بريغوجين قراره إعادة مقاتليه إلى قواعدهم، عقب وساطة من رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو.

وقال بريغوجين (62 عاما) إنه وأتباعه موجودون في مركز قيادة المنطقة الجنوبية، وسيطروا على المنشآت العسكرية في روستوف، بما فيها المطار.

وأضاف أنهم سيطروا على المطار العسكري في روستوف حتى لا تقوم الطائرات بقصفهم، مشيرا إلى أن الطائرات الحربية تقلع بشكل عادي لتنفيذ مهامها بأوكرانيا.

ولاحقا، نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني روسي أن مقاتلي فاغنر سيطروا على جميع المنشآت العسكرية في مقاطعة فورونيج التي تقع على الحدود مع أوكرانيا على بُعد 500 كيلومتر جنوب موسكو، بيد أن مراسل الجزيرة أفاد بأن حاكم المقاطعة نفى تحرك قوافل عسكرية داخل المنطقة.

وقبيل تأكيده السيطرة على المنشآت العسكرية بروستوف، التي تعد معقلا للعمليات العسكرية في أوكرانيا، كان قائد فاغنر قد حذّر من أي مقاومة يمكن أن تبديها أي هيئة أمنية أو عسكرية روسية، مشيرا إلى أن قواته ستعود للجبهة في أوكرانيا بعد تحقيق ما سماها العدالة.

وفي مقر القيادة العسكرية في روستوف، التقى مؤسس مجموعة فاغنر نائبَ وزير الدفاع ونائبَ قائد قيادة العمليات بهيئة الأركان، بحسب مقطع مصور نشرته قناة موالية لفاغنر على تليغرام.

وأكد بريغوجين أن رئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف هرب من المدينة حين علم باقتراب قوات فاغنر من مركز القيادة، وفق قوله.

مطلب وتهديد

وبعد ساعات من إعلانه أن قواته عبرت الحدود من أوكرانيا إلى جنوبي روسيا، نشر بريغوجين مقطع فيديو هدد فيه بالسيطرة على روستوف والتوجه لموسكو إذا لم يأت وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان لمقابلته، مؤكدا أنه وجنوده البالغ عددهم نحو 25 ألفا "مستعدون للموت"، وفي وقت لاحق نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة أن قافلة من مقاتلي فاغنر تضم نحو 5 آلاف مقاتل بقيادة ديمتري أوتكين تقترب من ضواحي موسكو.

وبعد ذلك بساعات، أعلن قائد مجموعة فاغنر في رسالة صوتية قراره إعادة مقاتليه إلى معسكراتهم بعدما كانوا على بُعد 200 كيلومتر من موسكو، وقال بريغوجين إن قراره محكومة بالرغبة في "حقن الدماء".

وقالت الرئاسة البيلاروسية إن بريغوجين قَبِل مقترح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بشأن وقف تقدم قواته نحو موسكو، وأضافت الرئاسة أن مقترح بيلاروسيا تضمن منح ضمانات أمنية لمقاتلي فاغنر.

وفي وقت سابق، نفى قائد المجموعة العسكرية الروسية الخاصة أن يكون بصدد القيام بتمرد، وكرر تصريحات سابقة بأن الجيش الروسي يتراجع على الجبهات في مواجهة الهجوم الأوكراني المضاد، متحدثا عن سقوط نحو ألف قتيل وجريح من الجنود يوميا.

وبعد توغلها في جنوبي روسيا، أعلنت قوات فاغنر أنها أسقطت مروحية وطائرة حربية من طراز سوخوي، وبثت صورا لإسقاط الطائرتين.

من جانبها، نشرت وسائل إعلام روسية صورا قالت إنها للحظة استهداف قافلة عسكرية لقوات فاغنر على طريق سريع في مقاطعة فورونيج (جنوب)، كما وقع انفجار كبير في خزان وقود بمدينة روستوف أثناء تحليق مروحية عسكرية فوقه.

وتأتي هذه التطورات غير المسبوقة في روسيا وسط خلاف محتدم بين قائد فاغنر ووزارة الدفاع حول إدارة المعارك في أوكرانيا، وكان بريغوجين اتهم مرارا القيادة العسكرية بأنها لا تمد قواته بما يكفي من الأسلحة والذخائر.

وقد نشرت حسابات موالية لمجموعة فاغنر صورا تظهر بريغوجين داخل مقر القيادة العسكرية الجنوبية في روستوف، وجنودا منتشرين في محيط المقر.

كما نشرت مواقع إخبارية روسية صورا تظهر انتشار دبابات في محيط مبنى قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية، وتظهر الصور توجيه الدبابات أسلحتها باتجاه المبنى.

بدورها، أفادت وكالة رويترز بأن مسلحين لم تتضح هوياتهم يطوّقون مقر الشرطة المحلية بمدينة روستوف على نهر الدون.

وكان قائد مجموعة فاغنر دعا للحشد لمواجهة القادة العسكريين، بعدما اتهم وزير الدفاع بإعطاء أمر بقصف قواته في أحد معسكراتها بأوكرانيا.

وتحدث بريغوجين عن سقوط عدد "هائل" من قواته في القصف الذي يقول إنه تم بأوامر من وزير الدفاع.

ونفت وزارة الدفاع أن يكون الجيش قصف قوات فاغنر في أوكرانيا، ووصفت تصريحات قائد هذه المجموعة بالاستفزازية.

الوضع بموسكو

في غضون ذلك، أعلنت لجنة "مكافحة الإرهاب" الروسية فرض ما تسميه نظام مكافحة الإرهاب بالعاصمة ومقاطعة موسكو تحسبا لما وصفتها بأعمال إرهابية.

وقبل ذلك، أعلن حاكم مقاطعة موسكو، أندريه فوروبيوف، تشديد الإجراءات الأمنية بالمقاطعة، في ضوء التطورات الأخيرة المرتبطة بتحركات قوات فاغنر.

وضمن الإجراءات الأمنية المعلنة، انتشرت مركبات مدرعة أمام المؤسسات المهمة في موسكو وبينها مقر البرلمان بينما ذكرت وكالة تاس نقلا عن وزارة النقل الروسية أن حركة المرور عبر نهر أوكا في العاصمة مقتصرة على 3 جسور، كما تم وقف حركة المراكب والسفن بشكل مؤقت في نهر موسكو.

وفي الإطار نفسه، تم إغلاق الطريق السريع "إم 4" الذي يربط موسكو بالمقاطعات الجنوبية على مسافة 400 كيلومتر جنوب العاصمة.

من جانبه، أعلن حاكم مقاطعة ليبيتسك الروسية (غرب) وقف حركة المرور على طريق "إم 4" عند الحدود الإدارية مع مقاطعتي روستوف وفورونيج، وطلبت السلطات المحلية من السكان البقاء في منازلهم وسط أنباء عن مرور رتل لقوات فاغنر بالمنطقة.

أما حاكم مقاطعة بريانسك الروسية على حدود أوكرانيا فقال إن الوضع مستقر، مضيفا أنه تم تعزيز الإجراءات الأمنية وأن جميع المرافق تعمل بشكل طبيعي.

وفي السياق، قالت سلطات مدينة سان بطرسبرغ (شمال غرب) إنها تواصل تشديد الإجراءات الأمنية في المدينة وإن الوضع تحت السيطرة، في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام روسية أن قوات الحرس الوطني الروسي دخلت مقر مجموعة فاغنر بسان بطرسبرغ.

العودة للثكنات

وقد وجهت وزارة الدفاع الروسية رسالة لمقاتلي فاغنر دعتهم فيها لإنهاء التمرد والتخلي عن قائدهم، وقالت إنه تم خداعهم في ما وصفتها بمغامرة بريغوجين الإجرامية والمشاركة في تمرد مسلح.

وقالت الوزارة إنها قدمت المساعدة في تأمين عودة عدد من مقاتلي فاغنر إلى نقاط انتشارهم، وإنها ستضمن أمن الجميع.

وفي وقت سابق اليوم، دعا الجنرال سيرغي سوروفيكين نائب قائد القوات الروسية بأوكرانيا قوات وقيادات فاغنر للتوقف والعودة لقواعدها.

بدوره، حث جهاز أمن الدولة الروسي -في بيان- مقاتلي فاغنر على عصيان أوامر قائدهم (بريغوجين) واتخاذ كافة التدابير والإجراءات لتوقيفه، معتبرا أن تصريحات بريغوجين وتصرفاته تمثلان دعوة لنزاع أهلي مسلح.

وكان جهاز أمن الدولة الروسي أعلن في وقت سابق أنه تم فتح تحقيق بشأن دعوة بريغوجين للعصيان، ويواجه قائد فاغنر اتهامات تصل عقوبتها إلى السجن 20 عاما.

وقال الكرملين إن وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز أمن الدولة يقدمون تقارير متواصلة للرئيس فلاديمير بوتين بشأن تنفيذ تمرد مسلح.

وقد تواترت الدعوات داخل روسيا لدعم الرئيس فلاديمير بوتين وصدرت الخصوص عن الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف (نائب رئيس مجلس الأمن الروسي)، وبطريرك موسكو وسائر روسيا، كيريل، ومجلس الدوما (الغرفة السفلى للبرلمان)، والخارجية الروسية.

دول تراقب الوضع

وفي ردود الفعل الخارجية، قال مجلس الأمن القومي الأميركي إن واشنطن تراقب تطورات الوضع في روسيا، وستتشاور مع الحلفاء بخصوصها.

وفي كييف، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أنها تراقب الخلاف المتصاعد بين مجموعة فاغنر والقيادة العسكرية الروسية.

واعتبرت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أن ما يجري في روسيا نتيجة صراع على السلطة وللحرب على أوكرانيا.

وقالت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والسويد ولاتفيا وإستونيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) إنهم يراقبون عن كثب التطورات في روسيا بينما وصف رئيس وزراء فنلندا ووزيرة الدفاع البلجيكية الوضع في وروسيا بالخطير. ووصف الاتحاد الأوروبي ما يجري في روسيا بأنه قضية داخلية.

بدورها، حذرت الخارجية البريطانية من اتساع نطاق الاضطرابات في روسيا، في حين قالت وزارة الدفاع إن ولاء قوات الأمن الروسية، لا سيما الحرس الوطني، خلال الساعات المقبلة سيكون حاسما، معتبرة أن الوضع الحالي يمثل التحدي الأكبر للدولة الروسية في الوقت الراهن.

من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون الدفاعية في مجلس العموم البريطاني إن ما يجري فرصة كبيرة لأوكرانيا لاستغلال ما وصفها بحالة التمرد والفوضى في روسيا.

المصدر : الجزيرة + وكالات